وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية في الخامس من شهر أغسطس/آب من عام 2022، على أول عقار لمعالجة سرطان الثدي المتقدم إيجابي المستقبل (HER2)، والذي لا يستجيب على العلاج الجراحي التقليدي وغير القابل للاستئصال، وتمت الموافقة على العقار (Transtuzumab Deruxtecan) المعروف اختصاراً بام (T-DXd) والذي طُرح باسم (إنهرتو)، بناءً على تجربة سريرية ترأستها الطبيبة شانو مودي، وهي أخصائية في علم الأورام الجزيئي في المركز المختص ميموريال سلون كيترينج (Memorial Sloan Kettering Cancer Centre).
ما هو هذا العقار وكيف استجاب مرضى سرطان الثدي المتقدم له؟
حتى الآن، لم ينجح العلاج المستهدف لمستقبلات (HER2) في علاج بعض أشكال سرطان الثدي ذات الإيجابية المنخفضة لمستقبلات HER2، إذ يستهدف هذا العلاج أنواعاً معينة من الخلايا السرطانية ويهاجمها بشكل نوعي دون إلحاق الضرر بالخلايا السليمة.
مستقبلات HER2 أو ما يُسمى (عامل مستقبل النمو البشري-2) هي مستقبلات بروتينية تعزز نمو الخلايا السرطانية وبالتالي يسهل كشفها. وهذا المستقبل يكون إيجابياً عند حالة واحدة بين كل 5 حالات من سرطانات الثدي، وعادةً ما يكون السرطان إيجابي HER2 أكثر عدوانية وأقل استجابة للعلاج.
يتميز العقار الجديد بطبيعة مشابهة للعلاجات الكيميائية التقليدية، إلا أنه ذو فعالية أكبر، ويُعطى على شكل جرعة وحيدة في الوريد كل 3 أسابيع. يمنع هذا العقار إشارات النمو التي ترسلها مستقبلات HER2 ما يؤدي إلى كبح نمو الورم وإبطاء وتيرة انتشاره.
اقرأ أيضاً: دليلك لفهم سرطان الثدي
في مجموعة من التجارب السريرية التي شملت 557 من المرضى المصابين بسرطان الثدي والتي أطلق عليها اسم ديستني بريست 04 (Destiny Breat04)، تم إعطاء ثلثي المرضى عقار إنهيرتو بينما تلقى الثلث الأخير العلاج الكيميائي التقليدي، وأظهرت النتائج أن العقار الجديد نجح في السيطرة على السرطان بمقدار الضعف تقريباً مقارنة بالمرضى الذين تلقوا العلاج الكيميائي التقليدي، كما ازدادت نسبة البقاء على قيد الحياة بين صفوفهم بنحو 35%.
النقطة الجوهرية كانت أن الورم قد احتاج وقتاً أطول للنمو من جديد، واستغرق نحو 10 أشهر عند المرضى الذين تلقوا عقار إنهرتو، في الوقت الذي كان ينمو خلال 5.4 أشهر تقريباً عند تطبيق العلاجات التقليدية السابقة.
كما بقي المرضى الذين تلقوا عقار إنهرتو على قيد الحياة لفترة أطول قُدرت بمتوسط 23.9 أشهر مقارنة بـ17.5 شهر عند الذين تلقوا العلاج الكيميائي التقليدي.
الآثار الجانبية لعقار إنهرتو
كأي علاج كيميائي آخر، توجد مجموعة من الآثار الجانبية لإنهيرتو وعلى رأسها الغثيان والقيء وانخفاض عدد كريات الدم الحمراء والبيضاء والصفيحات الدموية والآلام العضلية والإمساك والاضطرابات الهضمية. كما أبدى قلّة من المرضى استجابات شديدة مثل (إصابات الرئة الخلالية) أي إصابة النسيج الرئوي بالتهاب والتندب، وما يرافق ذلك من صعوبة في التنفس.
اقرأ أيضاً: لفرص شفاء أفضل: تعرف على المؤشرات المبكرة للإصابة بالسرطان
ولكن بالمقابل، من السهل معالجة معظم ما تم توثيقه من آثار جانبية باستخدام الأدوية المضادة للقيء والمسكنة للآلام والمُحسنة للوظيفة الهضمية.
نتائج تجربة العقار الجديد والآفاق المستقبلية له
غيّرت نتائج هذه التجربة الممارسة الطبية وأعادت صياغة علاج عدد كبير من المرضى المصابين بمرض متقدم بعد أن فقدوا الأمل بعلاجهم، وكان أحد أعظم النتائج الإيجابية لعقار إنهرتو غياب تطوير مقاومة على المادة الدوائية بعد استخدامها لفترة طويلة، كما يحدث مع العلاجات الكيميائية التقليدية في بعض الأحيان والذي كان يشكل مشكلة علاجية حقيقية سابقاً، والسبب هو استهداف الخلايا السرطانية إيجابية HER2 بشكل نوعي.
تقول الطبيبة مودي: "على الرغم من أن هذه التجربة ركزت على مرضى سرطان الثدي، فإننا نعتقد أن هذه النتائج يمكن أن تكون لها آثار على العلاج المستقبلي للأشخاص المصابين بأنواع أخرى من السرطان التي تعبّر عن مستقبلات HER2 بمستويات منخفضة".
اقرأ أيضاً: إليك أحدث ما توصل إليه العلم في علاج السرطان
فمن المرجح أن يستفيد المرضى الذين يعانون من أنواع أخرى من السرطان منخفض التعبير عن HER2، مثل بعض أنواع سرطان المعدة والرئة والقولون والمستقيم. وتمت الموافقة على إعطاء هذا العقار لمجموعة من المرضى المصابين بسرطان المعدة المتقدم.
وخلال هذا الوقت، ينتظر مجتمع طب الأورام الجزيئي النتائج حول قدرة هذا العقار على تحسين نتائج العلاج، فاعتماداً على هذه النتائج يتقرر فيما ستحدث ثورة طبية في مجال علاج السرطان بعد طرح هذا العقار.