اكتشف فريقٌ من الباحثين في جامعة «ساوثرن كوينزلاند» الأسترالية وجود شبكة من البحيرات تحت القشرة الجليدية في القطب الجنوبي لكوكب المريخ، وذلك باستخدام رادار «مارسيس» لدراسة جوف الكوكب الأحمر. ونُشرت تفاصيل هذا الاكتشاف في ورقة بحثية ضمن دورية «نيتشر أسترونومي» يوم أمس.
لم يسبق وأن أُثبت وجود قطرة ماءٍ واحدة على كوكب المريخ. لكن في عام 2018 وجد العلماء دليلاً على وجود خزان مياه جوفيّة في القطب الجنوبي للكوكب، فظنوا في البداية أنه تشكّل نتيجةً لظروفٍ خاصة كوجود بركانٍ تحت صفيحة الجليد، إلا أن اكتشاف شبكةٍ كاملة من البحيرات الجوفية يدلّ على أن تشكّلها كان بسيطاً وربما أمراً شائعاً كذلك.
استُخدمت ذات التقنيات التي تستخدم عادةً في البحث عن البحيرات تحت الجليدية في أنتارتيكا على الأرض، حيث رصد ارتداد موجات الراديو عن السطح وقياس صداها بحثاً عن تغيرات في الإشارة لتمييز التضاريس. ومن المعروف أن الماء يعد من أفضل المواد التي يمكن اكتشافها عندما يتعلق الأمر بعكس الإشارات الراديوية، لذا، عندما انعكست الإشارة من الجوف بشكل أفضل من انعكاسها عن السطح، استطاع الباحثون التأكد من وجود الماء الجوفي هناك.
أجرى الفريق البحثي المزيد من الأبحاث على مجموعة بيانات تمتد لعقد تقريباً، وفي تحليل جديد لتلك البيانات، وجدوا ثلاثة بقع واضحة عاكسة للإشارة لا تبعد عن موقع البحيرة الأولى التي اكُشفت عام 2018.
من المرجح أن يكون ذلك الماء شديد الملوحة، نظراً لانخفاض حرارة المريخ الشديدة، وقدّر العلماء درجة حرارة البحيرة عام 2018 بـ 68.15 درجة مئوية تحت الصفر، إلا أن الملح من شأنه أن يخفض عتبة التجمد فيبقي على الماء سائلاً حتى 123 درجة مئوية تحت الصفر.
اكتشاف المزيد من المياه الجوفية المالحة في المريخ سيمكن الباحثين أكثر من ملاحقة آثار أشكال الحياة التي كانت قد تطورت عندما كان الكوكب أشبه بالأرض في مراحلها الأولى من حيث المناخ الملائم ووجود الماء على السطح، أو حتى وجود بعض أشكال الحياة المكروبية التي لا زالت ناجية في هذه الظروف. كما سيكشف عن المزيد المعلومات فيما يتعلق بتاريخ المريخ المائي والمناخي.
ستجرى المزيد من الأبحاث حول وجود المياه الجوفية في مناطق أخرى على الكوكب الأحمر، وبالأخص أن هناك صفيحة جليدية كبرى أخرى في قطبه الشمالي ترجح ذلك.