أصدر مركز السيطرة على الأمراض في الأسبوع الأخير من عام 2021 إرشادات جديدة لأول مرة منذ يوليو/تموز 2020 حول طرق العزل والحجر الصحي الخاصة بكوفيد-19. نصّت الإرشادات على تخفيض وقت العزل الموصى به لأي شخص لا تظهر عليه الأعراض إلى النصف، سواء تلقى اللقاح أم لا.
قالت "روشيل والينسكي"، مديرة مركز السيطرة على الأمراض، في تصريح لشبكة "سي بي إس" الإخبارية إن 90% من حالات انتقال المرض تحدث في الأيام الخمسة الأولى من العدوى. مع تسبب سلالة أوميكرون في موجة جديدة من حالات كوفيد-19 الخفيفة نسبياً، تحاجج الوكالة بأن هذه الخطوة ضرورية لتجنب الحاجة لإجراء حجر صحي كامل، أي عندما يتم عزل ملايين الأشخاص في وقت واحد. يمكن أن تكون عمليات العزل والحجر مدمرة من الناحية المالية مع انتهاء الإجازات الإلزامية مدفوعة الأجر والدعم المالي للشركات. أعرب أيضاً مركز السيطرة على الأمراض عن قلقه من أن أقسام الإطفاء وخدمات الطوارئ الطبية لن تتمكن من الاستجابة للمكالمات.
لكن العديد من الباحثين في الأمراض المعدية يشككون في التوصيات الجديدة أو يرفضونها تماماً، بحجة أن مركز السيطرة على الأمراض كان يجب أن يجمع المزيد من البيانات قبل إصدارها، أو كان ينبغي أن يفرض تطبيق المزيد من الآليات، مثل اختبارات المرض السريعة.
كتبت "ساسكيا بوبيسكو"، عالمة الأوبئة التي تدرس الأمن البيولوجي في جامعة "جورج ميسون"، في رسالة إلكترونية إلى موقع "بوبيولار ساينس": "ما يقلقني من إرشادات مركز السيطرة على الأمراض الجديدة هو أنها لا تفرق بين حالات العدوى الاختراقية وحالات العدوى بين الأشخاص غير الملقحين". (يبدو أن الأشخاص الذين تلقوا اللقاح يشفون من العدوى بشكل أسرع). أضافت بوبيسكو: "ما زلنا نتعلم المزيد عن سلالة أوميكرون، ومن السابق لأوانه القول إننا نشعر بالثقة في تقليل مدة العزل بشكل عام في مواجهة هذه السلالة المقلقة".
توافق "سوزان بتلر-وو"، ,التي تدرس وتدير اختبارات كوفيد-19 في مستشفى "المركز الطبي في جامعة جنوب كاليفورنيا" على ذلك، وتقول إنه على الرغم من أن العزل لمدة 5 أيام قد لا يكون بالضرورة مشكلة، إلا أنه هناك حاجة لاحتياطات أخرى، مثل إصدار إرشادات واضحة حول ارتداء الكمامات واستخدام الاختبارات السريعة أثناء العزل. تقول بتلر-وو: "نحن بحاجة إلى كمامات أفضل، وإلى استخدام الاختبارات السريعة. كما نحتاج إلى تثقيف الناس حول كيفية استخدام هذه الاختبارات"، وتضيف: "نحن نعلم أننا بحاجة إلى الجمع بين عدة آليات مختلفة لننجح، وأشعر أننا نتراجع هذا الشهر".
من الواضح أيضاً أن مركز السيطرة على الأمراض كان يتلقى طلبات من الشركات الكبرى التي تريد إعادة موظفيها إلى العمل. لكن لن يكون لدى الجميع خيار اتخاذ تلك الاحتياطات. تقول بتلر-وو إن الخطر يتمثل في أن أصحاب العمل سيستغلّون الإرشادات المريحة للضغط على الموظفين للعودة إلى العمل، حتى لو لم يشعروا بالأمان بسبب ذلك.
تقول بتلر-وو: "لا أعرف كم سيكون لدى الأشخاص قدرة ليقولوا لمُوظِفيهم 'لقد حصلت على نتيجة إيجابية في اختبار المستضدات ولا أشعر بأنني أستطيع العمل، على الرغم من أنني أشعر بتحسن أكثر من الأمس'".
بالإضافة لهذا كله، تعتبر الإرشادات نفسها معقدة. سنبدأ بعرضها، بعد ذلك، سنشرح عيوبها، وكيف يمكن أن تؤثر عليك بشكل خاص.
اقرأ أيضاً: لماذا يجب علينا جميعاً تلقي لقاحٍ معزز بعد ظهور متغير أوميكرون؟
ماذا يجب عليك أن تفعل إذا حصلت على نتيجة اختبار إيجابية؟
إذا حصلت على نتيجة إيجابية لاختبار كوفيد-19، يوصيك مركز السيطرة على الأمراض بأن تعزل نفسك لمدة 5 أيام على الأقل، بغض النظر ما إذا كنت قد تلقيت اللقاح أم لا. إذا لم تظهر الأعراض بحلول نهاية تلك الفترة، يوصيك المركز بإنهاء العزل دون إعادة الاختبار. إليك الحالات المحتملة:
نتيجة اختبار إيجابية دون ظهور أعراض
هذا يعني أنه من المحتمل أن تكون مصاباً ولكن دون ظهور أعراض. على الرغم من أنك قد تشعر أنك لست مصاباً، إلا أنك يمكن أن تنقل الإصابة للآخرين. اليوم الأول هو أول يوم كامل بعد أول اختبار بنتيجة إيجابية. يجب أن تعزل نفسك في المنزل حتى اليوم السادس. (راجع موقع مركز السيطرة على الأمراض للحصول على مزيد من التفاصيل حول ما يعنيه ذلك إذا كنت تعيش مع أشخاص آخرين). بعد ذلك، ينصحك المركز بارتداء كمامة عند التواجد مع الآخرين في جميع الأوقات لمدة 5 أيام أخرى.
ظهور الأعراض ثم الحصول على نتيجة إيجابية
اليوم الأول هو أول يوم كامل لك بعد أن بدأت تشعر بالمرض. إذا اختفت الأعراض بحلول اليوم الخامس، أو إذا كانت تخف، تنص إرشادات المركز على أنه يمكنك إنهاء العزل طالما أنك ترتدي الكمامة حول الأشخاص الآخرين خلال الأيام الخمسة المقبلة.
لسوء الحظ، فإن انخفاض شدة الأعراض هو مقياس ذاتي تماماً، ولم يستجب مركز السيطرة على الأمراض للأسئلة التي أرسلها موقع بوبيولار ساينس. يشير البيان الصحفي المصاحب لإصدار الإرشادات إلى أن اختفاء الأعراض يعني "اختفاء الحمى لمدة 24 ساعة"، ولكن العديد من الأشخاص، وخاصة الذين تلقوا اللقاح، قد يعانون من عدوى مصحوبة بأعراض لا تتضمن الحمى.
ليس من الواضح تماماً ما يجب عليك فعله إذا ظهرت الأعراض في اليوم الخامس. تنص الإرشادات على أنه "إذا كنت تعاني من الحمى، فاستمر في البقاء في المنزل حتى تتعافى". من المفترض أن تفعل الشيء نفسه بالنسبة للأعراض الأخرى، باستثناء فقدان التذوق والشم، والذي قال مركز السيطرة على الأمراض عدة مرات إنه يمكن أن يستمر لأسابيع أو أكثر بعد الإصابة.
الحصول على نتيجة إيجابية ثم ظهور الأعراض لاحقاً
لسوء الحظ، يجب عليك أن تبدأ العزل من جديد إذا ظهرت عليك الأعراض. اليوم الأول هو أول يوم كامل لك بعد أن تبدأ في الشعور بالأعراض. من هناك، اتبع الخطوات المذكورة أعلاه للعدوى المصحوبة بأعراض.
اقرأ أيضاً: 6 أسئلة تجيبك عن الإصابة بكوفيد-19 بعد تلقّي اللقاح
ما هي أنواع الكمامات المناسبة؟
لا يقدم مركز السيطرة على الأمراض الكثير من الإرشادات حول الكمامات. لكن من الواضح تماماً الآن أن كمامات "إن 95 إس" ومقابلاتها في الدول الأخرى ("كاي إن 95" وغيرها) أفضل من الكمامات الجراحية، والتي بدورها توفر وقاية أكثر من الكمامات القماشية. تقول بتلر-وو: "استخدم كمامة عالية الجودة"، وتضيف: "الخيار الأفضل هو كمامات إن 95". إذا لم تستطع الحصول على هذه الكمامات، استخدم الخيار الأفضل المتاح لك، إذ أن تغطية الكمامة الجراحية بأخرى قماشية هو خيار أفضل من استخدام أي منهما بمفرده. طالما أن لديك خيار أفضل، هذا ليس الوقت المناسب للخروج من المنزل مرتدياً كمامة اصطناعية رقيقة.
اقرأ أيضاً: ما زلت متردداً بشأن لقاحات كوفيد-19؟ اقرأ هذا إذاً
ماذا يجب أن تفعل إذا تعرّضت للفيروس؟
إذا أمضيت أكثر من 15 دقيقة على بعد نحو مترين من شخص حصل على نتيجة إيجابية، فمن المفترض أن تقوم بالحجر الصحي، إما إلى أن تصاب بالمرض، أو تكون واثقاً من عدم إصابتك به (مزيد من التفاصيل حول هذا أدناه). بالطبع، من الصعب تقدير الأوقات والمسافات في مجرى الحياة اليومية، كما أن سلالة أوميكرون تعتبر معدية أكثر بكثير من السلالات السابقة.
لذلك، ما لم يكن تفاعلك مع الآخرين قصيراً، وفي الهواء الطلق، ومع ارتداء الكمامة، فمن الأفضل التعامل معه على أنه تعرّض للفيروس. (على الرغم من أنه يجب الاعتراف بأن الحجر الصحي يمكن أن يضع أعباءً مختلفة على أشخاص مختلفين. إذ كنت تشك في تعرضك للفيروس، اتّبع إرشادات إدارة الصحة المحلية). إليك الطريقة التي يوصي بها مركز السيطرة على الأمراض الآن بالحجر الصحي.
حالة الأشخاص الذين تلقوا الجرعة المعززة، وجرعة من لقاح جونسون آند جونسون خلال الشهرين الأخيرين، أو الذين تلقوا جرعة ثانية من لقاح الرنا المرسال خلال الـ 6 أشهر الأخيرة
يوصي مركز السيطرة على الأمراض بارتداء الكمامة كلما كنت بالقرب من أشخاص آخرين لمدة 10 أيام. إذا ظهرت عليك الأعراض، قم بإجراء اختبار وابدأ في العزل. إذا لم تظهر عليك أعراض، انتظر 5 أيام بعد التعرض لإجراء اختبار، وذلك لأنه قد يستغرق الأمر بضعة أيام حتى تتراكم العدوى بشكل كافٍ لتظهر نتيجة إيجابية في الاختبار. بناءً على الإرشادات السابقة، يبدو أنه إذا كان هذا الاختبار سلبياً، يمكنك إنهاء الحجر الصحي.
حالة الذين لم يتلقوا اللقاح أو الذين لم يتلقوا الجرعات المعززة
احجر نفسك في المنزل لمدة 5 أيام. في اليوم الخامس، اخضع للاختبار. إذا كانت النتيجة سلبية، يمكنك مغادرة منزلك، لكن ارتدِ كمامة عندما تكون بالقرب من أشخاص آخرين. إذا بدأت تشعر بأعراض، اخضع للاختبار واعزل نفسك حتى تعرف النتائج.
اقرأ أيضاً: ما مقدار الوقاية التي يوفّرها فيتامين د من مرض كوفيد-19؟
بعض التحفظات على الإرشادات الجديدة
بينما بدأ الباحثون في الاتفاق على أن الإرشادات السابقة، والتي تنص على الحجر لمدة 10 أيام، ربما كانت أطول من اللازم بالنسبة للذين تلقوا اللقاح بالكامل، كان بالإمكان تطبيق خطوات وسيطة بين ذلك وتخفيض فترات العزل لجميع البالغين إلى النصف.
هناك بعض الصعوبات في تقرير قواعد إنهاء العزل، إحداها هي أنه لا يوجد اختبار مباشر يقيس درجة العدوى، إذ يعتمد مدى قدرة شخص ما على نقل العدوى على مزيج من العوامل الاجتماعية، والإصابات الإفرادية. إحدى الصعوبات الأخرى هي أن ما نعرفه عن ظهور العدوى أكثر مقارنةً بنهايتها. أيضاً، يبدو أن سلالة أوميكرون تتحرك عبر الخلايا والجسم بنمط مختلف عن السلالات السابقة، لكننا لا نعرف حتى الآن ما هو هذا النمط.
مع ذلك، لدينا بعض الأدلة، ففي دراسة أجريت على لاعبي الدوري الأميركي لمحترفي كرة السلة خلال موسم ارتفاع حالات الإصابة العام الماضي، بدا أن اللاعبين الملقحين يتخلصون من المواد الفيروسية بمعدل أسرع بيومين (5.5 يوماً بعد الذروة). يشير ذلك إلى أن القواعد يمكن أن تكون أكثر مرونة بالنسبة للأشخاص الذين تلقوا اللقاح.
الدليل الوحيد المنشور حتى الآن على سرعة الإصابة بعدوى أوميكرون هو دراسة أجراها مركز السيطرة على الأمراض على أسرة مكونة من 6 أفراد. أصيب 5 أفراد من هذه العائلة بسلالة أوميكرون. وفقاً لتلك الدراسة، انتقل الفيروس من مرحلة الإصابة الأولية إلى مرحلة ظهور الأعراض في غضون 3 أيام، وهو معدل أكبر بكثير من السلالات السابقة.
لكننا لا نعرف بعد ما يقتضيه ذلك على القدرة على العدوى. تشير بتلر-وو إلى العديد من النتائج التي تبين أن الكثير من الأشخاص يظلون يحملون فيروسات حية في أنظمتهم بعد فترة طويلة من ظهور الأعراض. وفقاً لدراسة أجريت في المملكة المتحدة، ظلت الفيروسات الحية موجودة في أجسام 20% من المشاركين بعد أسبوع من ظهور الأعراض. بناءً على ذلك، قد يكون من المنطقي أن يستمر العزل لبضعة أيام أخرى.
تقول بتلر-وو إنه ليس من الواضح ما إذا كان اختفاء الأعراض مرتبطاً بانخفاض كمية الفيروسات في الجسم، وتضيف أن السبب الضمني لقرار مركز السيطرة على الأمراض هو أن الأعراض تختفي، وبالتالي سيكون هناك عدد أقل من الفيروسات. لكن لا توجد بيانات تبين ذلك. تقول بتلر-وو: "نشهد حالات من أشخاص يملكون أحمالاً فيروسية هائلة ولكنهم يعانون من عدوى خفيفة، أو حتى عدوى بدون أعراض [في نهاية فترة العدوى]".
تتمثل إحدى طرق تقليل هذا الخطر في مطالبة الأشخاص بالحصول على نتيجة سلبية في اختبار سريع قبل إيقاف العزل. (تستمر اختبارات "بي سي آر" في إظهار نتائج إيجابية لمدة تصل إلى 3 أشهر). قد يكون هذا مطلباً صعباً نظراً لسعر الاختبارات وندرتها، وقالت والينسكي من قبل إن مركز السيطرة على الأمراض لم يقرر ذلك "لأننا لا نعرف كيفية أداء [الاختبارات السريعة] فيما يتعلق بالتنبؤ بقابلية انتقال العدوى في نهاية فترة العدوى". مع ذلك، كما أشارت بتلر-وو، فإن فحص الأشخاص الذين لديهم حمل فيروسي كبير بما يكفي ليحصلوا على نتيجة إيجابية يمكن أن يوفر المزيد من الوقاية.
لذا، إذا كنت تريد أن تكون أكثر حرصاً، ربما لديك طفل لم يتلقَّ اللقاح أو قريب مسن، فإليك بعض الخيارات. تقول بوبيسكو: "أشجع الأشخاص الذين طلبوا مني التأكد مما إذا كان بإمكانهم إنهاء العزل مبكراً وفقاً للإرشادات الجديدة على أن يخضعوا لاختبار سريع، ويتأكدوا من ارتداء الكمامات عالية الجودة ويقللوا من التفاعلات الاجتماعية"، ويتضمن هذا عدم تناول الطعام بالقرب من الآخرين. يمكنك أيضاً اتباع النموذج البريطاني، والعزل لمدة 7 أيام، يليها الخضوع لاختبارين سريعين بينهما يوم واحد.