تفسير ما حدث مع فيسبوك مما أدى لتعطّل خدماتها في جميع أنحاء العالم

4 دقائق
ما هو سبب توقف فيسبوك
Shutterstock.com/Oleksii Lee

لقد تسبب انقطاع فيسبوك وإنستغرام وواتس آب وأوكولوس في تعطيل كل ركنٍ من أركان إمبراطورية مارك زوكربيرغ مساء أمس - الاثنين. ومنذ عودة الخدمات بعد منتصف الليل، لم يتوقف الناس ولا الصحف عن الحديث عن ذلك الانقطاع، متشاركين جميعهم سؤالاً واحداً: "ما هو سبب توقف فيسبوك والمنصات الأخرى؟"، فيما يلي ما يجب أن تعلمه عمّا حدث.

الخبراء يتفقون حول جذر المشكلة

لم تؤكد الشركة نفسها السبب الجذري للمشكلة؛ لكن الدلائل والتحليلات كثيرة على الإنترنت، فقد بدأت مجموعة خدمات الشركة بالاختفاء فعلياً من على الإنترنت في حوالي الساعة 11:40 مساءً بتوقيت غرينيتش، وفقاً لتعذّر الوصول إلى سجلات "نظام أسماء النطاقات" (DNS). وغالباً ما يشار إلى نظام أسماء النطاقات بدفتر هاتف الإنترنت؛ إنه ما يترجم أسماء المضيف التي تكتبها في علامة تبويب عنوان URL -مثل facebook.com- إلى عناوين IP؛ حيث تعيش هذه المواقع.

تعد الأخطاء المتعلقة بنظام أسماء النطاقات شائعةً بين  مواقع الويب؛ إذ أنها دائماً الاحتمال الأول في تفسير تعطل موقع معين، ويمكن أن تحدث لجميع أنواع الأسباب التقنية المتزعزعة؛ والتي تتعلق غالباً بمشكلات التكوين، ويمكن أن يكون حلها بسيطاً نسبياً؛ لكن في هذه الحالة يبدو أنه كان هناك شيئاً أكثر خطورةً.

يقول تروي مورش؛ كبير مسؤولي الأبحاث في شركة استخبارات التهديدات الإلكترونية "باد باكيتس" (Bad Packets): "يبدو أن انقطاع فيسبوك ناتج عن نظام أسماء النطاقات؛ لكن هذا مجرد عرض من أعراض المشكلة". ويوافق الخبراء الآخرون على ذلك؛ إذ أن القضية الأساسية هي أن فيسبوك قد سحب ما يسمى "مسار بروتوكول بوابة الحدود" (BGP) الذي يحتوي على عناوين IP لخوادم  أسماء النطاقات الخاصة به. وإذا كان نظام أسماء النطاقات هو دفتر هاتف الإنترنت، فإن بروتوكول بوابة الحدود هو نظام الملاحة الخاص به؛ وهو الذي يقرر ما هو المسار الذي تأخذه البيانات عندما تنتقل عبر طريق المعلومات السريع.

يمكنك التفكير في الأمر على أنه أشبه باللعبة التي كنا نمارسها عندما كنا صغاراً، عندما نخبر أحداً بشيءٍ ما، ومن ثم يخبره للشخص الذي يليه، وهكذا؛ ولكن بدلاً من أن يلعب الأشخاص، فإن الشبكات الأصغر تتيح لبعضها البعض معرفة كيفية الوصول إليها؛ إذ أنها تكشف هذا الطريق لأقرب شبكة، وتكشف أقرب شبكة لقرينتها...إلخ.

إنها مصطلحاتٌ كثيرة؛ ولكن من السهل توضيحها: فقد سقط فيسبوك من خريطة الإنترنت - أي عندما حاولتَ اختبار اتصال عناوين IP هذه في فترة الانقطاع، كانت تنتهي الحزم في ما يشبه الثقب الأسود.

لماذا توقفت خدمات فيسبوك؟

سبب تعطل فيسبوك
Shutterstock.com/David Tran Photo

السؤال الواضح والذي لم يتم حله بعد هو "لماذا اختفت مسارات بروتوكول بوابة الحدود في المقام الأول؟". إنه ليس خطأً شائعاً، خاصةً على هذا النطاق أو لهذه المدة. وأثناء انقطاع الخدمة، لم تقل شركة فيسبوك سوى تغريدة مفادها أنها تعمل على إعادة الأمور إلى طبيعتها في أسرع وقتٍ ممكن. وبعد عودة الخدمة في وقتٍ متأخر من الليل، أصدرت بياناً لا يزال يفتقر إلى أي تفاصيل فنية، وقالت الشركة: "إلى كل من تأثر بالانقطاع على منصتنا اليوم: نحن آسفون. نحن نعلم أن مليارات الأشخاص والشركات حول العالم يعتمدون على منتجاتنا وخدماتنا للبقاء على اتصال. نحن نقدّر صبرك".

اقترح خبراء البنية التحتية للإنترنت أن الإجابة الأكثر احتماليةً كانت خطأً في التكوين من جانب فيسبوك؛ إذ يقول جون جراهام كومينغ؛ مدير التكنولوجيا في شركة "كلاود فلير" (Cloudflare) للبنية التحتية للإنترنت: "يبدو أن فيسبوك قد فعلوا شيئاً لأجهزة التوجيه الخاصة بهم، تلك التي تربط شبكة فيسبوك ببقية الإنترنت"، وأكد أنه لا يعرف التفاصيل لما حدث؛ لكن بحسب وصفه، فالإنترنت هو في الأساس شبكة كبرى من الشبكات الأصغر؛ كل منها يعلن عن وجوده للآخر، ولمرة واحدة، توقف فيسبوك عن الإعلان.

وهذا يعني أيضاً أن الأمر تجاوز كونه مجرد توقف خدمات فيسبوك نفسها؛ إذ أنه أصبح من غير الممكن استخدام "تسجيل الدخول باستخدام فيسبوك" على مواقع الجهات الخارجية، على سبيل المثال. ونظراً لأن الشبكات الداخلية الخاصة بالشركة لا يمكنها الوصول إلى الإنترنت الخارجي، فقد ورد أن موظفيها واجهوا أيضاً مشكلاتٍ في الوصول إلى الأدوات الداخلية وحتى المناطق المادية داخل مكاتب الشركة، ولم يستطيعوا إنجاز الكثير من العمل أيضاً، فقد غرد آدم موسيري؛ الرئيس التنفيذي لشركة إنستغرام، قائلاً: "أشعر وكأنه يومٌ ثلجي".

يمكن أن يساعد ذلك أيضاً في توضيح سبب استغراق وقتٍ طويل للعودة والتشغيل. في عام 2019، منع انقطاع خدمة "سحابة جوجل" (Google Cloud) مهندسي الشركة من الاتصال بالإنترنت لإصلاح انقطاع الخدمة نفسها وبقوا في وضع عدم الاتصال. ويبدو من المحتمل على الأقل أن فيسبوك واجهت مشكلةً مماثلةً؛ إذ أنهم لم يكونوا قادرين على الوصول إلى الإنترنت لإصلاح مشكلة توجيه مسار بروتوكول بوابة الحدود التي من شأنها أن تسمح لللخدمات بالوصول إلى الإنترنت مجدداً.

وأوضح اثنان من أعضاء فريق الأمان في فيسبوك لصحيفة "نيويورك تايمز" إنه من المحتمل ألا يقع اللوم على هجومٍ إلكتروني من شكلٍ ما، لأنه كان من الصعب أن يستهدف هجوم واحد مجموعةً واسعةً من التقنيات الأساسية التي تأثرت أثناء الانقطاع في وقتٍ واحد.

وفي الوقت نفسه؛ كان غياب فيسبوك ملحوظاً في جميع أنحاء الإنترنت. وبشكلٍ أكثر تحديداً، فإن محللي نظام أسماء النطاقات مثل "Cloudflare"؛ أي الخدمات التي تحول أسماء النطاقات هذه إلى عناوين IP، قد شهدت ضعف الكمية المعتادة من حركة المرور؛ حيث استمر الأشخاص في محاولة تحميل فيسبوك وإنستغرام وواتساب دون جدوى.

ما هي آثار هذا التوقف؟

Shutterstock.com/Bplanet

كان رد الفعل المتسلسل الناتج عن انقطاع الخدمة بمثابة صداعٍ كبير لموظفي فيسبوك. وقال أليكس هيرن؛ المحرر في صحيفة "ذا غارديان" (The Guardian)، في سلسلةٍ من التغريدات، إن الكثير من نظام تكنولوجيا المعلومات في فيسبوك يعتمد على فيسبوك نفسها.

تعمل خدمات فيسبوك أيضاً على دعم جزءٍ كبيرٍ من الاقتصاد الرقمي؛ ما يعني أن الشركات التي تشغل إعلانات فيسبوك وإنستغرام وتتواصل مع العملاء على المنصات قد عانت أيضاً من الانقطاع.

وفي أجزاءٍ كثيرة من العالم، يعد واتساب هو تطبيق المراسلة الأكثر شعبية ويُستخدم على نطاقٍ واسع للتواصل الشخصي والمهني والسياسي؛ ما يعني أن توقف خدمات فيسبوك قد أعاق قدرة المستخدمين في تلك المناطق على التواصل مع بعضهم البعض.

كما مر مارك زوكربيرغ؛ الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك، وغيره من المساهمين في الشركة بيومٍ عصيب، فقد انخفض صافي ثروته بمقدار 7 مليارات دولار يوم الاثنين مع انخفاض سهم الشركة بنحو 5%.

باختصار... شهد الإنترنت يوماً درامياً؛ حيث توافد المستخدمون إلى تويتر وتيليغرام وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي الأخرى لنشر الميمز والرسائل التي تسخر من الموقف.

المحتوى محمي