استطاع فريق من الباحثين من مختبر «لورانس بيركلي الوطني» الأميركي، إجراء التجارب لأول مرة على عنصر «الأينشتانيوم» النادر، وتحديد خصائصه؛ ونُشرت الدراسة في دورية «نيتشر» العلمية أمس؛ الأربعاء.
يحتل عنصر الأينشتانيوم الموضع 99 في الجدول الدوري للعناصر، وتم اكتشافه عام 1952 في مختبر «لورانس بيركلي الوطني» الأميركي من حطام القنبلة الهيدروجينية الأولى. أجرى العلماء عدداً قليلاً جداً من التجارب عليه، بسبب صعوبة إنشائه مخبرياً؛ نظراً لأنه عنصرٌ مشعٌ على نحوٍ استثنائي، لكن الآن تغلّب فريقٌ من كيميائييّ مختبر بيركلي على هذه العقبات، واستطاعوا تحديد بعض خصائصه.
لدراسة العنصر وتحديد خصائصه، واجه الباحثون عدداً كبيراً من التحديدات، واستخدموا تقنيات جديدة؛ فلإجراء التحليل الطيفي للتلألؤ وتجارب مطيافية امتصاص الأشعة السينية، استخدم الباحثون مرافقَ تجريبيةً لم تكن متاحةً عندما تم اكتشاف الأينشتانيوم لأول مرة؛ منها «المسبك الجزيئي» في مختبر بيركلي، ومصدر أضواء «الإشعاع السنكروتروني» في ستانفورد؛ التابعَين لمكتب العلوم التابع لوزارة الطاقة الأميركية.
واستطاع الفريق صنع المادة في مُفاعل النظائر عالية التدفق، وهنا واجه الباحثون المشكلة الأولى؛ فقد كانت العينة ملوثةً بكمية كبيرة من عنصر «الكاليفورنيوم»، حيث أن صنع الأينشتانيوم النقي بكمية قابلة للاستخدام يمثّل تحدياً كبيراً، لذلك كان عليهم إلغاء استخدام علم البلورات بالأشعة السينية؛ الذي يعتبر المعيار الذهبي للحصول على معلومات هيكلية عن الجزيئات عالية النشاط الإشعاعي، لكنه يتطلب عينة نقية من المعدن، وبدلاً من ذلك، توصلوا إلى تصميم حامل عينة مناسب لعنصر الأينشتانيوم.
ولمواجهة التحلل الإشعاعي، أجرى فريق الباحثين تجاربهم على «أينشتينيوم-254»؛ أحد النظائر الأكثر استقراراً للعنصر. من التحديات أيضاً، العمر النصفي للعنصر؛ البالغ 276 يوماً، وهو الوقت الذي تستغرقه نصف المادة في التحلل، فقد بدأت التجارب قبل جائحة كورونا، واضطر الباحثون لإيقاف التجارب، وعند عودتهم للمختبر بعد انتهاء إجراءات الحجر الصحي، كانت معظم العينة قد اختفت.
كان لدى الباحثين أقل من 250 نانوجرام من العنصر، لكنهم تمكنوا من قياس مسافة رابطة الأينشتانيوم الأولى على الإطلاق؛ وهي خاصية أساسية لتفاعلات العنصر مع الذرات والجزيئات الأخرى، واكتشفوا أيضاً بعض الخصائص الكيميائية والفيزيائية للعنصر، وكانت مختلفة عما كان متوقعاً من سلسلة الأكتينيدات؛ وهي العناصر الموجودة في الصف السفلي من الجدول الدوري.
تكمن أهمية البحث في أنه بمجرد الحصول على الترتيب الذري للجزيء الذي يتضمن الأينشتانيوم، يمكن العثور على خصائص كيميائية مثيرة للاهتمام، وتحسين فهم الاتجاهات الدورية للجدول الدوري، واكتساب فهم أفضل وأوسع لخصائص سلسلة الأكتينيدات بأكملها؛ فهي تضم عناصر أو نظائر مفيدة لإنتاج الطاقة النووية أو الأدوية المشعة.