ما سر الثقوب الحلزونية في البيرو التي بُنيَت منذ 1500 عام؟

2 دقائق
ما سر الثقوب الحلزونية «قنوات كانتالوك» في البيرو التي بُنيَت منذ 1500 عام؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Robert CHG

لغز حيّر البشرية لمئات السنين، ففي أميركا اللاتينية وتحديداً في البيرو، ثمة ثقوب حلزونية تمتد لداخل الأرض مصنوعة بحرفيّة عالية ومدهشة جعلت البعض يظن أنها من صنع الكائنات الفضائية، لكن العلم له رأي مختلف. فما حقيقة الثقوب الحلزونية ومَن قام ببنائها وفيما استخدمها؟

ما الثقوب الحلزونية في البيرو؟

توجد هذه الثقوب التي تُدعى كانتالوك أو بوكيوس (Puquios) وعددها 36 بئراً في مناطق صحراوية جافة بالقرب من مدينة ناسكا في جنوب البيرو، وهي عبارة عن حفر في الأرض على شكل حلزوني محاطة بحجارة وصخور، وتكون واسعة عند سطح الأرض وتضيق كل ما اتجهت نحو الأسفل بشكل يشبه القمع، بالإضافة إلى أنها تفضي إلى شبكة من الخنادق والأنفاق تحت سطح الأرض. إن الجزء الأكثر وضوحاً من هذه الثقوب هو الجزء الخارجي، حيث يصل قطر بعضها إلى 15 متراً، لتتقلص بشكل تدريجي حتى تصبح بعرض متر أو مترين في الأسفل.

اقرأ أيضاً: اكتشاف أحافير لأنواع جديدة من مفصليات الأرجل العملاقة في المغرب

مَن بناها ومتى؟

اُعتقد بداية أن الإسبان هم مَن بنوها، وذلك لأن أول ذكر لها في الكتب التاريخية كان عام 1605 للميلاد في نصوص كتبها كاهن إسباني، لكن لم تتواجد أي نصوص رسمية إسبانية تثبت صحة ذلك. في حين يعتقد بعض علماء الآثار أن الشعوب الأصلية التي سكنت المنطقة عام 540 بعد الميلاد هم مَن بنوها، فقد عاش سكان ناسكا الأصليون في هذه المنطقة خلال الفترة الممتدة بين عام 1000 قبل الميلاد حتى نحو عام 750 بعد الميلاد. 

متى اكتُشفت؟

على الرغم من حجم هذه الثقوب وعددها الكبير، لكنها لم تكتشف إلا عام 1933، عندما قام طيار يدعى روبرت شيبي بنشر صورة جوية للمنطقة في مجلة ناشيونال جيوغرافيك كان قد التقطتها خلال جولة بطائرته فوق تلك المنطقة، ليقوم بعدها الباحث فيكتور ولفغانغ فون هاجن بإجراء مسح موسع للمنطقة، فذكرها في كتابه "The Royal Road of The Inca" أنها مجموعة من مقابر دائرية مبطنة بالحجارة.

صورة للثقوب الحلزونية من الأعلى
صورة للثقوب الحلزونية من الأعلى. حقوق الصورة: shutterstock.com/ Don Mammoser

ما السبب الحقيقي لبناء الثقوب الدائرية؟

في الواقع، افترض العديد من العلماء أن الغرض من الثقوب الحلزونية من المحتمل أن تكون له علاقة بالحصول على الماء، لكن لم يكن لديهم أي فكرة عن كيفية حدوث ذلك، بسبب عدم قدرة الباحثين على استخدام تقنيات التأريخ التقليدية في الأنفاق، ونتيجة أن الشعوب الأصلية في ناسكا لم تترك أي علامة أو دليل يحدد متى ولماذا بُنيت، وذلك لافتقارها لنظام الكتابة شأنهم في ذلك شأن العديد من ثقافات أميركا الجنوبية القديمة. 

فُهم كل شيء، عندما وجد فريق إيطالي من الباحثين من معهد منهجيات التحليل البيئي (Institute of Methodologies for Environmental Analysis)، بقيادة الباحثة روزا لاسابونارا دليلاً على أن الثقوب الحلزونية عبارة عن نظام هيدروليكي متطور بُني بغرض سحب المياه الجوفية من الأرض، حيث قام الفريق بتصوير الثقوب الحلزونية باستخدام الأقمار الصناعية ودراستها، وتوصلوا إلى أن الشكل الحلزوني للقنوات اللولبية يسمح للرياح بالدخول إلى القنوات والاندفاع عبرها، ما يدفع المياه للعبور عبر النظام.

لقد سمح نظام الضخ المعقد هذا بتوافر المياه على مدار العام، ليس فقط من أجل الزراعة، وإنما من أجل الاحتياجات المنزلية أيضاً. تقول لاسابونارا: "من الواضح الآن أن نظام الثقوب الحلزونية كان أكثر تطوراً مما يبدو عليه، حيث يعمل على استغلال المياه الجوفية التي لا تنضب على مدار العام، ما أسهم في إنشاء نظام زراعة مكثفة للوديان في أكثر المناطق القاحلة في العالم".

اقرأ أيضاً: اكتشاف شبكةٍ من المياه الجوفية تحت سطح المريخ

 ما يثير الدهشة والإعجاب هو المجهود الكبير والتعاون والتنظيم والدقة المطلوبين لبناء مثل هذه الشبكة المائية الضخمة وصيانتها باستمرار، فهي لم تحتج فقط إلى فهم عميق لجيولوجيا المنطقة، وفهم التغيرات السنوية في توافر المياه، بل إن الحفاظ عليها في حال جيدة كان تحدياً في حد ذاته لأنها تنتشر عبر الصدوع التكتونية، فما قولك إذا علمت أنّ بعضها لا يزال يعمل حتى يومنا هذا؟ تقول لاسابونارا: "إن معرفة كيفية جلب الماء إلى أحد أكثر الأماكن جفافاً على وجه الأرض يعني أنك تمتلك مفتاح الحياة نفسها".

المحتوى محمي