لقاح مودرنا أظهر نتائج ممتازة: ماذا نتوقع مستقبلاً؟

3 دقائق

أعلنت شركة مودرنا للأدوية مؤخراً عن النتائج الأولية للقاح فيروس كورونا من إنتاجها؛ في مرحلة متأخرة من التجارب بناءً على البيانات الأولية. وفقاً لبيان صحفي أصدرته الشركة؛ فإن البيانات تظهر أن اللقاح كان فعالاً بنسبة 94.5% حتى الآن. ويُعد لقاح مودرنا ثاني لقاحٍ يتم الإعلان عنه ويحقق نتائج مبشّرة بعد أن أعلنت شركة الأدوية العملاقة «فايزر» عن فعالية لقاحها بنسبة تزيد عن 90%.

طورت شركة مودرنا لقاحها الجديد بالتعاون مع مركز أبحاث اللقاحات، وهو فرعٌ يتبع للمعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية والذي يرأسه أنتوني فوتشي. وتُعد شركة مودرنا جزءاً من برنامج «أوبريشن وارب سبيد»، وهي شراكةٍ بين القطاع الحكومي والخاص أطلقتها إدارة ترامب بهدف تسهيل وتسريع الوصول إلى لقاحٍ لفيروس كورونا. وبموجب هذه الشراكة، تلقت الشركة 2.5 مليون دولار من الحكومة الأميركية لدعم أبحاثها على تطوير وتصنيع اللقاح. بينما رفضت شركة فايزر أي أموالٍ من هذا البرنامج لتطوير لقاحها (رغم أن الشركة أبرمت صفقةً مع الولايات المتحدة تلزم البرنامج بدفع 1.95 مليار دولار للشركة لقاء توفير 100 مليون جرعة من اللقاح).

سجلت مودرنا 30 ألف شخصٍ في تجربة اللقاح التي اكتملت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. تلقى نصف هؤلاء جرعتين من اللقاح التجريبي، بينما تلقى النصف الآخر لقاحاً وهمياً. ثم انتظر الباحثون إلى أن يبلغ المشاركون في التجربة عن فحصٍ إيجابي لفيروس كورونا لمعرفة فعالية اللقاح، ثم تحققوا فيما إذا كان الشخص المصاب قد تلقى اللقاح التجريبي الحقيقي أو الوهمي. تقول الشركة إنها خططت للانتظار حتى يصاب 53 مشاركاً على الأقل بالفيروس، لكن الارتفاع الأخير في معدل الإصابات حول العالم أدى لارتفاع عدد المصابين المشاركين في التجربة بسرعة وقفز إلى 95 مصاباً. تبين للشركة أن 90 مصاباً منهم قد تلقى لقاحاً وهمياً، بينما تلقى الخمسة الباقون لقاحاً تجريبياً حقيقياً.

يقول د.فاوتشي في تصريحٍ لصحيفة نيويورك تايمز: «كنت سأشعر برضىً كبير لو أن فعالية اللقاح بلغت 75% فقط، لكن أن ترى فعالية اللقاح تصل حتى 95%، لم أكن أتوقع ذلك مطلقاً. إنه أمر يدعو للإعجاب حقاً».

تم تقييم هذه النتائج الأولية من قبل لجنة مراقبة سلامة البيانات المستقلة التي جمعتها المعاهد الوطنية للصحة، لكن بيانات النتائج لم تُنشر بعد في دوريةٍ عملية تخضع لمراجعة الأقران، مما دعا العديد من الباحثين الآخرين للتشكيك في النتائج.

عن لقاح مودرنا وفايزر

يَستخدم لقاحَا مودرنا وفايزر التكنولوجيا نفسها في التصنيع؛ والتي تعتمد على استخدام نسخةٍ اصطناعية من مرسال فيروس كورونا (mRNA)، والذي يحمل المعلومات الجينية من الحمض النووي إلى ريبوسومات الخلية، والتي تقوم بدورها بصنع البروتينات بعد ذلك. يحتوي اللقاح على mRNA الذي يحمل شيفرة تصنيع «بروتين الشوكة» الموجود على سطح فيروس كورونا، والذي يصيب الخلايا ويسبب مرض كوفيد-19.

بمجرد حقن اللقاح في الجسم، يتفاعل الجهاز المناعي مع هذه البروتينات ويولد خلايا يمكنها أن تهاجم الفيروس إذا واجهته مرة أخرى. في الواقع، بالرغم من استخدام لقاحات mRNA في اللقاحات التجريبية في السنوات العديدة الماضية، لم تُطرح مطلقاً في الأسواق سابقاً. إذا حصل لقاحا مودرينا وفايزر على موافقة إدارة الغذاء والدواء، سيكونان أول لقاحاتٍ متاحة للناس وتعتمد على mRNA.

ربما تساعد طبيعة اللقاحين، بالنظر إلى اعتمادهما على الرنا المرسال mRNA، في تهدئة المخاوف من آثاره الجانبية مع زيادة التطعيم. في الحقيقة، جميع اللقاحات لها معدل ضئيل من الآثار الجانبية السلبية، وعندما تُعطى لمجموعة سكانية بأكملها، يمكن أن تصبح هذه التأثيرات مشكلة. لكن من المعروف أن لقاحات mRNA آمنة للغاية بسبب طريقة تطويرها، وفي هذا الصدد، لم تبلغ الشركتان عن أي آثارٍ جانبية شديدة أو مخاوف تتعلق بالأمان حتى الآن.

يقول باري بلوم، أستاذ الصحة العامة بجامعة هارفارد، لصحيفة نيويورك تايمز: «إن تطوير لقاحين مختلفين فعّالين بواسطة شركتين مختلفتين اعتماداً على مبدأ mRAN الجديد، يؤكد أن هذه الإستراتيجية ليست قابلة للتطبيق لمكافحة فيروس كورونا وحسب، بل وحتى مع الأمراض المعدية التي قد تظهر مستقبلاً».

ماذا نتوقع مستقبلاً؟

لا تزال هناك بعض الأسئلة بشأن اللقاحات الجديدة. إذ أنه من السابق لأوانه معرفة مدة المناعة التي سيمنحها اللقاح (حتى أن الباحثين لا يزالون غير متأكدين من المدة التي تستمر فيها المناعة التي يكونها الجسم بشكلٍ طبيعي جراء إصابته بالفيروس). كما أن هذه التجارب الأولية جرت على الأشخاص الأصحاء غالباً، ولم تختبر مودرنا بعد اللقاح على الأشخاص الأكبر سناً أو الأطفال الصغار. علاوةً على ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان اللقاح يمنع المصاب من نقل الفيروس للآخرين أم لا، حيث يمكن للقاح أن يحمي الشخص من ظهور الأعراض، لكنه لا يمنعه من أن يكون حاملاً وينشر الفيروس للآخرين من حوله. إذا كان اللقاح يمنع كليهما، فسيؤدي ذلك دوراً مهماً في إبطاء انتشار الفيروس بالتأكيد.

يحتاج كلا اللقاحين الحصول على موافقة إدارة الغذاء والدواء في البداية، مع ذلك، تشير البيانات الأولية إلى إمكانية إتاحة اللقاحين مبدئياً للأفراد الأكثر عرضةً للمخاطر العالية قبل نهاية العام كما يقول فاوتشي في مقابلةٍ في برنامج تودي شو: «أتوقع أن تكون هذه اللقاحات متاحة للفئات المعرضة لخطر أكبر بحلول نهاية ديسمبر/كانون الأول».

تجري هذه العملية بسرعة غير مسبوقة، لذلك ما نزال في منطقة مجهولة حالياً، علينا الانتظار ورؤية مدى السرعة التي يمكن أن تتحرك بها موديرنا وفايزر لتوفير اللقاح.

هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً

المحتوى محمي