يعد تناول الطعام بالخارج نشاطاً شائعاً في جميع أنحاء العالم، ولكن كان هناك القليل من الأبحاث حول ارتباطه بالنتائج الصحية. نظر الباحثون في العلاقة بين تناول الوجبات السريعة وخطر الوفاة، وخلصوا إلى أن تناول الطعام في الخارج بشكل متكرر يرتبط بشكل كبير بزيادة خطر الوفاة ولأسباب عديدة، مما يستدعي مزيداً من الأبحاث لاحقاً. ذلك وفقاً لنتائجهم التي نُشرت في دورية «ذا أكاديمي أوف نيوتريشن أند دايتيتكس» العلمية.
زيادة في خطر الوفاة على نطاق واسع
على الرغم من أن بعض المطاعم تقدم أطعمة عالية الجودة، إلا أن الجودة الغذائية للوجبات السريعة تكون عادةً أقلّ مقارنةً بالوجبات المطبوخة في المنزل. إذ أظهرت الدلائل أن الوجبات خارج المنزل تميل إلى أن تكون أعلى في كثافة الطاقة والدهون والصوديوم، ولكنها أقل في الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والعناصر الغذائية الوقائية مثل الألياف الغذائية ومضادات الأكسدة.
كما تشير الدلائل الناشئة، على الرغم من أنها لا تزال محدودة، إلى أن تناول الطعام في الخارج بشكل متكرر يرتبط بزيادة مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة؛ مثل السمنة والسكري والمؤشرات الحيوية للأمراض المزمنة الأخرى. ومع ذلك، لا يُعرف الكثير عن العلاقة بين تناول وجبات الطعام بعيداً عن المنزل وخطر الوفاة.
قام الباحثون بتحليل البيانات من الردود على الاستبيانات التي تم إجراؤها خلال المقابلات المنزلية وجهاً لوجه مع 35.084 من البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 20 عاماً أو أكبر. إذ أفاد المستطلعون عن عاداتهم الغذائية بما في ذلك تكرار تناول وجبات معدّة خارج المنزل. وتم ربط هذه السجلات بسجلات الوفيات حتى 31 ديسمبر/كانون الأول عام 2015، مع التدقيق بشكلٍ خاص على الوفيات الناجمة عن جميع الأسباب، ووفيات القلب والأوعية الدموية، والوفيات الناجمة عن السرطان.
وخلال متابعة البيانات على طول السنين، حدثت 2781 حالة وفاة، بما في ذلك 511 حالة وفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية و 638 حالة وفاة بسبب السرطان. وبعد تصنيفها حسب العمر والجنس والعرق والحالة الاجتماعية والاقتصادية والعوامل الغذائية ونمط الحياة ومؤشر كتلة الجسم، اتضح أن نسبة خطر الوفاة بين المشاركين الذين تناولوا وجبات محضرة خارج المنزل بشكل متكرّر -وجبتان أو أكثر في اليوم- كانت أعلى بشكلٍ ملحوظ مقارنةً بأولئك الذين نادراً ما كانوا يأكلون وجبات محضّرة خارج المنزل -أقل من وجبة واحدة في الأسبوع-
هذه واحدة من أولى الدراسات لتحديد العلاقة بين تناول الوجبات السريعة وخطر الوفاة. إذ تدعم هذه النتائج، تماشياً مع الدراسات السابقة، أن تناول الطعام في الخارج بشكل متكرر يرتبط بعواقب صحية ضارة إجمالاً، ويجب على الإرشادات الغذائية المستقبلية التوصية بتقليل استهلاك الوجبات المعدة بعيداً عن المنزل.
ولا تزال هناك حاجة لدراسات مستقبلية لإلقاء نظرة عن كثب على ارتباط تناول الطعام بالخارج بالموت بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان والخرف والأمراض المزمنة الأخرى.
الأطعمة الجاهزة والموت المبكر
تشير دراسات أخرى إلى أن الأشخاص الذين يتناولون الكثير من وجباتهم بالخارج قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية والموت المبكر. اذ تشير النتائج بإصبع الاتهام إلى الأطعمة «فائقة المعالجة»؛ وهي لا تشمل فقط الوجبات السريعة، ولكن أيضاً الخبز واللحوم المصنعة والصلصات والوجبات المجمدة التي يعتبرها كثير من الناس من المواد الغذائية الأساسية.
في إحدى الدراسات، تابع الباحثون أكثر من 100 ألف بالغ فرنسي لمدة خمس سنوات تقريباً. ووجدوا أنه كلما زاد عدد الأطعمة فائقة المعالجة التي تناولها الناس، زادت احتمالات إصابتهم بأمراض القلب أو السكتة الدماغية لأول مرة. حيث أن أولئك الذين تناولوا الأطعمة المصنّعة كانوا أكثر عرضة بنسبة 23% لمشاكل في القلب والأوعية الدموية مقارنة بأولئك الذين تناولوا كميات أقل.
ولم يكن ذلك فقط لأن هذه الأطعمة كانت غنية بالسكر أو الملح أو الدهون، أو لأن هؤلاء الأشخاص كانوا أثقل وزناً، أو يمارسون الرياضة بشكل أقل، أو كانت لديهم عادات أخرى غير صحية، بل بسبب أشياء أخرى تتعلق بالأطعمة عالية المعالجة التي تؤثر على الصحة.
أشار الباحثون إلى أن المواد المضافة أو الملوثات التي تتشكل أثناء معالجة الطعام لها آثار سلبية على التمثيل الغذائي ونظام القلب والأوعية الدموية. رغم عدم قدرتهم على إثبات السبب والنتيجة. لكن الرسالة واضحة: حاول تناول المزيد من الأطعمة الغنية والأطعمة المصنّعة بشكل رديء.
واستناداً إلى مجموعة شاملة من الأبحاث، فإن النظام الغذائي الأكثر صحة للقلب هو النظام الغذائي الغني بالأطعمة الكاملة؛ لا سيما الأطعمة النباتية مثل الفواكه والخضروات والبقوليات والحبوب الكاملة والمكسرات.