يتمثل الهدف الرئيسي للسترات الواقية في منع اختراق الرصاص أو شظايا الانفجارات للأنسجة الحساسة في جسم الإنسان؛ لكن ارتداء هذه السترات يشكل عبئاً بسبب وزنها الذي يصل إلى عدة كيلوغرامات. على سبيل المثال؛ يبلغ وزن نسيج الكيفلار (Kevlar) التقليدي الذي يُستخدم عادة في صناعة السترات الواقية نحو 4.9 كيلوغرامات لكل متر مربع، وبالتالي يكون وزن السترة الواقية ثقيلاً نظراً لمساحة النسيج اللازم لصنعها.
كيفلار مقاوم للرصاص
وثمة نوع جديد من ألياف الكيفلار يطوَّر حالياً بحيث يكون مقاوماً للرصاص بكفاءة المادة الأصلية نفسها؛ لكنه أقلَ سماكة وأخف وزناً منها. لن يكون هذا النوع الجديد من مادة الكيفلار مثل بدلة الشخصية السينمائية جون ويك (John Wick)، فهذا خيال يقتصر على أفلام هوليوود ولا يمكن تطبيقه في الواقع؛ ولكن تؤكد شركة دوبونت (DuPont) المصنّعة لهذه المادة أنها أخف وزناً بنسبة 30% من المادة الأصلية. إذا كان وزن ألياف الكيفلار العادية 4.9 كيلوغرامات لكل متر مربع تقريباً، فوزن المادة الجديدة يبلغ نحو 3-3.5 كيلوغرامات لكل متر مربع.
اقرأ أيضاً: المواد الصناعية تضاهي كافة مكونات الطبيعة في الوزن
يقول قائد أحد الأقسام العالمية في شركة دوبونت، ستيفن لاغانكي (Steven LaGanke): "لقد اخترعنا تكنولوجيا جديدة لصناعة الألياف".
إليك ما تجب معرفته حول كيفية عمل المادة المقاومة للرصاص عموماً، والفرق بين المادة الجديدة والمادة التقليدية.
كيف تعمل المواد المقاومة للرصاص وما مزايا المادة الجديدة؟
يجب أن تؤدي الطبقة المقاومة للرصاص مهمتين: أولاً، ضمان عدم اختراق الرصاص لها، وثانياً، امتصاص طاقة الرصاصة وتحويل هذه الطاقة إلى الرصاصة نفسها بحيث يتغير شكلها عندما تصطدم بهذه الطبقة لإضعاف قدرتها على الاختراق. يقول المدير العالمي في قسم التكنولوجيا بالشركة، جوزيف هوفانيك (Joseph Hovanec): "تعترض طبقة القماش الرصاصة ولكنها تتحرك كما لو كانت شبكة المرمى المشدودة التي تصطدم بها كرة البيسبول، فتنقل الضغط الناتج من الصدمة إلى الجسم وتسبب ضرراً؛ ولكن يجب ألا تكون الطبقة المضادة للرصاص رخوة فتتمدد بالكامل، لأن ذلك سيؤدي إلى اختراق الرصاصة ووصولها إلى الجسم،
لذلك يجب أن تكون الألياف المستخدمة قوية وغير قابلة للتمدد بشكل كبير جداً لكي تمنع اختراق الرصاص وتوفر الحماية المطلوبة، وستؤدي مقاومة تلك الألياف إلى تشوه الرصاصة، بسبب طاقتها الحركية وقوة دفعها. في الواقع، تمتص الطبقة المقاومة للرصاص هذه الطاقة، فتغير شكل الرصاصة إلى ما يشبه شكل الفطر ولا تسمح لها بتمزيق النسيج". إليك مقطع فيديو يحاكي هذه العملية.
مادة الكيفلار هي نوع من الألياف الصناعية التي تسمَّى "بارا- أراميد" (para-aramid)، وهي ليست النوع الوحيد المتاح في السوق؛ إذ تصنع شركة تيجين ليميتد (Teijin Limited) نوعاً آخر من ألياف البارا- أراميد يسمّى "توارون" (Twaron)، ويمكن استخدامه في صناعة السترات المضادة للرصاص. كما يمكن تصنيع بعض السترات المضادة للرصاص من مادة البولي إيثيلين (polyethylene) البلاستيكية.
اقرأ أيضاً: غسيل ملابسنا يغمر مياه القطب الشمالي بالبلاستيك
ويُعد الشكل الجديد لمادة الكيفلار، الذي يسمَّى "كيفلار إكسو" (Kevlar EXO)، من ألياف الأراميد على الرغم من اختلافه قليلاً عن مادة الكيفلار الأصلية؛ إذ تتكون مادة الكيفلار العادية من جزيئين من المونومرات (أحاديات القسيمة)، بينما يحتوي النوع الجديد على 3 مونومرات. يقول هوفانيك: "يساعد المونومر الثالث الإضافي على تحسين ترتيب الجزيئات التي تشكل الألياف على نحو يزيد من قوتها ومتانتها مقارنة بألياف الأراميد التقليدية مثل الكيفلار والبولي إيثيلين".
بشكل عام، يجب أن تلبي السترات الواقية معايير حددها المعهد الوطني للعدالة في الولايات المتحدة. تهدف مادة الكيفلار الجديدة إلى تحقيق معايير الحماية المطلوبة على الرغم من استخدام كمية أقل منها في تصنيع السترات الواقية، وذلك بفضل قوتها الكبيرة مقارنة بالنوع التقليدي. يقول هوفانيك: "على سبيل المثال؛ يبلغ سمك نسيج الكيفلار العادي 6.6 أو 6.8 ميليمترات تقريباً، بينما يمكن أن يصل سمك المادة الجديدة إلى 4.8 ميليمترات، وهذا انخفاض ملحوظ في سماكة المادة".
تمثل الطبقة الواقية من الرصاص، التي تتكون من مواد مثل الكيفلار والتوارون، جزءاً واحداً فقط من مكونات السترات الواقية. يقول هوفانيك: "توضع الطبقة الواقية من الرصاص داخل غلاف محكم الإغلاق لحمايتها، وتوضع طبقة من النسيج فوقها، وعندما ترى الشكل النهائي للسترة الواقية، ستلاحظ طبقات مختلفة من المواد فوق الطبقة الواقية لزيادة مستوى الحماية".