أشارت نتائجٌ جديدة توصل إليها فريقٌ دولي من الباحثين إلى أن الأشعة الكونية للكربون والأكسجين والهيدروجين تنتقل عبر المجرة باتجاه الأرض بطريقةٍ مماثلة، إلا أن الحديد تحديداً يصل إلى الأرض بشكلٍ مختلف. ونُشرت تفاصيل النتائج في ورقةٍ بحثية ضمن دورية «فيزيكال ريفيو ليترز».
الأشعة الكونية هي نوى ذرية -ذرات مجردة من إلكتروناتها- تتنقل باستمرار في الفضاء بسرعة الضوء تقريباً. تدخل الغلاف الجوي للأرض بطاقات عالية للغاية. ويمكن أن تعطي المعلومات حول هذه الأشعة الكونية للعلماء أدلة حول من أين أتت في المجرة ونوع الحدث الذي ولّدها.
تقوم أداة في محطة الفضاء الدولية تسمى «تلسكوب الإلكترون المسعري» بجمع البيانات حول الأشعة الكونية منذ عام 2015. وتتضمن البيانات تفاصيل مثل عدد الذرات التي تصل إليها وأنواعها ومقدار الطاقة التي تحملها عند الوصول.
تصل الأشعة الكونية إلى الأرض من مكان آخر في المجرة على نطاق هائل من الطاقات؛ بين مليار فولت إلى 100 مليار فولت. تعد أداة «تلسكوب الإلكترون المسعري» واحدة من الأدوات القليلة للغاية في الفضاء القادرة على تقديم تفاصيل دقيقة حول الأشعة الكونية التي تكتشفها. يوضح الرسم البياني على تلك الأداة؛ المسمى «طيف الأشعة الكونية» عدد الأشعة الكونية التي تصل إلى الكاشف عند كل مستوى من مستويات الطاقة.
أطياف الكربون والأكسجين والأشعة الكونية للهيدروجين متشابهة جداً، لكن النتيجة الرئيسية من الورقة الجديدة هي أن طيف الحديد مختلف تماماً. وهناك عدة احتمالات لشرح الاختلافات بين الحديد والعناصر الثلاثة الأخف. يقول الباحثون إن الأشعة الكونية يمكن أن تتسارع وتنتقل عبر المجرة بشكلٍ مختلف.
الشيء الذي يسعى العلماء للتأكد منه هو أن الطريقة التي تصل بها العناصر من المصادر إلينا مختلفة، كما قد تكون المصادر ذاتها مختلفة أيضاً. ويعتقد العلماء عموماً أن الأشعة الكونية تنشأ من انفجار النجوم المستعرّات الأعظمية، لكن النجوم النيوترونية أو النجوم الضخمة جداً يمكن أن تكون مصادر محتملة أخرى.
يمكن أن تتحلل الأشعة الكونية في طريقها للأرض إلى جسيمات ثانوية، وقد يكون من الصعب التمييز بين الجسيمات الأصلية المقذوفة من المصدر والجسيمات الثانوية. وهذا يعقد الاستنتاجات المتعلقة بالمصدر الأصلي للجسيمات.
عندما تتفاعل الأشياء في طريقها إلينا، تمرّ بشكلٍ أساسي بتحوّلات من عنصر إلى آخر. لكن الحديد فريد من نوعه من حيث كونه أحد أثقل الأشياء التي يمكن تصنيعها في التطور النجمي المنتظم، لذا، فهو يحمل تقريباً كل الأشعة الكونية الأولية؛ الشعاع الكوني الأساسي النقي الوحيد.
تم تحسين «تلسكوب الإلكترون المسعري» للكشف عن إلكترونات الأشعة الكونية، لأن طيفها يمكن أن يحتوي على معلومات حول مصادرها. لكنه يكتشف أيضاً النوى الذرية للأشعة الكونية بدقة شديدة. إذ أن هذه النوى كذلك تقدم الآن رؤىً مهمة حول مصادر الأشعة الكونية وكيفية وصولها إلى الأرض.
ولم يكن من المتوقع لدى علماء الفلك أن النوى؛ مثل نوى الكربون والأكسجين والبروتونات؛ مثل الحديد، ستبدأ في إظهار بعض هذه الاختلافات التفصيلية التي تشير بوضوح إلى أشياء غير معلومةٍ بعد.
يثير الاكتشاف الأخير المزيد من الأسئلة أكثر مما يجيب، مع التأكيد على أنه لا يزال هناك المزيد لتعلمه حول كيفية إنشاء المادة وتحركها حول المجرة، وبالتالي، فهمٌ أكبر لكيفية عمل الكون.