طوّر فريق من الباحثين من مختبر «جونز هوبكنز الأميركي للفيزياء التطبيقية» أذرعاً صناعية تجمع بين الذكاء الاصطناعي والروبوتات وإشارات الدماغ، مكّنت مريضاً، يعاني من الشلل الرباعي منذ 30 عاماً، من إطعام نفسه دون الحاجة إلى مساعدة من أحد.
الشلل الرباعي وكيفية حدوثه
الشلل الرباعي «شلل الأطراف الأربعة» هو مصطلح يُستخدم لوصف عدم القدرة على تحريك الأجزاء العلوية والسفلية من الجسم طواعية، ويدل عادةً على ضرر الحبل الشوكي في منطقة العنق، أوقد يكون ناتجاً عن إصابة في الدماغ أو في الأعصاب المحيطية، مما يُسبب أذى وظيفي يشمل أنشطة الحياة اليومية؛ مثل الأكل واللبس والاستحمام، مع عدم القدرة على التنقُّل.
قد يحدث الشلل الرباعي بسبب الإصابات المباشرة في النخاع الشوكي، أو تضيّق القناة الشوكية، أو انفتاق الأقراص الموجودة بين الفقرات، أو التصلب المتعدد، أو الأورام السرطانية، أو الالتهابات وأمراض الأوعية الدموية. تنجم العديد من المضاعفات في الجهاز التنفسي والجهاز البولي، والقصور في الجهاز التنفسي، والفشل الكلوي والالتهابات المختلفة، والمضاعفات في القلب وفي الأوعية الدموية و الجهاز الهضمي والعظام وغيرها، وقد ينتهي الأمر بالوفاة بسبب انقطاع الاتصال بين أعضاء الجسم والدماغ.
يتم علاج الشلل الرباعي عادةً بالأدوية، وباستخدام بعض الوسائل الفيزيائية، ومعدات المساعدة التقليدية أو الحديثة، مع التحفيز الكهربائي الوظيفي، وتقديم الرعاية الطبية والمساعدة اليدوية من قِبل معالج متخصص، فضلاً عن التدريبات، والإرشادات والمعدات المساعِدة.
أذرع الصناعية لمريض الشلل
تعرّض «روبرت بوز شيميليويسكي» لحادث في سن المراهقة منذ 30 عاماً، أصابه بالشلل الرباعي مع الحد الأدنى من الحركة والشعور بيديه وأصابعه، لكنه تمكّن الشهر الماضي من التلاعب بذراعيه الصناعيين عن طريق دماغه، واستطاع تناول الحلوى بنفسه. طوّر هذه الأطراف الصناعية المتقدمة مختبر «جونز هوبكنز» للفيزياء التطبيقية، بهدف السماح للمشاركين بالتحكم في الأجهزة المساعِدة، وتمكين إدراك المحفزات الجسدية «لمس الأطراف» باستخدام الإشارات العصبية من الدماغ.
في البداية، زرع الجراحون 6 مصفوفات من الأقطاب الكهربائية في جانبَيّ دماغ «بوز»، وفي غضون أشهر، تمكّن من التحكم المتزامن لأول مرة في اثنين من الأطراف الاصطناعية من خلال واجهة بين الدماغ والآلة. تفاءَل الباحثون بالتقدُّم الذي أحرزه خلال العام الأول من الاختبار وأرادوا المزيد ليروا ما يمكنه فعله، لذلك طوروا استراتيجيات لتوفير تحكُّم متقدّم في الروبوت وردود فعل حسية من كلتا الذراعين في نفس الوقت باستخدام التحفيز العصبي.
بدؤوا في تطوير نظام الحلقة المغلقة الذي يدمج الذكاء الاصطناعي والروبوتات وواجهة بين الدماغ والآلة. في حالة المريض «بوز»؛ الذي استطاع تناول الحلوى بنفسه، مكّنه النظام من التحكم في الحركات اللازمة لتقطيع الطعام بشوكة وسكين وإطعام نفسه.
أطراف صناعية ذكية والخطوات التالية
أوضح هاندلمان؛ خبير الروبوتات المتخصص في الدمج بين الإنسان والآلة: «هدفنا النهائي هو جعل الأنشطة مثل تناول الطعام أمراً سهلاً، وجعل الروبوت يؤدي جزءاً واحداً من العمل وترك المستخدم مسؤولاً عن التفاصيل؛ مثل أي طعام يأكل، وأين يقطع، ويتحكم بحجم القطعة من خلال الجمع بين إشارات واجهة الدماغ والحاسوب مع الروبوتات والذكاء الاصطناعي، نسمح للإنسان بالتركيز على أجزاء المهمة الأكثر أهمية».
قال تينور؛ عالم الأعصاب والباحث الرئيسي في دراسة الأطراف الصناعية الذكية أيضاً: «إنّ الخطوات التالية لهذا الجهد لا تشمل فقط زيادة عدد وأنواع أنشطة الحياة اليومية التي يمكن للمريض إظهارها من خلال هذا الشكل من التعاون بين الإنسان والآلة، ولكن أيضاً توفير ردود فعل حسية إضافية لدى المريض أثناء إكماله للمهام حتى لا يضطر إلى الاعتماد على الرؤية لمعرفة إذا ما كان ينجح»، وأضاف: «الفكرة هي أنه سيختبر هذا بالطريقة نفسها التي يشعر بها غير المصابين كيف يربطون أحذيتهم مثلاً، دون الحاجة إلى النظر إلى ما يفعلونه».
فكّر المريض «بوز» في أهمية هذا البحث للأفراد ذوي القدرة المحدودة على الحركة، وقال أنّ إعاقات مثل إعاقته تقضي على استقلالية الشخص، وخاصة قدرته على تناول الطعام بمفرده، وهو الشيء الذي يعتبره الكثيرون أمراً مفروغاً منه.
يمثل هذا الإنجاز خطوة كبيرة نحو استعادة الوظيفة والاستقلالية للمرضى المتضررين من مرض أو إصابة تؤدي إلى فقدان جزئي أو كلي لاستخدام الأطراف الأربعة والجذع.