حذرت مؤسسة «أكسس تو ميدسن» ومقرها هولندا، من تفشي فيروس «نيباه» في الصين، الذي تصل معدل وفياته إلى 75%، ووصفته بأنه خطير، وقد يسبب جائحة كبيرة محتملة. ما قصة هذا الفيروس الذي قد نعاني منه مستقبلاً بعد فيروس كورونا؟
ظهور فيروس نيباه
سلط «جياسري لير»، المدير التنفيذي لمؤسسة «أكسس تو ميدسن» الضوء على تفشي فيروس نيباه في الصين، وحذر تقرير مستقل من أن أكبر شركات الأدوية في العالم، ليست مستعدة لوباء مُقبل، بسبب الاستجابة المتزايدة لتفشي وباء كورونا.
وحذرت مؤسسة «أكسس تو ميدسن» من أن فيروس نيباه مرض مُعد آخر ناشئ يسبب قلقا كبيراً، ويمكن أن ينتشر في أي لحظة، كما يمكن أن يشكل عدوى مقاومة للأدوية، وهو واحد من 10 أمراض معدية من أصل 16 تم تحديدها من قبل منظمة الصحة العالمية على أنها أكبر خطر على الصحة العامة حيث لا يوجد إنتاج لدواء خاص به في شركات الأدوية. وتشمل قائمة الأمراض المعدية أيضاً حمى الوادي المتصدع، الشائعة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ومرضَي ميرس وسارس، اللذين يصيبان التنفسي.
تفشي فيروس نيباه في الماضي
لم ينتقل الفيروس أبداً بشكل كبير بين البشر، وقد قتل 300 شخص فقط في حوالي 60 حالة تفشي حول العالم، لكن يكمن عامل الخطر بنسبة الوفيات التي تبلغ 75%. تم التعرف على فيروس نيباه لأول مرة في عام 1999 أثناء تفشي المرض بين مربي الخنازير في قرية نيباه في ماليزيا، وسمي الفيروس على اسم هذه القرية، ولم يتم الإبلاغ عن حالات تفشي جديدة في ماليزيا بعد ذلك. ثم سجلت إصابات به في بنغلاديش في عام 2001، وتكررت فاشيات سنوية تقريباً لكن دون انتشار واسع.
أيضاً تعرف على المرض بشكل دوري في شرق الهند، وكان التفشي الأكبر لفيروس نيباه في ولاية كيرالا جنوب الهند في عام 2018. وفي ذلك الوقت، حظرت دول مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة مؤقتاً واردات الفواكه والخضروات المجمدة والمعالجة من ولاية كيرالا نتيجة لتفشي المرض هناك. وقد تكون بلدان أخرى معرضة لخطر الإصابة، حيث تم العثور على أنواع «خفافيش الفاكهة» الحاضنة للفيروس في عدد من البلدان، بما في ذلك كمبوديا وغانا وإندونيسيا ومدغشقر والفلبين وتايلاند واستراليا وأفريقيا.
كيف ينتقل فيروس نيباه؟
بحسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية؛ نتجت معظم الإصابات البشرية بالفيروس خلال أول انتشار معترف به في ماليزيا، عن الاتصال المباشر مع الخنازير المريضة أو أنسجتها الملوثة، ويُعتقد أن الانتقال قد حدث عن طريق التعرض غير المحمي لإفرازات الخنازير، أو الاتصال غير المحمي بأنسجة خنزير مريض أو حيوانات أليفة الأخرى مثل الخيول والماعز والأغنام والقطط والكلاب التي أُصيبت بالفيروس أيضاً. أما في الفاشيات اللاحقة في بنغلاديش والهند، كانت بسبب استهلاك الفاكهة أو منتجاتها مثل عصير النخيل الملوثة بالبول أو اللعاب من خفافيش الفاكهة المصابة هو المصدر الأكثر احتمالاً للعدوى.
كما يمكن انتقال فيروس نيباه من إنسان إلى آخر بين أفراد الأسرة ومقدمي الرعاية للمرضى المصابين. فخلال تفشي الفيروس في بنغلاديش والهند، انتشر فيروس نيباه مباشرة من إنسان إلى آخر من خلال الاتصال الوثيق بإفرازات المرضى. ومن عام 2001 إلى عام 2008، كان حوالي نصف الحالات المبلغ عنها في بنغلاديش بسبب انتقال العدوى من إنسان لآخر من خلال توفير الرعاية للمرضى المصابين.
العلامات والأعراض والعلاج
بحسب منظمة الصحة العالمية؛ تتراوح العدوى البشرية من العدوى بدون أعراض إلى عدوى الجهاز التنفسي الحادة والتهاب الدماغ القاتل. يعاني الأشخاص المصابون في البداية بأعراض تشمل الحمى والصداع وآلام العضلات والقيء والتهاب الحلق، ويمكن أن يتبع ذلك دوار وخمول وتغير في الوعي وعلامات عصبية تشير إلى التهاب الدماغ الحاد. يمكن أن يعاني بعض الأشخاص أيضاً من الالتهاب الرئوي غير النمطي ومشاكل تنفسية حادة. يحدث التهاب الدماغ والنوبات المرضية في الحالات الشديدة، وتتطور إلى غيبوبة في غضون 24 إلى 48 ساعة. ويُعتقد أن فترة حضانة الفيروس تتراوح من 4 إلى 14 يوماً، ويمكن أن تصل إلى 45 يوماً.
العلامات والأعراض الأولية لعدوى فيروس نيباه غير محددة، لكن يمكن تشخيص العدوى من خلال التاريخ السريري خلال المرحلة الحادة والنقاهة من المرض، ويتم الكشف عنه من خلال اختبار تفاعل البلمرة المتسلسل «بي إس آر». وللأسف لا توجد حالياً عقاقير أو لقاحات محددة لعدوى فيروس نيباه على الرغم من أن منظمة الصحة العالمية حددت نيباه كمرض ذي أولوية لمخطط منظمة الصحة العالمية للبحث والتطوير.
الوقاية من الفيروس
لا توجد لقاحات متاحة ضد فيروس نيباه، لكن يمكن أن يكون التنظيف الروتيني والشامل وتعقيم مزارع الخنازير باستخدام المنظفات المناسبة فعالاً في منع العدوى، وفي حالة الاشتباه بإصابة الحيوان، يجب وضعه في الحجر الصحي على الفور، أو التخلص من الحيوانات المصابة، مع الإشراف الدقيق على التخلص من جثتها، لتقليل مخاطر انتقال العدوى إلى البشر.
ولمنع وصول العدوى للبشر، يجب زيادة الوعي بعوامل الخطر وتثقيف الناس حول التدابير التي يمكنهم اتخاذها لتقليل التعرض لفيروس نيباه، التي تشمل تقليل وصول الخفافيش إلى عصارة النخيل وغيرها من المنتجات الغذائية الطازجة، وغلي عصير النخيل الذي تم جمعه حديثاً وغسل الثمار جيداً وتقشيرها قبل الاستهلاك، والتخلص من الفاكهة التي عليها علامات لدغات الخفافيش. وارتداء القفازات والملابس الواقية الأخرى أثناء التعامل مع الحيوانات المريضة أو أنسجتها وأثناء إجراءات الذبح.
وعند التعامل مع شخص مصاب، يجب تجنب الاتصال الجسدي غير المحمي معه. وغسل اليدين بانتظام بعد رعاية المرضى أو زيارتهم. كما يجب على العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين يعتنون بالمرضى المصابين بعدوى مشتبه بها أو مؤكدة، أو يتعاملون مع عينات منهم، تنفيذ الاحتياطات اللازمة لمكافحة العدوى.