تحتفل الأمم المتحدة واليونسكو باليوم العالمي للشعوب الأصلية في 9 أغسطس/آب من كل عام، وفي هذا العالم تطالب الأمم المتحدة بإدماج الشعوب الأصلية ومشاركتها في الحياة الاجتماعية والسياسية وفي الدستور.
عدم ترك أحد يتخلف عن الركب
يعيش أكثر من 476 مليون من الشعوب الأصلية في 90 دولة في جميع أنحاء العالم ، ويمثلون 6.2% من سكان العالم. دعت الأمم المتحدة واليونسكو إلى عقد اجتماعي جديد تصبح الشعوب الأصلية جزءاً لا يتجزأ منه، ورفعت شعار اليوم العالمي لعام 2021 «عدم ترك أحد يتخلف عن الركب: الشعوب الأصلية والدعوة إلى عقد اجتماعي جديد».
السكان الأصليون هم أصحاب تنوع كبير من الثقافات والتقاليد واللغات وأنظمة المعرفة الفريدة، لديهم علاقة خاصة مع أراضيهم، ولديهم مفاهيم متنوعة للتنمية على أساس وجهات نظرهم العالمية وأولوياتهم.
على الرغم من أن العديد من الشعوب الأصلية في جميع أنحاء العالم تتمتع بالحكم الذاتي، وأن البعض نجح في إقامة استقلال ذاتي بأشكال مختلفة؛ إلا أن العديد من الشعوب الأصلية لا تزال تخضع للسلطة النهائية للحكومات المركزية التي تمارس السيطرة على أراضيها وأقاليمها ومواردها.
الشعوب الأصلية وجائحة كورونا
كشفت جائحة فيروس كورونا عن العديد من أوجه عدم المساواة القائمة، وأثر تفاقم الوضع بشكل غير متناسب على السكان الأصليين في جميع أنحاء العالم؛ الذين كانوا يعانون بالفعل من الفقر أو المرض أو التمييز أو عدم الاستقرار المؤسسي أو انعدام الأمن المالي.
يعمل أكثر من 86٪ من الشعوب الأصلية على مستوى العالم في الاقتصاد غير الرسمي، مقابل 66٪ لنظرائهم من غير السكان الأصليين، ومن وجهة نظر الشعوب الأصلية؛ يكون التناقض أكثر وضوحاً في كثير من المجتمعات، ويحتاج العقد الاجتماعي -على أقل تقدير- إلى بعض المراجعة.
من المرجح أن يعيش السكان الأصليون في فقر مدقع بثلاث مرات تقريباً مقارنةً بنظرائهم من غير السكان الأصليين، وعلى الصعيد العالمي فإن 47٪ من السكان الأصليين العاملين ليس لديهم تعليم، مقارنةً بـ 17٪ من نظرائهم من غير السكان الأصليين؛ وهذه الفجوة أوسع بالنسبة للنساء.
ما هو العقد الاجتماعي؟
العقد الاجتماعي هو اتفاقية غير مكتوبة تبرمها المجتمعات للتعاون من أجل المنافع الاجتماعية والاقتصادية. في العديد من البلدان؛ طُرد السكان الأصليون من أراضيهم، وتشوهت ثقافاتهم ولغاتهم وتم تهميشهم من الأنشطة السياسية والاقتصادية، وأيضاً لم يتم إدراجهم في العقد الاجتماعي من البداية، تم عقد العقد الاجتماعي بين السكان المهيمنين.
على مدى السنوات والعقود الأخيرة؛ سعت مجتمعات مختلفة إلى معالجة هذا الأمر؛ من خلال الاعتذارات وجهود المصالحة، والإصلاحات التشريعية، وكذلك الإصلاحات الدستورية، بينما على المستوى الدولي تضمنت هذه الجهود اعتماد إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية والهيئات الاستشارية؛ مثل المنتدى الدائم المعني بقضايا الشعوب الأصلية.
على الرغم من وجود صكوك دولية للتصدي لأوجه عدم المساواة هذه؛ لم ينطلق الجميع في رحلة جماعية لضمان عدم تخلف أحد عن الركب؛ بما في ذلك الشعوب الأصلية. لذلك؛ هناك حاجة إلى بناء وإعادة تصميم عقد اجتماعي جديد كتعبير عن التعاون من أجل المصلحة الاجتماعية والصالح العام للبشرية والطبيعة.
يجب أن يقوم العقد الاجتماعي الجديد على المشاركة الحقيقية والشراكة التي تعزز تكافؤ الفرص وتحترم حقوق الجميع وكرامتهم وحرياتهم، وأكدت الأمم المتحدة أن للشعوب الأصلية حق في المشاركة في صنع القرار، وأن هذا عنصر أساسي في تحقيق المصالحة بين الشعوب الأصلية والدول.
اليونسكو والشعوب الأصلية
قالت أودري أزولاي؛ المديرة العامة لليونسكو، إن اليوم الدولي للشعوب الأصلية في العالم يمثل مناسبة للاحتفاء ﺑﻬذه اﻟﻤﺠتمعات ومعارفها، وأضافت: «الشعوب الأصلية؛ والتي تعد الوصية على الأرض وتمثل طيفاً عريضاً من الثقافات والتقاليد واللغات، لديها حكمة مثيرة للإعجاب يمكن التعويل عليها، شريطة الإصغاء لها».
وأكدت أزولاي في رسالتها لهذا اليوم أن الشعوب الأصلية تتفرد في قدرﺗﻬا على الإرشاد إلى سبيل تعزيز الاستدامة؛ لكنها معرضة بشدة للأخطار التي تنطوي عليها تحديات عالمنا المتغير، وقالت: «كانت مجموعات الأقليات -على سبيل المثال- أكثر عرضةً لعواقب أزمة فيروس كورونا من غيرها من فئات السكان، ولاسيما بسبب عدم المساواة في الانتفاع ﺑﺎلرعاية الصحية والمعلومات العامة».
وأضافت المديرة العامة لليونسكو أن الشعوب الأصلية تمثل 6.2% من سكان العالم، وتتحدث زهاء 4 آلاف لغة؛ لكن العديد من هذه الثقافات واللغات ﺑﺎتت معرضةً لخطر الاندﺛﺎر في الوقت الراهن. لذا؛ تكثف اليونسكو عملها لرفع أصوات هذه اﻟﻤﺠتمعات المحلية في جميع اﻟﻤﺠالات المشمولة في نطاق مهمة المنظمة.
يُذكر أن اليونسكو بوصفها الوكالة الرائدة؛ تتولى تنفيذ عقد الأمم المتحدة الدولي للغات الشعوب الأصلية، للفترة 2022-2032، بعدة سبل منها دعم نقل لغات الشعوب الأصلية على سبيل المثال، وكذلك من خلال إبراز قيمة معارف الشعوب الأصلية في معالجة المسائل البيئية، ومن خلال عمليات التبادل الخلاقة في إطار عقد الأمم المتحدة لإصلاح النظم الإيكولوجية، والمشاركة الفعلية للشعوب الأصلية في المحافل الدولية والسياسات المعنية ﺑﺎلتنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية.