كِلى وعين اصطناعية وعلاج جيني لفقر الدم: أبرز الإنجازات الطبية في 2020

7 دقائق
مقطعٌ عرضي للكلى البشرية. الصورة: شانر ستوك

يعتقد الكثيرون أنّ عام 2020 كان الأسوأ على الإطلاق من الناحية الصحية بسبب تفشّي وباء فيروس كورونا، لكن للباحثين والعلماء رأي آخر. ذخِر هذا العام بالعديد من الإنجازات الطبية، والعلاجات الجديدة، وفيما يلي قائمة بوبيولار ساينس – العلوم للعموم لأبرز هذه الإنجازات.

علاج التهاب الكبد الوبائي سي في 8 أسابيع

يُعتبر التهاب الكبد المزمن تهديداً للصحة العامة، فهو يؤثر على 71 مليون شخص تقريباً حول العالم. يدرك حوالي نصف الأشخاص المصابين بالعدوى فقط أنهم مصابون، مما يعرضهم لخطر الفشل الكبدي والسرطان، ونقل الفيروس عن غير قصد إلى الآخرين. أثبت الباحثون فعالية دورة علاجية مدتها 8 أسابيع باستخدام عقار «جليكابريفير / بيبرنتاسفير» اليومي عن طريق الفم، وتمّت معالجة عدوى فيروس التهاب الكبد الوبائي المزمن «HCV» عند 98% من المرضى غير المعالجين سابقاً؛ والذين يعانون من شكل غير مصحوب بأعراض من تليف الكبد، ولم يتم اكتشاف فيروس التهاب الكبد الوبائي في الدم بعد ثلاثة أشهر من انتهاء العلاج.

أما بالنسبة لفترة العلاج، يمكن علاج المرضى؛ الذين يعانون من عدوى فيروس التهاب الكبد سي، ولا يعانون من تليُّف الكبد، بأدوية مضادة للفيروسات تؤخذ عن طريق الفم لمدة 8 أسابيع، ويتم علاج المصابين بتشمُّع الكبد لمدة 12 أسبوعاً على الأقل. سيسمح النظام لجميع المتخصصين في الرعاية الصحية بعلاج المرضى دون الحاجة إلى تأكيد حالة تليف الكبد. قد يساهم هذا النظام الدوائي المبسط في الجهود العالمية للقضاء على عدوى التهاب الكبد سي.

أول علاج وقائي من الصداع النصفي عبر الوريد

الصورة: بيكسلز

يؤثر الصداع النصفي على ما يقدّر بنحو 12% من البالغين؛ وهو اضطراب وعائي عصبي مرتبط بخلل في الخلايا العصبية الدماغية والأوعية الدموية، ويسبّب الاسترخاء المفرط أو تمدُّد الأوعية الدموية في الجمجمة. توجد عدة أدوية تستخدم لتسكين آلام الصداع النصفي، لكنها لا تعتبر علاجاً، وليست فعالة مع الجميع، بالإضافة إلى آثارها الجانبية في زيادة وتيرة الصداع وشدته. ظهرت أدوية جديدة للمساعدة في تجنُّب آلام الصداع النصفي، تُعرف هذه المركبات باسم «الأجسام المضادة أحادية النسيلة الببتيدية المرتبطة بالجينات»؛ وهي نوع من الأدوية المناعية، تم تصميمها للوقاية من الصداع النصفي، وهي «إرينوماب وجالكانيزوماب وفريمانيزوماب».

تعمل هذه الأدوية عن طريق منع نشاط جزيء يسمى« الببتيد المرتبط بجين الكالسيتونين CGRP»؛ والذي يرتفع عندما يتم إرسال نبضات الألم من العصب الثلاثي التوائم إلى الدماغ، وعندما يُطلق هذا الجزيء، يسبّب التهاباً شديداً في السحايا، وأغشية الدماغ، وألمَ نوبة الصداع النصفي. يتم إعطاءُ هذه الأدوية على شكل حقنة لمرة واحدة في الشهر. ينخفض عدد الأيام التي يحدث فيها الصداع شهرياً عند استخدام هذه الأدوية مقارنة بالأدوية الوقائية الأخرى بنسبة 50%، وفي فبراير/شباط، اعتمدت إدارة الأغذية والدواء الأميركية جميع مثبطات «CGRP»، كأول علاج وقائي من الصداع النصفي عبر الوريد.

أداة نانوية صغيرة بديلة عن المضادات الحيوية

يعاني حوالي مليوني شخص من عدوى مقاومة للمضادات الحيوية سنوياً ويموت حوالي 23 ألف منهم، فالجراثيم تطور مناعة سريعة ضد اقوى المضادات الحيوية، وبالتالي نحن نفقد القدرة على علاج العدوى، بسبب استخدام الكثير من المضادات الحيوية. الآن، يستخدم باحثون تجارب نانوية دقيقة لاختراق الأجزاء الجرثومية؛ التي تُمكّننا من إيصال المضادات الحيوية بدقة، بهدف إنقاذ الأرواح وقتل الجراثيم المقاومة.

يتم ذلك بفتح ثقوب بالآلات النانوية، تُدخل الأدوية من خلالها، ثم يتم تنشيط هذه الجزيئات المجهرية بالضوء، وتبدأ بالدوران بمعدل 3 ملايين دورة في الثانية، مما يؤدي إلى تفجير الخلية الجرثومية وقتلها. تمتاز هذه الطريقة بأنّ هذه الجزيئات انتقائية للجراثيم للغاية، فبدأ الأطباء يستعيضون عن استخدام المضادات الحيوية القديمة بها.

عين اصطناعية تحاكي العين البشرية

الصورة: Leilei Gu and Fantastic Color Animation Technology Co., Ltd.

نجح مهندسون بابتكار عين اصطناعية جديدة تحاكي الشكل الكروي للعين الطبيعية، تستطيع هذه العين معالجة أنماط الضوء في أقل من 19 مللي ثانية؛ وهو نصف الوقت الذي تتطلبه العين البشرية، وأنتجت صوراً ذات تباين أكبر وحواف أكثر وضوحاً. بدأ الباحثون بصنع رقائق ألمنيوم ناعمة بشكل نصف كروي، تحوي هذه الرقائق مسام نانوية يمكن أن تمر عبرها أسلاك نانوية من مادة «البيروفسكايت»؛ وهي مادة موصلة وحساسة للضوء تستخدم في الخلايا الشمسية، هذه الأسلاك رفيعة للغاية يبلغ طولها عدة آلاف من المليمترات، تحاكي بنية خلايا العين الطويلة والرفيعة المستقبلة للضوء.

وبعد الحصول على شبكية العين المصنّعة المنحنية، تم دمجها في عين اصطناعية تضمنت عدسة منحنية في المقدمة، ومن ثم تم ملؤها بسائل أيوني وهو نوع من الملح السائل الذي يمكن للجسيمات المشحونة أن تتحرك فيه، وبمجرد أن تولّد هذه الأسلاك النانوية رسوماً، يتم استبدال الشحنة ببعض الأيونات. يسمح هذا التبادل الكهربائي للأسلاك «البيروفسكايت» النانوية بأداء الوظيفة الكهروكيميائية لاكتشاف الضوء وإرسال هذه الإشارة إلى إلكترونيات معالجة الصور الخارجية.

مثبِّطات دوائية فعّالة لسرطان البروستات

يصاب واحد من كل 9 رجال بسرطان البروستات؛ الذي يُعتبر السبب الرئيسي الثاني للوفاة بالسرطان بين الرجال. بعض أنواع سرطان البروستات يتطلب إجراءات في شكل إشعاع أو جراحة أو علاج بالهرمونات أو علاج كيميائي أو علاجات أخرى، أما سرطان البروستات النقيلي «mCRPC» هو شكل غير قابل للشفاء من سرطان البروستات، ويستمر في النمو حتى عندما تنخفض كمية هرمون التستوستيرون في الجسم إلى مستويات منخفضة للغاية.

أثبتت الدراسات أنّ المثبِّطات الدوائية؛ التي تسمى مثبطات «PARP»، وهي «روكاباريب وأُلاباريب»، تؤخر تطوُّر سرطان البروستات لدى الرجال المصابين بالسرطان المقاوم. هذه المثبطات عبارة عن أدوية تم تطويرها لعلاج السرطانات الوراثية عند بعض النساء المصابات بسرطان المبيض والثدي، وعندما تم تطبيق هذه المثبطات على سرطان البروستات، أظهرت نتائج العلاج تحسُّناً ملحوظاً للبقاء على قيد الحياة بدون تقدم شعاعي بالمقارنة مع العلاجات المتبعة حالياً بهرمون الأندروجين، وعلى وجه التحديد، قللَ «أُلاباريب» من خطر تطوُّر المرض أو الوفاة بنسبة 66%، وأنتج «روكاباريب» معدل استجابة إجمالي بنسبة 44%.

إعادة بناء الثدي طبيعياً بعد الاستئصال بسبب السرطان

الصورة: منظمة بريست كانسر

يتم تشخيص واحدة من كل 8 نساء بسرطان الثدي، وبعد التشخيص يبدأ العلاج الكيميائي والإشعاعي وجراحة استئصال الثدي، ومن ثم يتم إجراء عملية زراعة للثدي لمن ترغب بذلك، لكن طوّر الأطباء نوعاً جديداً من جراحة إعادة بناء الثدي تعتمد على أنسجة جسم المريضة الطبيعية بالكامل، وبدون وجود أجسام غريبة. يتم استخدام أنسجة البطن والدهون والجلد التي تُرمى عادة في عملية شد البطن، ويتم إزالة الأوعية الدموية التي تسمى الأوعية الشرسوفية السفلية العميقة، وكذلك الجلد والدهون المرتبطة بها، من أسفل البطن ويُعاد بناء الثدي منها.

وبمجرد الانتهاء من ذلك، يصبح لدى المريضة ثدي من أنسجة طبيعية بالكامل بدلاً من الغرسات الصناعية التي يتم تجديدها باستمرار، ولكن على عكس عمليات الزرع، يمكن أن تستغرق الجراحة ساعات أطول، ويمكن أن يستغرق التعافي من أسبوع إلى أسبوعين، مع مخاطر أقل للإصابة بالعدوى. يمكن أيضاً أخذ الأنسجة من الجلد والدهون من الفخذ لإعادة بناء الثدي منها، وبدأ الباحثون أيضاً بفحص ربط الأعصاب في صدر المريضة بالأعصاب التي أُخذت مع الأنسجة من البطن لإعادة الإحساس إلى الثدي.

جهاز جديد لإيقاف نزيف ما بعد الولادة

يؤثر النزيف التالي للولادة في 1 إلى 5% من النساء. إذا لم ينقبض الرحم بقوة كافية بعد ولادة الطفل، فإنّ الأوعية الدموية في المنطقة التي كانت المشيمة ملحَقة بها تظل مفتوحة، مما يؤدي إلى استمرار النزف بسبب عدم انقباض الرحم الذي يسبب تعريض الأم لنقل الدم أو إجراءات طويلة غير مريحة، وحتى استئصال الرحم في بعض الحالات الطارئة.

ابتكَر باحثون آلية علاج جديدة تعتمد على وضع جهاز يتكون من حلقة سيليكون ناعمة على شكل دمعة في الرحم، ويؤدي الشفط اللطيف إلى تقليص حجمها، مما يؤدي إلى ضغط الأوعية الدموية بحيث يتوقف النزيف. إنّ حركة الانكماش التي يتم تحقيقها باستخدام الشفط الفراغي أمر طبيعي للجسم، ويحاكي حركة الانكماش بعد الولادة الناجحة. يوفّر هذا الجهاز حلاً سريعاً ومنخفض التكلفة؛ في إحدى التجارب السريرية، تمت السيطرة على النزيف في غضون دقيقتين، وفقدان القليل من الدم.

دواء جديد لعلاج مرض التصلُّب المتعدد

مرض التصلُّب العصبي المتعدد هو مرض مناعي ذاتي يهاجم فيه الجهاز المناعي للجسم الأغماد العصبية؛ التي تساعد في تسريع انتقال السيالات العصبية داخل الدماغ وفي جميع أنحاء الجسم. يصيب بدايةً أعصاب المخ والحبل الشوكي، ويؤدي في النهاية إلى الشلل عند العديد من المرضى. وجدت دراسة أنّ دواءً معدِّلاً للمناعة يسمى «وفاتوموماب» يمكنه إيقاف نشاط المرض الالتهابي في الغالبية العظمى من المرضى الذين يعانون من التصلُّب المتعدد متكرر الانتكاس، وهو الشكل الأكثر شيوعاً للمرض.

يستهدف العلاج الخلايا البائية في الجهاز المناعي لخنق مرض التصلب العصبي المتعدد. تلقّى أكثر من 900 مريض العقار عن طريق الحقن لمدة سنة ونصف، ووجد الباحثون أنّ هذا العقار تسبّب في انخفاض الالتهابات الجديدة في الدماغ، فضلاً عن عدد أقل من الانتكاسات السريرية وإيقاف تقدم المرض. في السنة الثانية من العلاج، لم يُظهر 9 من كل 10 من المرضى المُعَالَجين أي علامات على نشاط المرض. يتم إعطاء «اوكريليزومب» بالتسريب كل ستة أشهر، بينما يمكن حقن «وفاتوموماب» تحت الجلد مرة واحدة شهرياً باستخدام قلم الحقن الذاتي.

جهاز لمراقبة القلب أصغر من طابع البريد

الصورة: جامعة بيردو

ابتكر باحثون في جامعة بيردو شاشة متطورة أصغر حجماً وأرق من طابع البريد تمنح الأطباء خياراً جديداً لمراقبة صحة القلب، بديلاً عن القياس التقليدي لتخطيط القلب الذي يتطلب رُقعاً وأسلاكاً من أجل القراءة. الجهاز الجديد عبارة عن مولد نانوي كهربائي يمكن ارتداؤه، وهو جهاز عرض صغير مصنوع من كحول البولي فينيل، يبدو وكأنه مربع صغير من البلاستيك المرن، يمكن ربطه بسهولة بأي جزء من الجسم. ويشبه تماماً أنسجة البشرة العلوية.

عندما يتم وضع الجهاز في نقطة نبض مثل الرسغ، يمكنه التقاط ونقل معلومات القلب والأوعية الدموية، وقد يساعد هذا الجهاز الأطباء في الكشف عن أمراض القلب والأوعية الدموية الشائعة، مثل مرض الشريان التاجي ومرض نقص تروية القلب. تستخدم الشاشة أيضاً الكهرباء الساكنة للتشغيل الذاتي، مما يعني أنها لا تحتاج إلى بطارية أو شحنة كهربائية لتشغيلها.

كِلى اصطناعية تحل محل غسيل الكِلى

يعاني ملايين الأشخاص من الفشل الكلوي الذي تتوقف فيه الكليتان عن العمل، القليل من هؤلاء الأشخاص مؤهلون لعملية زرع الكِلى، والآخرون ليس لديهم خيار آخر غير ربطهم بجهاز غسيل الكلى لعدة ساعات في اليوم 3 مرات في الأسبوع، ويستمر ذلك حتى تتوفر كلية من متبرع ثم يخضع المريض لعملية الزرع. طوّر الباحثون الآن كلية اصطناعية قد تمنح المرضى فرصة لحياة خالية من غسيل الكِلى. يقع المقر الرئيسي لمشروع الكِلى هذا في جامعة كاليفورنيا الأميركية، يأمل الباحثون في الحصول على هذا الجهاز في التجارب السريرية البشرية في غضون عامين لمساعدة المصابين بالفشل الكلوي.

ستؤدي الكلية الاصطناعية وظائف الكِلى الأساسية التي لا تعوض عنها علاجات غسيل الكِلى التقليدية، ولها نفس حجم الكلية الطبيعية وتعمل على مدار الساعة. سيتم زرع هذا العضو الاصطناعي الأول من نوعه في البطن ليحل محل الكلية التالفة أو المريضة دون الحاجة إلى أدوية مثبطة للمناعة، وبأقل من ثلث تكلفة غسيل الكِلى المزمن. تحتوي هذه الكلية على مزرعة من خلايا الكِلى البشرية، والتي تساعد على تصفية دم المريض عن طريق إعادة امتصاص العناصر الغذائية وتوجيه السموم والمياه الزائدة و البول، إلى المثانة للتخلص منها. ستساعد أيضاً في تنظيم ضغط الدم وإنتاج الهرمونات التي تعد ميزة مهمة على علاجات غسيل الكلى.

العلاج الجيني لاعتلالات الهيموجلوبين المنجلي

اعتلالات الهيموجلوبين هي اضطرابات وراثية تؤثر على بنية جزيء الهيموجلوبين الذي هو البروتين الأحمر المسؤول عن نقل الأكسجين في الدم. تنشأ اضطرابات الهيموجلوبين عندما يكون جين بيتا جلوبين غير فعال. أكثر اعتلالات الهيموجلوبين شيوعاً هي مرض فقر الدم المنجلي والتلاسيميا، يولد أكثر من 330 ألف طفل مصاباً بأحدهما كل عام حول العالم. يتسبب مرض فقر الدم المنجلي  تشوُّه جزيئات الهيموجلوبين والكريات الحمراء، أما في اضطراب الثلاسيميا توجد كمية أقل من الهيموجلوبين عن الطبيعي، وفي كليهما، يُحرم الجسم من الدم والأكسجين الكافي، ويتعرض المريض لعمليات نقل الدم المتكررة.

توصّل الباحثون إلى آلية علاج جديدة، تعتمد على إضافة نسخ وظيفية من شكل معدل من جين بيتا جلوبين إلى الخلايا الجذعية التي تكوّن دم المريض، وبالتالي يمنح هذا العلاج المرضى القدرة على صنع جزيئات الهيموجلوبين الوظيفية، وبالتالي خلايا الدم الحمراء الوظيفية. بهدف الحد من وجود خلايا الدم الحمراء المنجلية وانحلال الدم والمضاعفات الأخرى، يمثل هذا العلاج الجديد أول علاج جيني على الإطلاق لأي من هذه الحالات.

المحتوى محمي