اكتشف باحثون في الجمعية الكيميائية الأميركية، أن تقنية معالجة المياه القياسية، التي تسمى «تخثر الحديد 3»، ونظيرتها الكهربائية المسماة «التخثير الكهربائي للحديد 0»، يمكنها بكفاءة إزالة وإلغاء تنشيط الفيروسات المغلفة ومنها فيروس كورونا؛ ونشرت الدراسة في دورية «انفيرومنتال ساينس اند تكنولوجي» العلمية التابعة للجمعية أمس الأربعاء.
الفيروسات المغلفة ووجودها في مياه الصرف الصحي
يمكن تصنيف الفيروسات لنوعين هيكليَن: المغلفة التي لها غلاف خارجي، وفيروسات لا تحتوي على غلاف خارجي. هذا الغلاف، الذي يتكون من طبقة ثنائية للدهون وبروتينات، له وظائف متعددة، بما في ذلك مساعدة الفيروس في دخول الخلايا المضيفة وحماية المادة الوراثية للفيروس، ويؤدي عادةً تعطيل هذا الغلاف إلى إيقاف نشاط الفيروس. العديد من الفيروسات التي تسبب عدوى خطيرة لها غلاف، بما في ذلك فيروسات كورونا وفيروس الإيبولا.
تم الكشف عن الفيروسات المغلفة في مياه الصرف الصحي الخام والحمأة، ومن بينها فيروس كورونا، لكن العلماء ما زالوا لا يفهمون تماماً مصير هذه الفيروسات ومدى العدوى بها أثناء تنقية المياه في محطات المعالجة واستخدامها كمياه للشرب، وللأسف، ركزت معظم الأبحاث سابقاً فقط على بقاء الفيروسات غير المغلفة بعد معالجة مياه الصرف الصحي. وحتى الآن، باستثناء التطهير بالكلور أو الأشعة فوق البنفسجية، لم تحقق معظم الدراسات وسيلة للسيطرة على الفيروسات المغلفة في مياه الصرف الصحي، كما يمكن للجسيمات العالقة في الماء في بعض الأحيان حماية الفيروسات من هذه المطهرات.
في مرافق المعالجة، تخضع المياه الخام عموماً لعملية تنقية من ثلاث خطوات: التخثر والترشيح والتطهير. في خطوة التخثر، يتم إضافة أملاح معدنية معينة لبدء الجزيئات المعلقة في الماء لتتحد معاً في كتل بحجم المليمتر، ثم تستقر هذه الكتل على شكل رواسب ويمكن فصلها بسهولة عن الماء. وفي هذه الدراسة الجديدة، اختبر الباحثون طريقة لمعرفة ما إذا كانت الفيروسات المغلفة تتجمع أيضاً أثناء التخثر.
التقنية الجديدة للتخلص من الفيروسات المغلفة
درس الباحث «شانكار تشيلام» وزملاؤه في الجمعية الكيميائية الأميركية، فعالية طريقة مختلفة لمعالجة المياه، تسمى «التخثر بالحديد 3»، والتي يتم تطبيقها بالفعل على نطاق واسع أثناء معالجة المياه، يمكن أن تزيل الفيروسات المغلفة وتعطل عملها. ودرسوا أيضاً تقنية ذات صلة، هي «التخثير الكهربائي بالحديد 0»، ووجدوا انها جيدة لمعالجة المياه على نطاق صغير. واختار الباحثون أحد الفيروسات المغلفة الذي يصيب البكتريا يسمى «Φ6»، للدراسة.
عالج الباحثون محلولاً يحتوي على الفيروس إما بالحديد 3 أو بالحديد 0 بالتخثير الكهربائي، وكلاهما يشكل رواسب حديدية. تلتصق أغلفة الفيروسات الكارهة للماء بهذه الرواسب، مما يسمح بالتخلص من فيروس «Φ6» بسهولة عند استقرار المواد الصلبة. قلل التخثر التقليدي بالحديد 3 من كمية الفيروس النشط في الماء بأكثر من 100 ألف مرة في 2.6 دقيقة، في حين كان التخثير الكهربائي أبطأ ولكنه أكثر فعالية بنحو 10 مرات. لاحظ الباحثون أن هياكل معظم الجزيئات الفيروسية في رواسب الحديد قد تضررت، مما جعلها غير قادرة على إصابة البكتيريا المضيفة لها، وأدى التخثير الكهربائي أيضاً إلى أكسدة الدهون في الغلاف الفيروسي، مما أدى إلى زيادة تعطيل فيروس «Φ6».
تشير هذه النتائج إلى أن محطات معالجة المياه مجهزة جيداً بالفعل لإزالة الفيروسات المغلفة من مياه الشرب عن طريق تخثر الحديد 3، ومن المرجح أن تنخفض المستويات الفيروسية بشكل أكبر من خلال خطوات المعالجة الإضافية للترشيح والتطهير. وقال تشيلام: «تفرض وكالة حماية البيئة الأمريكية ضرورة إزالة 99.99% من الفيروسات أو تعطيلها من مياه ال
شرب، ووجدنا أنه حتى بدون الترشيح والكلور، فإننا نتخلص من 99.999% من الفيروسات»
لاحظ الباحثون أنه على الرغم من استخدام بديل لفيروس كورونا في دراستهم، فإن النتائج قابلة للتعميم بسهولة على الفيروسات المغلفة الأخرى التي لها خصائص سطحية متشابهة، لا سيما الغلاف الدهني وبروتينات سبايك المماثلة. ومع ذلك، قال تشيلام إنه في العالم الحقيقي، تحتوي مياه الصرف الصحي على عدد كبير من الفيروسات، على عكس تجاربهم التي تضمنت سلالة واحدة فقط من الفيروسات. في مجموعتهم التالية من التجارب، يخططون للتحقق مما إذا كان التخثر لا يزال فعالاً في إزالة التلوث بأنواع أخرى من الفيروسات.