يمنح الحكم الركلات الحرة لفريقٍ عندما يعتقد أن الفريق الخصم قد كسر قاعدة. وإذا كان موضعها مركزياً بما يكفي ولا يبعد أكثر من 30 متراً عن المرمى، يحاول الفريق المهاجم عادةً تسديدها مباشرة على المرمى. ومع ذلك، يقوم حارس المرمى عادةً بوضع «جدار» من اللاعبين بين الكرة والهدف لتعقيد مهمة التنفيذ على اللاعب المسدّد.
في حين أن هذه الاستراتيجية غالباً ما تكون فعالة، إلا أن الجدار كثيراً ما يعيق الرؤية الأولية لحارس المرمى للكرة المتحركة. وعلى الرغم من أن الخبراء افترضوا الآثار السلبية لهذا العرقلة، إلا أنه لم يحددوها بشكل علميّ حتى وقت قريب، وذلك في ورقة بحثية نُشرت في دورية «بلوس ون».
للقيام بذلك، أنشأ فريقٌ من الباحثين محاكاة حراسة المرمى باستخدام الواقع الافتراضي. ترى كلتا العينين فيها العالم من منظور مختلف قليلاً، مما منحهم رؤيةً ثلاثية الأبعاد من منظور أعلى الرأس مع مراعاة اتجاهه. تتحرك فيه الكرة على طول مسارها مع مراعاة الجاذبية والتأثيرات الديناميكية الهوائية لاحتكاك الهواء ودورانه، وعند الاتصال بأشياء أخرى، مثل اليدين، أو الهدف، أو الأرض، ترتدّ الكرة. كما يمكن أيضاً استخدام هذه المحاكاة لإظهار صورة متحركة واقعية لحارس المرمى استناداً إلى تسجيلات الركلات الحرة الفعلية.
في هذه الدراسة، كان من الواضح أن إعاقة الرؤية الأولية للكرة تؤثر على حارس المرمى، فالكرة تتحرك في البداية خلف الجدار، وعندما تصبح في مرأى حارس المرمى، ويتحرك بموجب اتجاهها، يكون قد بقي له وقتٌ أقل لمنعها من دخول الهدف. وبدون جدار، يمكن لحارس المرمى أن يتحرك باتجاه الكرة بشكل أفضل، مما يؤدي إلى تصديات أكثر من تلك التي يتم التصدي لها بالحائط. ووجد الباحثون أن الجدار كان أكثر فائدة للركلات الحرة الأسرع، والركلات الحرة التي تتطلب تحريك جسم حارس المرمى بالكامل.
كانت التأثيرات متّسقة للغاية، ومن المرجح أن تكون أكثر جوهرية في العالم الحقيقي، حيث تتطلب الركلات الحرة حركات أكبر لحارس المرمى وحيث يخفي الجدار تسديد الكرة بشكل جزئي أيضاً. وتشير النتائج إلى أن أي قرار بعدم وضع جدار أثناء الركلة الحرة هو الأكثر نجاعةً في الركلات السريعة من المواضع المركزية المقابلة للمرمى، والتي تترك لحارس المرمى القليل من الوقت. وستكون التأثيرات أكثر سلبيةً على منفذي الركلات الحرة الخبراء الذين يسددون الركلات الحرة عادةً حول أو فوق الحائط وعلى المرمى.
سوف يحتاج حراس المرمى والمدربون أن يوازنوا بين احتمالات تسديد اللاعب الذي يسدد في الحائط مقابل الأداء المحسّن لحارس المرمى الذي أصبح قادراً على رؤية مسار تحليق الكرة بالكامل. يمكن تقدير الأول من الأرقام التاريخية لكل منفذ ركلة حرة، بينما يتطلب الأخير اختبارات ميدانية أو اختبارات باستخدام جهاز محاكاة الواقع الافتراضي.
يؤكد البحث أن قدرة حارس المرمى على إيقاف الركلة الحرة تعوقها إعاقة بصرية ناتجة عن وجود الجدار الدفاعي للاعبين؛ وهو عيب كانت الفرق تستغله في سيناريوهات الركلات الحرة على مر السنين. إذ عادةً ما تضع الفرق المهاجمة لاعبين إضافيين في الحائط، شريطة أن يقف هؤلاء اللاعبون على بعد متر واحد على الأقل من أي لاعب في الجدار المدافع لتجنب التدخل الجسدي. ومع ذلك، لا يزال بإمكان هؤلاء اللاعبين الإضافيين التدخل في اللعب عن طريق إعاقة رؤية حارس المرمى. ويُظهر الاستخدام الشائع لهذه الإستراتيجية أن الفرق تفهم الفوائد المحتملة لعرقلة رؤية حارس المرمى.
ستبقى الركلات الحرة متعلقة بشكل أساسي بحارس المرمى واللاعب الذي يُسدد. وتشير النتائج الأخيرة إلى أنه يجب على حراس المرمى تحسين رؤيتهم للكرة، بينما يجب على الفرق المهاجمة السعي لتحقيق أقصى قدر من الإعاقة البصرية لحارس المرمى. وبالنظر في المعلومات التاريخية حول قرارات الخصم وحركاته، تساعد النتائج أيضاً في توجيه البحث عن استراتيجيات أكثر فعالية لتنفيذ الركلة الحرة.