استجابة مناعية قوية: لقاح «مودرنا» يثبت فاعليته ضد سلالات كورونا الجديدة

3 دقائق
كورونا حول العالم
shutterstock.com/ PalSand

أظهرت الدراسات الحديثة أن لقاح شركة «مودرنا» الأميركية المضاد لفيروس كورونا؛ يعمل ضد السلالات الجديدة الأكثر عدوى للفيروس؛ والتي ظهرت في المملكة المتحدة وجنوب إفريقيا، وتشير الاختبارات المخبرية المبكرة إلى أن الأجسام المضادة التي يطلقها اللقاح يمكنها التعرف على المتغيرات الجديدة ومكافحتها. لكن يبقى هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لتأكيد صحة هذا بالنسبة للأشخاص الذين تم تطعيمهم بالفعل.

لا تزال اللقاحات الحالية صامدة

تم تصميم اللقاحات الحالية حول السلالات السابقة للفيروس، لكن العلماء يعتقدون أنه لا يزال يتعيّن عليها العمل ضد السلالات الجديدة كذلك، نظراً لأنها تستهدف غلافه البروتيني «سبايك» بشكل أساسي، والذي لم يتغير بظهور السلالات. وهناك بالفعل بعض النتائج المبكرة التي تشير إلى أن لقاح شركتي «فايزر وبيونتيك» يحمي من السلالة البريطانية الجديدة.

أما بالنسبة لدراسة لقاح مودرنا، نظر الباحثون في عينات الدم المأخوذة من ثمانية أشخاص تلقوا الجرعتين الموصى بهما من اللقاح. لم تتم مراجعة النتائج بعد من قبل النظراء، ولكنها تشير إلى أن المناعة من اللقاح تدرك المتغيرات الجديدة. إذ أن تحييد الأجسام المضادة، التي يصنعها جهاز المناعة في الجسم، تمنع الفيروس بشكله الجديد من دخول الخلايا.

يبدو أن عينات الدم التي تعرضت للسلالة الجديدة تحتوي على أجسام مضادة كافية لتحقيق هذا التأثير المعادل، على الرغم من أنها لم تكن قويّة بالنسبة لسلالة جنوب إفريقيا كما كانت بالنسبة لسلالة المملكة المتحدة. وعليه، تقول مودرنا إن هذا قد يعني أن الحماية ضد السلالة الجنوب إفريقية قد تختفي بسرعة أكبر.

تختبر مودرنا حالياً ما إذا كان إعطاء جرعة ثالثة منشطة قد يكون مفيداً في هذا الصدد. كما تدرس الشركة أيضاً ما إذا كانت إعادة تصميم اللقاح ليكون أكثر ملاءمة للسلالات الجديدة سيكون مفيداً. إذ أوضح «ستيفان بانسيل»، الرئيس التنفيذي لشركة مودرنا، إن الشركة تعتقد أنه من الضروري أن تكون استباقياً مع تطور الفيروس ومواكباً له.

مراقبة طفرات كورونا

كورونا حول العالم
shutterstock.com/Jorieri scaled

استمرّ الباحثون لأشهر بفحص الإصدارات المحوّرة من فيروس كورونا في المخابر بهدف معرفة الطفرات التي تشكل أكبر خطرٍ لزيادة قابلية انتقال الفيروس أو قدرته على التهرب من جهاز المناعة. وتركّز الدراسات على الطفرات الرئيسية في السلالات الناشئة الرئيسية؛ التي يحتوي كل منها على مجموعة خاصة به من الطفرات، ولكن بعض الطفرات ظهرت في جميع السلالات، مما يعني أن هذه الطفرات الخاصة تساعد الفيروس على الانتشار.

إحدى الطفرات هي «N501Y»، التي تغير حمض أميني داخل مجال ربط مستقبلات بروتين «سبايك» على سطح الفيروس، وهو جزء من البروتين يلتصق مباشرة بالجزء الخارجي لبعض الخلايا البشرية. أظهرت الأبحاث السابقة أن هذه الطفرة يمكن أن تسمح للفيروس بالارتباط بشكل أكثر فعالية بمستقبلات «ACE2» الموجودة على الخلايا البشرية، مما يجعله أكثر قابلية للانتقال لدى البشر وحتى الحيوانات الأخرى. وفي سبتمبر/أيلول من العام المنصرم، وجدت دراسة نشرت في دورية «ساينس» أن تلك الطفرة جعلت فيروس كورونا أكثر عدوى في فئران المختبر.

ولكن لا يبدو أن هذه الطفرة في حد ذاتها تجعل الفيروس مقاوماً للقاحات الحالية. استخدمت شركة «فايزر»، بالشراكة مع بعض المختبرات، تقنيةً جينية لصناعة نسختين مخبريّتين متطابقتين من فيروس كورونا باستثناء وجود أو عدم وجود طفرة «N501Y». وفي دراسة أولية نُشرت في 7 يناير/كانون الثاني، نظر الفريق البحثي  في كيفية استجابة الأجسام المضادة لدى 20 مشاركاً لنوعي الفيروسات. واتّضح أن الأجسام المضادة  ترتبط  أيضاً بسلالة الفيروس التي تحتوي على الطفرة مثل تلك التي تفتقر إليها.

ومع ذلك، يعترف الباحثون بسهولة أحد القيود الرئيسية للدراسة: المتغيرات الجديدة لا تحتوي فقط على طفرات مفردة. على سبيل المثال، تحتوي السلالة البريطانية على ثماني طفرات مختلفة تؤثر على بروتين «سبايك». بينما تحتوي السلالة الجنوب إفريقية على طفرة أخرى مثيرة للقلق تسمّى بـ«E484K»، والتي تؤثر أيضاً على مجال ربط مستقبلات بروتين «سبايك» بالخلايا. ووجد باحثون في مركز «فريد هاتشينسون» الأميركي لأبحاث السرطان أن هذه الطفرة تلعب دوراً كبيراً في مدى ارتباط الأجسام المضادة ببروتين «سبايك» على سطح الفيروس.

لكن الأهم من ذلك، أن اللقاحات المصرح بها حالياً تخلق استجابات مناعية قوية حتى الآن، ولا يوجد دليل في الوقت الحالي على أن المتغيرات مع تلك الطفرة ستقاوم المناعة التي يسببها اللقاح، بل ستُنقص منها فقط، إن فعلت.

ماذا لو كانت اللقاحات بحاجة إلى تعديل؟

يضع مصنّعو اللقاحات الأساس للاستجابة بسرعة إذا كانت السلالات المستقبلية لا تستجيب للقاحات الحالية. إذ أن أي تغييرات يجب إحداثها في اللقاحات يجب أن تكون نتيجةً لملاحظات سريرية قوية تفيد بأن نوعاً جديداً ينتشر بين الأشخاص الذين تم تحصينهم بالفعل ضد فيروس كورونا.

تتمثل إحدى فوائد لقاحات «مودرنا» و «فايزر وبيونتيك» في إمكانية تحديثها بسرعة. لكن الباحثين يحذرون من أن الأبحاث المختبرية وعملية التصنيع ليستا سوى خطوتين في رحلة اللقاح الطويلة والمضمونة إلى ذراع شخص ما. إذا تم تحديث اللقاح، سيحتاج المنظمون الحكوميون إلى التحقق مما إذا كان لا يزال آمناً وفعالاً. كما يقول الباحثون إن السياسات التي تحكم التحديثات المنتظمة للقاح الإنفلونزا الموسمية يمكن أن توفر إطاراً جيداً للعمل إذا تطلّب الأمر. لكن تبقى هناك الحاجة لمعرفة كيفية التكيف مع القواعد العامة التي تُستخدم للإنفلونزا لهذا الفيروس الجديد.

يحتاج الباحثون بشكل حاسم إلى معرفة متى تظهر سلالات جديدة. إذ يحثّ الخبراء الحكومات في جميع أنحاء العالم على زيادة عمليات التسلسل الجيني لفيروس كورونا بشكل كبير ومشاركة البيانات الناتجة.

المحتوى محمي