من الواضح أنّ الولايات المتحدة لم تنجح حتى الآن في إبطاء انتشار فيروس كورونا، فقد أُبلغ في الأيام الثمانية الماضية عن مليون إصابةٍ جديدة بفيروس كورونا؛ وبذلك يصل عدد الإصابات التراكمي إلى أكثر من 11 مليون إصابة حتى ليلة الأحد في 13 ديسمبر/ كانون الأول. يعاني الغرب الأوسط حالياً من أعلى معدلات الإصابة، لكن معدلات الإصابة مرشّحة للارتفاع أيضاً في جميع الولايات -وبلدان العالم- مع اقتراب موسم العطلات.
قد يكون هناك أملٌ يلوح في الأفق للانتهاء من الجائحة، فقد ذكرت موديرنا أنّ لقاحها الأخير أظهر فعّالية بلغت نسبتها 94.5% في التجارب السريرية المبكرة، وذَكَر «أنتوني فاوشي» في برنامج «توداي شو» أنه من المحتمل أن يبدأ توزيع لقاحي «موديرنا» و«فايزر» أواخر الشهرا لجاري على الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا، مثل العاملين في مجال الرعاية الصحية، وكبار السن.
كان لقاح فايزر قد أظهر نتائج واعدة جداً في التجارب السريرية، ومع ذلك، من المهم في الوقت الحالي – أكثر من أي وقتٍ مضى- الاستمرار في الحرص على إبطاء انتشار فيروس كورونا والإنفلونزا مع اقتراب موسم الإنفلونزا. ينبغي الاستمرار في اتّباع الإجراءات الاحترازية؛ مثل غسل اليدين بشكلٍ متكرر، وارتداء الكمامات، والحفاظ على التباعد الاجتماعي، والبقاء في المنزل قدر الإمكان، وأخذ لقاح الإنفلونزا، فمن شأن تلك التدابير المُساعدة حمايتك وحماية المجتمع من انتشار المرض هذا العام.
تأثير كوفيد -19 على الخصوبة والإنجاب
إلى جانب أعراض كوفيد-19 التي نعرفها حتى الآن، من المحتمل أن تكون هناك عواقب طويلة المدى للفيروس الذي لم نصب به بعد؛ فقد أظهرت دراسة جديدة نُشرت في دورية «إي كلينيكال ميديسن»، أنه من عواقب الإصابة بفيروس كورونا المحتملة نقص عدد الحيوانات المنوية وجودتها بين الرجال المتعافين من الفيروس.
وجد الباحثون في الدراسة لدى فحص عينة من 6 رجالٍ توفوا جراء فيروس كورونا، و23 رجلاً كانوا ما زالوا يتعافون من الفيروس أنّ معدل انخفاض عدد الحيوانات المنوية وجودتها؛ كان أعلى بكثير مما هو عليه في المجموعة التي لم يُصب أفرادها مطلقاً. اكتشف الباحثون أنّ هناك مؤشرات على وجود التهابٍ ودم في الخصيتين لدى المتوفين، بينما أظهرت التحاليل أنّ 39% ممن كانوا يتعافون من المرض انخفض لديهم معدل الحيوانات المنوية رغم إنجابهم في الماضي، وبالإضافة إلى ذلك، كان لدى 61% من العينة المدروسة ارتفاع بمستويات خلايا الدم البيضاء.
من الجدير بالذكر أنّ حجم العينة المدروسة في هذه الدراسة كان صغيراً جداً، ورغم ذلك، فمن المحتمل ألّا تكون هذه النتائج عَرَضية، وربما تكون مرتبطة بالفيروس، ويمكن قبولها من الناحية الإحصائية، لكن لم تكن هناك بيانات متوفرة بشأن عدد الحيوانات المنوية أو جودتها قبل الإصابة بفيروس كورونا بالنسبة للعينة المدروسة، مما يعني أنّ الباحثين غير قادرين على تحديد ما إذا كان انخفاض عدد الحيوانات المنوية ناجمٌ عن الفيروس، أم بسبب مرضٍ سابق، لذلك هناك حاجة إلى إجراء مزيدٍ من الأبحاث للتحقق من نتائج هذه الدراسة.
هل يمكن أن يصاب الشخص بكورونا والأنفلونزا معاً؟
العدوى المشتركة بالإنفلونزا وفيروس كورونا ممكنة، وقد حدثت بالفعل في 3 حالات في الولايات المتحدة. بدأت الإصابات بفيروس الإنفلونزا بالارتفاع مع بدء موسم الإنفلونزا هذا العام بالتزامن مع استمرار الجائحة الحالية في الولايات المتحدة، ووفقاً للخبراء، فلا يوجد ما يمنع الإصابة بِكِلا الفيروسين في الوقت نفسه، وقد تم بالفعل الإبلاغ عن إصابة ثالثة موثقة بكلا الفيروسين هذا الأسبوع في مقاطعة سولانو في كاليفورنيا.
وبالرغم من أنّ عدد الإصابات المشتركة نادر حتى الآن، فإنّ ذلك -على الأرجح- يعود إلى أنّ موسم الإنفلونزا ما يزال في بداياته، ولم يصل إلى الذروة بعد في الولايات المتحدة. في الحقيقة، يعتقد الباحثون أنّ الإصابة بأحد الفيروسين يمكن أن تُضعِف جهاز المناعة، وتجعلنا أكثر عرضة للإصابة بالفيروس الآخر. تقول «تارا بوتون»، طبيبة في كلية الطب بجامعة بوسطن، لشبكة إن بي سي نيوز: «أظهرَت بعض الدراسات الأولية أنّ مَن يصاب بِكِلا الفيروسين ستكون وطأة المرض عليه أشد».
وفي هذا الصدد، يكتسب أخذ لقاح الإنفلونزا أهمية أكبر هذا العام؛ بالنظر إلى خطورة الإصابة بالعدوى المشتركة، حيث لن يساعدك اللقاح في الوقاية من الإنفلونزا وحسب، بل سيساعد أيضاً في منع انتشار الفيروس في المجتمع وتعريض الآخرين للخطر.
تبلُغ نسبة الوفيات جرّاء فيروس كورونا ضِعف معدل الوفيات الناجمة عن الإنفلونزا بين المرضى ذوي الحالات الحرجة. أظهرَت دراسة جديدة -هي الأولى التي تجري مقارنة مباشرة بين معدل الوفيات الناجمة عن كِلا الفيروسين- نُشرت الجمعة في دورية «حوليات الجمعية الأميركية لأمراض الصدر»، أنّ معدل الوفيات بين المصابين بحالةٍ حرجة بلغ 40% بالنسبة للمصابين بفيروس كورونا، بينما بلغ معدل الوفيات في نفس الفئة 19% بالنسبة للمصابين بفيروس الإنفلونزا.
لقد حاول الباحثون منذ بداية الوباء دراسة أوجه التشابه بين فيروس كورونا المستجد والإنفلونزا، وذلك نظراً لأنّ فيروس الإنفلونزا شديد العدوى أيضاً، ومسؤول عن دخول الكثير من الحالات إلى المستشفيات والوفيات سنوياً في الولايات المتحدة. وقد وجد الباحثون أنّ كِلا الفيروسين يمكنهما أن يتسببا بإصابة المريض بمتلازمة الضائقة التنفسية الحادة، لكنها تشيع أكثر في مرضى كوفيد-19 مقارنة بمرضى الإنفلونزا؛ مما قد يفسر سبب ارتفاع الوفيات جرّاء فيروس كورونا. ووجدت الدراسة أيضاً أنّ مرضى كوفيد-19 يحتاجون عموماً إلى البقاء على أجهزة التنفس الصناعي لفترة أطول، ومن المرجح أن يصابوا بالتهاب رئوي حاد أكثر من مرضى الإنفلونزا.
تحوّر فيروس كورونا يمكن أن يفاقم أعراض المرض
أظهرت دراسة حالة لأحد المرضى؛ يبلغ من العمر 45 عاماً في مستشفى بريجهام في بوسطن، أنّ فيروس كورونا يمكن أن يتحور بسرعة، وأدى ذلك إلى تفاقم العديد من الأعراض، ليتوفى لمريض في النهاية بعد 5 أشهر من إصابته.
وتتبَّعت الدراسة التي نُشرت الأسبوع الماضي في دورية «نيو إنجلاند جورنال أوف ميديسن»، إصابة الرجل خلال تلك الأشهر الخمسة. في تفاصيل الدراسة، كان المريض يعاني من اضطراب مناعة ذاتية موجود مسبقاً، ويتناول مثبطات المناعة القوية كجزء من روتين دوائه الطبيعي. نُقل أول مرة إلى المستشفى جرّاء إصابته بفيروس كورونا، ثم خرج بعد 5 أيام، ومع ذلك، فقد دخل إلى المستشفى 3 مرات خلال الشهرين التاليين. أظهرت الاختبارات أنّ الحمل الفيروسي كان يتناقص، لكنه يعود فجأة للارتفاع بحدة، ثم يعود للتناقص مجدداً بعد العلاج، ولكنه يعاود الظهور مرة أخرى. بعد دراسة حالته، وجد الباحثون أنّ المريض لم يُصب بفيروس كورونا مجدداً، ولكنّ الفيروس نفسه قد تحوّر داخل جسده.
من المهم أن نفهم أنّ الفيروسات تتغير باستمرار. لقد أظهرت الدراسة السابقة أن فيروس كورونا كان يتحور بالفعل، وليس مستغرَباً أن تظهر الأعراض مجدداً بعد أن يحدث ذلك. في الوقت الحالي، يقوم فريق من الباحثين من جميع أنحاء البلاد بدراسة الطفرات التي يمكن أن تحدث في فيروس كورونا، وفي حين أنّ هذه الدراسة قد تعطينا فكرة حول كيفية تحوّر فيروس كورونا بالضبط، وما قد ينجم عن ذلك، فإن ذلك لا ينبغي أن يكون ذلك مدعاة للقلق.
هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً