وفقاً للاستطلاعات؛ هناك مستوياتٌ عالية من تردد أخذ اللقاح بين الناس في أستراليا والعالم. تظهر هذه المشكلة خصوصاً بين البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاماً والذين من المقرر أن يتلقوا لقاح أسترازينيكا؛ حيث أصبحت هذه الفئة العمرية مؤهلّةً للحصول على لقاح فيروس كورونا. يدفع التردد بشأن تلقّي لقاح أسترازينيكا؛ والناجم إلى حدٍ كبير عن خطر الإصابة بجلطاتٍ دمويةٍ صغيرةٍ جداً، البعض إلى التساؤل هل الأنسب الحصول على لقاح أسترازينيكا أم فايزر؟
Australia's vaccine rollout is slowly picking pace. But still lagging behind other countries.
Perhaps we too need someone to be the public face of our vaccination campaign.Would love to hear from you. Should there be incentives to get people going? pic.twitter.com/EwMCbUwFJk
— News Breakfast (@BreakfastNews) May 13, 2021
لم يكن من المفيد تصريح وزير الصحة الفيدرالي «غريغ هانت»؛ الذي قال فيه أنه سيكون هناك إمداداتٌ كافية من لقاحات مودرنا وفايزر في وقتٍ لاحق من العام للأشخاص الحائرين بين تلقي لقاح أسترازينيكا أم فايزر، وقد تراجع هانت عن تصريحاته تلك فيما بعد. بالرغم من العديد من الرسائل المتناقضة، يجب عليك ألّا تنتظر حتى وصول لقاح فايزر أو مودرنا، فالحصول على لقاح أسترازينيكا الآن له العديد من المزايا.
مخاطر تجلّط الدم
تُعتبر متلازمة «تجلط الدم مع نقص الصفيحات» اضطراباً غير طبيعي يتسبب بتخثّر الدم؛ حيث ظهرت هذه المتلازمة بين العديد ممن تلقوا لقاح أسترازينيكا. من المهم التأكيد أنه من المنطقي أن تكون لديك مخاوف بشأن الآثار الجانبية الخطيرة المحتملة للقاح أسترازينيكا أو فايزر، أو أي لقاح آخر؛ ولكن التحدي يكمن في فهم حجم هذه المخاطر والنظر إليها بموضوعية ثم الموازنة بين المخاطر والفوائد قبل اتخاذ القرار.
المشكلة هي أن عقلك يخدعك بعدّة طرق عندما تحاول فهم هذه الأنواع من المخاطر. على سبيل المثال؛ نميل إلى تصوّر مخاطر النتائج السلبية النادرة جداً (مثل متلازمة تجلط الدم المرتبط بنقص الصفيحات) أكبر مما هي عليه في الواقع.
كما نميل أيضاً إلى التركيز على العواقب السلبية التي قد تنجم عن أفعالنا أكثر من تركيزنا على الآثار التي تنجم عن عدم القيام بها؛ أي أننا بشكلٍ عام أكثر قلقاً بشأن التأثير الضار المحتمل من تلقّي اللقاح مقارنة بالعواقب الخطيرة المحتملة جرّاء عدم تلقيه؛ وذلك غير منطقي طبعاً؛ لكنه إحدى الأخطاء التي نرتكبها عند معالجة المخاطر.
لقد تبين أن مخاطر تجلّط الدم المرتبط بلقاح أسترازينيكا لمن تبلغ أعمارهم أكثر من 50 عاماً منخفضة جداً. في أستراليا، يُقدّر أن هذه المتلازمة يمكن أن تحدث في المتوسط لدى 6 من أصل مليون شخصٍ قد يتلقّى اللقاح، كما تقلّ المخاطر بين من تزيد أعمارهم عن 50 عاماً؛ وهذا الاحتمال هو تقريباً نفس احتمال تعرضك لإصابةٍ خطيرة جرّاء الصواعق في أستراليا سنوياً.
والأهم من ذلك؛ وبالنظر إلى تحسّن عملية تشخيص هذه الحالة وعلاجها، فقد انخفض احتمال حدوث عواقب خطيرة من تجلّط الدم بشكلٍ كبير، لذلك تبدو مخاطر الإصابة بعواقب خطيرة أكثر ندرةً مما كنا نظن سابقاً، ولكي نفهم مخاطر تجلّط الدم المرتبط بمتلازمة نقص الصفيحات بموضوعيةٍ أكثر، من المفيد الإشارة إلى أننا نشهد حوالي 50 جلطة دموية لا علاقة لها بهذه المتلازمة يومياً في أستراليا.
فوائد لقاح أسترازينيكا لمن هم فوق 50 عاماً
في الواقع؛ تُعتبر فوائد تلقي لقاح أسترازينيكا كبيرةً لمن هم فوق 50 عاماً؛ سواء من الناحية الفردية أو المجتمعية. باختيارك التطعيم، فإنك تحمي نفسك من مخاطر العدوى المستقبلية، واحتمال الإصابة بأعراض كوفيد-19 الخطيرة التي تُعتبر مهددةً للحياة بشكلٍ جدي بالنسبة لمن هم فوق 50 عاماً، كما يعاني العديد ممن يُصابون بكوفيد-19 من أعراضٍ مستمرة وأحياناً مرهقة فيما بات يُعرف بـ «كوفيد طويل الأمد».
اقرأ أيضاً: لا تزول بعد التعافي مباشرة: تعرّف إلى آثار كورونا طويلة الأمد
هناك عاملٌ آخر يزيد التردد بشأن الحصول على أيّ من اللقاحين -لقاح أسترازينيكا أم فايزر- وهو التصور بأن لقاح فايزر أفضل منه؛ إلا أن البيانات الحديثة تُظهر أن فعالية كلا اللقاحين متقاربة أكثر مما كنا نعتقد سابقاً، فبالرغم من أن بيانات المرحلة الثالثة من التجارب السريرية أظهرت أن فعالية لقاح أسترازينيكا تصل إلى 70%؛ إلا أن البيانات الحقيقية الواردة من المملكة المتحدة تُظهر أن فعالية اللقاح تتراوح بين 85-90% في الوقاية من أعراض كوفيد-19، وتلك نسبةٌ تقارب نسبة فعالية لقاح فايزر التي بلغت 95%؛ والتي أُبلغ عنها في التجارب السريرية وعلى أرض الواقع أيضاً.
بالإضافة إلى فعاليته في الوقاية من الأعراض الخطيرة والموت من سلالة فيروس كورونا الأصلية؛ يبدو أن لقاح أسترازينيكا فعّال أيضاً بنفس القدر في الوقاية من المتغيرات الأخرى الأشد خطورةً من سلالة فيروس كورونا الأصلية؛ مثل المتغير البريطاني، كما تشير الدلائل الأولية إلى أن اللقاح فعّال أيضاً في الحد من انتقال الفيروس.
من المهم أيضاً أن ندرك -هذا ينطبق على جميع الفئات العمرية- أننا نتلقى التطعيم من أجل صحة المجتمع ككل، وليس من أجل صحتنا الشخصية فقط. بالرغم من أن جزءاً كبيراً من نجاح أو فشل برنامج التطعيم يرتبط بتحقيق مناعة القطيع؛ لكن لا نحتاج إلى الوصول إلى عتبةٍ معينة كي يستفيد المجتمع. كلّ لقاحٍ يُحدث فرقاً، لأنه كلما زاد عدد السكان الملقحين، زادت صعوبة انتشار الفيروس.
بالرغم من أنه ليس لدينا انتشارٌ مجتمعي كبير لفيروس كورونا في أستراليا الآن، وقد يمنحنا ذلك الشعور بالأمان في هذا المناخ، علينا تذكّر أن كل شيءٍ يمكن أن يتغير بسرعة، فقد رأينا كيف زادت الإصابات كثيراً في تايوان في الأسابيع الأخيرة بعد نجاحها نسبياً في الفترة الماضية في تجنّب فيروس كورونا.
احصل على اللقاح في أقرب وقت
ليس هناك سببٌ منطقي يدعو من تزيد أعمارهم عن 50 عاماً لانتظار لقاحٍ بديلٍ عن لقاح أسترازينيكا، وإذا اخترت الانتظار، فليس هناك ضمانةٌ بأن يكون البديل متاحاً في الوقت القريب؛ إذ أنك تخاطر بترك نفسك عرضةً للإصابة بفيروس كورونا في هذه الأثناء.
من خلال حصولك على التطعيم في أسرع وقتٍ ممكن؛ ستحمي نفسك من أعراض مرض كوفيد-19 الخطيرة، وستساهم بشكلٍ كبير في تجاوز مشكلة هذا الوباء؛ وبالتالي ستساعد في تقريب موعد فتح الحدود الدولية -في أستراليا (وفقاً للدولة التي يستهدفها المقال)- مجدداً.
هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً