في وقتٍ سابق من الخريف الماضي، فتحت العديد من المطاعم أبوابها في الولايات المتّحدة والعالم أمام الزبائن، ليتناولو الطعام في الداخل، وتحديداً مع ازدياد برودة الطقس في بعض المناطق. الآن، ومع انفجار حالات كوفد-19 عبر البلاد، منعت بعض المدن والبلدات تناول الطعام في الأماكن المغلقة، بينما سمحت به أخرى تحت قيود محددة. مع ذلك، بعض المناطق لم تمنع ذلك قط.
استجاب أصحاب الأعمال الخاصة بالمطاعم وأماكن الاستضافة بشكلٍ عنيف، رافعين دعوات قضائية ضد منع تناول الطعام في الأماكن المغلقة، ومشيرين -في ولاية نيويورك مثلاً- إلى بيانات تبيّن أن المطاعم والحانات تسببت في 1.4% فقط من الحالات في هذه الولاية، وهذه نسبة أقل بكثير من التجمّعات الخاصّة.
سألنا 5 خبراء في الصحة حول ما إذا كانوا مستعدّين لتناول الطعام في مطعم أم لا؛ كان جواب 4 منهم «لا»، وواحد كان له جواب مفاجئ.
1. ليس خياراً مناسباً
تقول «لوري أركبالد-بانون»؛ أستاذ مساعد في الطب، جامعة فيرجينيا: «لا»، وتضيف: «آخر مرّة تناولت فيها الطعام في مطعم كانت في 21 مارس/ آذار الماضي، وعندها، كانت لدينا تخوّفات بسيطة، لكن تغيّر الكثير ذاك الأسبوع. غيّرت جائحة كوفد-19 العديد من مناحي الحياة الطبيعية، وبالنسبة لي، تناول الطعام داخل المطاعم كان أحدها.
كنت أحب تناول الطعام خارج المنزل، وكنت أفعل ذلك بشكلٍ اعتيادي 3 مرات أسبوعياً (وأحياناً أكثر)، لكن من فهمي لطريقة انتشار مرض كوفيد-19، أشعر أن قضاء الوقت في مكان مغلق دون قناع (حتى ولو لتناول الطعام فقط) ليس خياراً مناسباً لي. أعتقد بثقة أننا يجب أن ندعم مجتمعنا خلال هذه الأوقات الصعبة، لذا ما زلنا نحصل الطلبيّات من مطاعمنا المفضّلة على الأقل 3 مرات في الأسبوع (وأحياناً أكثر)، لكن سيستغرق الأمر وقتاً قبل أن أعود لتناول الطعام داخل المطاعم».
2. مخاطرة كبيرة
يقول «توماس إيه. روسو»؛ رئيس قسم الأمراض المعدية في كلية الطب وعلوم الطب الحيويّة في جامعة بوفالو: «لا، وهذا كان الجواب من البداية»، ويضيف: «لدينا معلومات إضافية الآن، لكن ما قلته في الربيع لم يتغير فعلاً. الخطر الأكبر الذي يساهم في الإصابة بفيروس كورونا هو التواجد في أماكن مغلقة دون استعمال الكمامات في كل الأوقات، فعند التواجد بقرب شخص ما يتكلم، فإن القطيرات التنفسية الكبيرة ليست عامل الخطر الوحيد، لكن جزيئات الهباء الجوي الصغيرة التي تكون معلّقة في الهواء هي أيضاً من العوامل المهمّة، وما يزيد الأمر خطورة هو التهوية السيئة في العديد من المطاعم. الفروق الحاسمة بين تناول الطعام في الأماكن المغلقة والتسوّق في متجر كبير هي:
1. المتاجر الكبيرة تكون مهوّاة بشكل أفضل وتحتوي على مساحات كبيرة لتحرّك الهواء.
2. يمكن للجميع ارتداء الكمامات في كل الأوقات.
3. لن تكون مقيّداً بالتواجد في مكان واحد، لذا، إذا رأيت أحداً يرتدي وشاحاً فقط أو كمامة تحت مستوى الأنف، يمكنك الابتعاد عنه.
4. أخيراً، من المفترض أن يستغرق التسوّق وقتاً أقل من تناول العشاء في المطعم. عندما تكون في المطعم، ستكون ملتزماً بطاولتك، وإذا انخرطت مجموعة من الأشخاص قربك في محادثة حيويّة، يمكن أن يولّدوا الكثير من المفرزات التنفسيّة.».
نظرت بعض الدراسات المثيرة للاهتمام في تدفّق الهواء والتيارات الهوائية في المطاعم، وعلاقتها بالأماكن التي أصيب الناس بها بالعدوى. في إحدى هذه الدراسات، كان شخص يبعد حوالي 6 أمتار من مصدر العدوى لمدّة 5 دقائق فقط، لكنّه كان في وجه تيار الهواء مباشرة وأصيب بالعدوى. هذا يجب أن يذكّرنا بما كنا نقوله من قبل، ألا وهو أن الحفاظ على مسافة مترين تقريباً ليس حلّاً سحرياً. يزيد الانتشار الواسع للمرض في الكثير من المجتمعات حالياً من احتمال أن يكون أحد الزبائن في المطعم مصاباً. إذا مللت من الطبخ واحتجت فترة من الراحة، فطلب الطعام من المطاعم هو الطريقة المثلى.
3. ثقة ممزوجة بالحذر
تقول «سو ماتيسون»؛ عميد وأستاذ في جامعة الصيدلة وعلوم الصحة في جامعة دريك: «نعم» وتضيف: «بصفتي اختصاصية في علوم الأوبئة، قد يبدو ردّي مفاجئاً أو منافقاً: فأنا أتناول الطعام في المطاعم المحلية، ولكن فقط لأنه في أبريل/ نيسان الماضي، ومثل أكثر من 17 مليون أميركي منذ ذلك الوقت، أُصبت بمرض كوفيد-19 وشُفيت. وفقاً لأحدث الأدلة، أعتقد أن لدي مناعة في الوقت الحالي، وربما تدوم فترة أطول، لكنني لا أخاطر حالياً.
لدي قائمة من 4 مطاعم أتناول فيها الطعام، وأثق بهذه المطاعم لأنها قللت بشكلٍ كبير من عدد الطاولات، وفصلت بينها بمسافة حوالي مترين على الأقل، كما أن الجميع بالداخل حريصون على ارتداء الكمامات. نطلب أنا وزوجي الكثير من الوجبات السريعة، ومع ذلك، من المهم إعادة التأكيد على أن الأدلة تشير إلى أن المطاعم مصدر كبير للعدوى، ويجب على أولئك الذين لم يتعافوا من كوفيد-19 الامتناع عن تناول الطعام في المطاعم حتى يتمكن المجتمع من التعامل بشكل أفضل مع انتشار العدوى».
4. تضحيات قصيرة الأمد
يقول «رايان هويرتو»؛ طبيب في أمراض العائلة، وباحث في الخدمات الصحيّة، ومحاضر سريري في جامعة ميشيغن: «لا» ويضيف: «أوصي بشدة بعدم تناول الطعام في الأماكن المغلقة، على الرغم من أنني أفهم أن هناك العديد من العوامل المتعلّقة بتناول الطعام في الأماكن المغلقة؛ مثل تبعات العزل الاجتماعي على الصحة العقلية، وفرصة دعم الشركات الصغيرة وبرودة الطقس.
إنّ خطر الإصابة بفيروس كورونا من خلال القيام بالأنشطة في الأماكن الداخلية أكبر بكثير من خطر الإصابة به من الأنشطة الخارجية التي يقوم بها الأشخاص، وهم على مسافات بعيدة من بعضهم. من المحتمل أن يكون الارتفاع الأخير في عدد الإصابات والوفيات ونقص الأسرّة في غرف العناية المركزة مرتبطاً بالتجمعات الداخلية خلال الأعياد والمناسبات.
في 22 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بُلّغ عن 201,674 إصابة و3239 حالة وفاة بسبب كوفد-19؛ ما يقابل عدد الوفيّات هذا ما يقرب من تحطّم 20 طائرة بوينج 737 في يوم واحد، وحتى مع الموافقة على لقاح كوفيد-19، فإن البقاء في المنزل والتباعد الجسدي وارتداء الكمامات ونظافة اليدين لا تقل أهمية عن أي وقت مضى. فكّر في هذه الممارسات على أنها تضحيات قصيرة الأجل للمساعدة في حماية أصدقائك وعائلتك وجيرانك والعاملين في الخدمات الأساسيّة. بدلاً من تناول الطعام في الأماكن المغلقة، يرجى التفكير في بدائل أكثر أماناً بشكلٍ كبير مثل خدمات توصيل الطعام».
5. المطاعم تشكّل خطورة كبيرة
تقول «كاثلين سي. براون»؛ أستاذ مساعد في مجال الممارسة ومدير برنامج الصحّة العامّة في كليّة التعليم والصحة والعلوم الإنسانية في جامعة تينيسي: «لا» وتضيف: «أفادت وكالة مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أن المرضى الذين ثبتت إصابتهم بالفيروس كانوا أكثر عرضة بمرتين لأن يكونوا قد تناولوا الطعام في مطعم في الأيام الـ 14 السابقة للاختبار من أولئك الذين ثبت أنهم غير مصابين. أنا أطلب الطعام من المطاعم بشكل منتظم، ولكن لا أتناول الطعام فيها.
ما لا أستطيع السيطرة عليه يشكّل خطراً، أقيم محادثات صريحة وصادقة مع العائلة والأصدقاء حول المكان الذي كنا فيه ومع من تخالطنا، ولهذا، تكون المخاطرة واضحة جداً ولكنها ليست غائبة. كلما زاد عدد الأشخاص الذين تخالطت معهم، زادت المخاطر، ولا يمكنني تقييم المخاطر التي يشكّلها الزبائن الآخرون أو الموظفون في المطعم. كل شخص في هذا المطعم لديه شبكة من الأشخاص الآخرين الذين يخالطهم تزيد مجتمعةً من خطر إصابتي بالمرض.
حالياً، ولاية تينيسي حيث أعيش، هي الولاية الثانية الرائدة في عدد الحالات لكل 100000 شخص؛ مما يعني أن الانتشار المجتمعي مرتفع. بلغة واضحة، هذا يعني أن هناك احتمالاً متزايداً أن أخالط شخصاً مصاباً إذا أكلت داخل مطعم، سواءً كان يُظهر أعراضاً أم لا. حالياً، سأستمر في طلب الطعام».
هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً