سيريس يحمل الماء بداخله ويترك لنا المناطق المضيئة لننصت إليه

3 دقائق

أعطت المركبة الفضائية داون التابعة لوكالة الفضاء الأميركية ناسا؛ العلماء مشاهد غير عادية عن قرب للكوكب القزم سيريس، الذي يقع في حزام الكويكبات الرئيسي الذي يقع بين مدار كوكب المريخ ومدار كوكب المشتري، انخفضت المركبة إلى أقل من 35 كيلومتراً فوق سطح سيريس، وكشفت تفاصيل واضحة عن المناطق المضيئة الغامضة التي اشتهر بها سيريس. التقطت داون تلك الصور في نهاية مهمتها في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2018، وإلى الآن يعمل العلماء على استخراج البيانات والصور من المهمة.

داون تحوم حول اللغز 

قبل وقت طويل من وصول دوان إلى سيريس في عام 2015، لاحظ العلماء مناطق مضيئة منتشرة باستخدام التلسكوبات، لكن طبيعتها كانت غير معروفة. ومن مدارها القريب، التقطت داون صوراً لمنطقتين متميزتين عاكستين للغاية داخل فوهة أوكاتور كريتر، والتي سُميت لاحقاً باسم سيرياليا فاكولا وتعني المناطق المضيئة.

وجد العلماء أن النيازك تقذف كثيراًً سطح سيريس، وتتسبب في تخشين سطحه وتترك خلفها الحطام. بمرور الوقت، يجب أن يؤدي هذا النوع من الاصطدامات إلى تعتيم هذه المناطق الساطعة. لذا فإن سطوع بعض المناطق في سيريس كان محاولة للفهم، وبالتالي كانت هذه مهمة داون النهائية والتي امتدت من 2017 إلى 2018.

لا يستفيد سيريس من التسخين الداخلي الناتج عن تفاعلات الجاذبية، كما هو الحال بالنسبة لبعض الأقمار الجليدية للنظام الشمسي الخارجي. لكن بحث جديد ركز على فوهة أوكاتور كريتر الموجودة على سطح سيريس وتبلغ عرضها 92 كيلومتراً وهي موطن لأوسع المناطق المضيئة على الكويكب؛ وأكد أن سيريس عالم غني بالمياه مثل هذه الأجسام الجليدية الأخرى.

المناطق المضيئة 

اكتشف العلماء أن المناطق المضيئة كانت عبارة عن رواسب تتكون في الغالب من كربونات الصوديوم - مركب من الصوديوم والكربون والأكسجين- ويرجح العلماء أنها أتت من سائل تسرب إلى السطح وتبخر، تاركاً وراءه قشرة ملحية. لذا حاول العلماء معرفة من أين أتى هذا السائل؟.

من خلال تحليل البيانات التي جمعت قرب نهاية مهمة داون، استنتج العلماء أن السائل جاء من خزان عميق من محلول ملحي، أو ماء غني بالملح. ومن خلال دراسة جاذبية سيريس، عرف العلماء المزيد عن الهيكل الداخلي للكوكب القزم وتمكنوا من تحديد مساحة خزان المحلول الملحي؛ يبلغ عمقه حوالي 40 كيلومترا، وقُدر عرضه بمئات الأميال.

نتائج البحث الجديد، الذي تكشف أيضاً عن مدى النشاط الجيولوجي في فوهة أوكاتور كريتر، نُشر في مجموعة أوراق بحثية خاصة في دوريات نيتشر أسترونومي، ونيتشر جيوساينس، ونيتشر كومنيكيشن في 10 أغسطس/آب الجاري.

لا يزال هناك ماء

أكد البحث أن المناطق المضيئة الصغيرة؛ يبلغ عمر بعضها أقل من مليوني عام؛ ووجد البحث أيضاً أن النشاط الجيولوجي الذي يقود هذه الرواسب يمكن أن يكون مستمراً. واعتمد هذا الاستنتاج على اكتشاف العلماء الرئيسي لمركبات الملح -كلوريد الصوديوم المرتبط كيميائيًا بالماء وكلوريد الأمونيوم- المركزة في سيرياليا فاكولا.

على سطح سيريس، تجف الأملاح التي تحمل الماء بسرعة خلال مئات السنين. لكن قياسات داون تُظهر أنه لا يزال هناك ماء، لذلك يجب أن تكون السوائل قد وصلت إلى السطح مؤخراً، وهذا دليل على وجود سائل أسفل فوهة أوكاتور كريتر؛ ونقل المواد المستمر من الداخل العميق إلى السطح.

التسرب إلى السطح

وجد العلماء مسارين رئيسيين يسمحان للسوائل بالوصول إلى السطح. بالنسبة إلى الرواسب الكبيرة في سيرياليا فاكولا جاء الجزء الأكبر من الأملاح من منطقة طينية أسفل السطح الذي ذاب بفعل حرارة التأثير الذي شكل الحفرة منذ حوالي 20 مليون سنة، ومع ذلك تسبب التأثير أيضاً في حدوث تصدعات كبيرة يمكن أن تصل إلى الخزان العميق مما يسمح للمحلول الملحي بالاستمرار في التسرب إلى السطح.

تأتي بعض الأدلة على وجود سوائل حديثة في فوهة أوكاتور كريتر من الرواسب اللامعة، لكن هناك أدلة أخرى تأتي من مجموعة متنوعة من التلال المخروطية المثيرة للاهتمام التي تذكرنا بمثيلتها على الأرض ورصد مثلها أيضاً على سطح المريخ، لكن اكتشافها على سيريس يمثل المرة الأولى على كوكب قزم.

الآن صار العلماء يعرفون أن الكوكب القزم سيريس يضم مناطق مضيئة؛ وهي عبارة عن رواسب تتكون في الغالب من كربونات الصوديوم، أتت من سائل تسرب إلى السطح وتبخر، تاركاً وراءه قشرة ملحية، وجاء هذا السائل من خزان عميق من محلول ملحي، أو ماء غني بالملح، ووجد البحث أيضاً أن النشاط الجيولوجي الذي يقود هذه الرواسب يمكن أن يكون مستمراً، وأظهرت النتائج أن سيريس لا يزال بداخله ماء، لذلك قد تكون السوائل وصلت إلى السطح مؤخراً، ونقل المواد مستمراً من الداخل العميق إلى السطح.

المحتوى محمي