أظهر فريقٌ بحثي من المعهد الوطني الأميركي للتصوير الطبي الحيوي والهندسة الحيوية، إمكانات نهج التعديل العصبي الذي يستخدم الموجات فوق الصوتية منخفضة الكثافة والطاقة عبر الجمجمة من أجل تثبيط الآلام؛ وذلك في ورقةٍ بحثيةٍ نُشرت في دورية «نيتشر كوميونيكيشنز» العلمية.
الموجات فوق الصوتية المركّزة عبر الجمجمة هي طريقة واعدة يمكن استخدامها لعلاج أشكال الألم المزمن من بين تطبيقاتٍ أخرى، وفي الحالات التي تشمل فيها الأعراض ألماً موهناً، فإن نبضات الموجات فوق الصوتية المتولدة خارجياً بترددات وشدة مضبوطة يمكن أن تمنع إشارات الألم.
يشتمل التعديل العصبي على مجموعة من الأساليب العلاجية لتخفيف الأعراض؛ مثل الألم أو الرعاش، أو لاستعادة الحركة أو الوظيفة. التنبيه العلاجي للخلايا العصبية باستخدام الطاقة الكهربائية أو المواد الكيميائية أو الموجات الصوتية، يمكن أن يضخم أو يخمد النبضات العصبية في الدماغ أو الجسم.
وتقدّم الإشارات الصوتية في شكل الموجات فوق الصوتية فئةً واعدةً من التعديل العصبي الذي سيكون نهجاً ذا قيمة خاصة لأنه غير جراحي؛ إذ لا يلزم إجراء جراحةٍ لزرع أقطاب كهربائية للتحفيز. تقدم الموجات فوق الصوتية تعديلًا مؤقتاً يمكن ضبطه للحصول على التأثير المطلوب، وأثبت الباحثون الآن أن لديه القدرة على استهداف الخلايا العصبية ذات الوظائف المحددة.
من أجل دراستهم؛ صمم الباحثون تجميعاً يتضمن محول طاقة بالموجات فوق الصوتية، وجهازاً يسجل البيانات من إشارات الخلايا العصبية؛ يسمى مصفوفة متعددة الأقطاب. وخلال التجارب على القوارض المخدّرة؛ اخترق الباحثون الجمجمة والدماغ بنبضات موجزة مختلفة من الموجات الصوتية، مستهدفين خلايا عصبيةً معينةً في قشرة الدماغ، وقاموا في نفس الوقت بتسجيل التغيير في الإشارات الكهربية من أنواع مختلفة من الخلايا العصبية باستخدام مجموعة الأقطاب الكهربائية المتعددة.
عندما يتم إرسال إشارة من خلية عصبية إلى أخرى؛ سواء كانت تشغل الحواس أو تتحكم في الحركة، فإن إطلاق تلك الإشارة عبر المشبك -أو التقاطع- بين الخلايا العصبية يسمى سبايك. هناك نوعان من الخلايا العصبية التي لاحظها الباحثون؛ وهما الخلايا العصبية الاستثارية والمثبطة. وعندما استخدم الباحثون الموجات فوق الصوتية المركّزة عبر الجمجمة لإصدار دفعات متكررة من التحفيز بالموجات فوق الصوتية مباشرةً على الخلايا العصبية الاستثارية، لاحظوا ارتفاع معدل إرسال الإشارات العصبية بين تلك الخلايا.
بينما لاحظوا أن الخلايا العصبية المثبطة التي تتعرض لنفس طاقة الموجات فوق الصوتية المركّزة عبر الجمجمة، لم تُظهر اضطراباً كبيراً في معدل انتقال الإشارات. أظهرت الدراسة أن إشارة الموجات فوق الصوتية يمكن أن تنتقل عبر الجمجمة لتنشيط مجموعات فرعية محددة من الخلايا العصبية بشكلٍ انتقائي، في الواقع تستهدف الخلايا العصبية ذات الوظائف المختلفة.
يعالج هذا البحث الحاجة غير الملباة لتطوير علاجات غير سامة وغير إدمانية وغير دوائية للاستخدام البشري.،كما أن تطبيقه له آثارٌ واسعة؛ إذ لا يقتصر الأمر على مرض واحد فقط، فبالنسبة للعديد من الأشخاص الذين يعانون من الألم والاكتئاب والإدمان؛ يُعتقد أنه يمكن استخدام ذلك التعديل العصبي غير الجراحي لتسهيل العلاج. وإذا تمكن الباحثون من تحديد مناطق الدماغ واستهدافها باستخدام الطاقة الصوتية والموجات فوق الصوتية؛ سيمكنهم معالجة عدد لا يحصى من الأمراض والحالات العصبية والنفسية.