اتّضح لباحثين في جامعة نابولي الإيطالية أن مواقع الدفن الإسلامية السودانية كان يتم توزيعها وفقاً لعوامل بيئية واسعة النطاق وعوامل اجتماعية صغيرة النطاق؛ مما يشكّل نمط توزيعٍ يشبه المجرة؛ وفقاً لدراسةٍ نُشرت في دورية «بلوس ون» العلمية أمس - الأربعاء.
منطقة «كسلا» في شرق السودان؛ وهي موطنٌ لمجموعةٍ واسعة من الآثار الجنائزية، من المقابر الإسلامية لشعب «البجا» الحديث إلى تلال الدفن القديمة التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين، ولا يتوقع علماء الآثار أن هذه الآثار قد وُضعت بشكلٍ عشوائي.
من المحتمل أن توزيعها كان قد تأثر بالعوامل الجيولوجية والاجتماعية، ويمكن أن يوفر الكشف عن أنماط المناظر الطبيعية الجنائزية نظرةً ثاقبةً للممارسات الثقافية القديمة للأشخاص الذين قاموا ببنائها.
في هذه الدراسة، جمع الباحثون مجموعة بيانات تضم أكثر من 10 آلاف نصب جنائزي في المنطقة، موزعةً على مساحة 4000 كيلومتر مربع، تم تحديدها من خلال العمل الميداني والاستشعار عن بعد باستخدام صور الأقمار الصناعية.
ثم قاموا بتحليل ترتيب هذه المواقع باستخدام نموذج «Neyman-Scott Cluster»؛ الذي تم تطويره في الأصل لدراسة الأنماط المكانية للنجوم والمجرات، وأظهر هذا النموذج أن المدافن تتجمع بالمئات حول النقاط المركزية «الأم»؛ تماماً مثل تجمع النجوم حول مراكز الجاذبية العالية، ومن المحتمل أن تمثل تلك النقاط المركزية المقابر الأقدم ذات الأهمية.
يفترض الباحثون أن التوزيع الواسع النطاق للمقابر تحدده البيئة، ذلك بسبب تركز المدافن المركزية على مناطق ذات طبيعة مواتية ومواد بناء متاحة. ويبدو أن التوزيع ذو النطاق الأصغر هو ظاهرةٌ اجتماعية؛ حيث يتم بناء المقابر بشكلٍ شائع بالقرب من الهياكل القديمة؛ التي تتضمن مدافن عائليةً حديثةً أو مدافن قديمةً ذات أهمية تقليدية.
تعد هذه المرة الأولى التي يتم فيها تطبيق هذا النهج الكوني في البحث على علم الآثار؛ وهو ما يمثل أداةً جديدةً للإجابة على أسئلة حول أصول المواقع الأثرية.