ساعات قليلة أمام الغواصة تيتان فهل ينتظرها مصير يشبه مصير تايتنك؟

ساعات قليلة أمام الغواصة تيتان فهل ينتظرها مصير يشبه مصير التيتانيك؟
تعديل الصورة: بوبيولار ساينس العربية.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يرقد حطام سفينة تايتنك على بُعد 650 كيلومتراً من السواحل الكندية على عمق أربعة آلاف متر في المياه الدولية للمحيط الأطلسي، وقد أصبحت اليوم مقصداً للسياح والمستكشفين وصائدي الكنوز الذين يقصدونها باستمرار. كان آخر هؤلاء 4 أشخاص مع ربان غواصة تدعى “تيتان”، توجهت نحو سفينة تايتنك يوم الأحد 18 يونيو/ حزيران، وفُقدت بعد أقل من ساعتين من انطلاقها. 

سفينة تايتنك الغارقة

في العاشر من أبريل/ نيسان عام 1912، أبحرت سفينة “تايتنك” من مرفأ ساوثهامبتون متجهة إلى نيويورك، وغرقت بعد 5 أيام بسبب اصطدامها بجبل جليدي. راح ضحية الحادثة 1500 تقريباً ممن كانوا على متنها.

عُثر على حطام السفينة التي كانت حينها الأكبر في العالم عام 1985 على بُعد 650 كيلومتراً من السواحل الكندية على عمق أربعة آلاف متر في المياه الدولية للمحيط الأطلسي. ومنذ ذلك الحين يزور الحطام العديد من السياح والباحثين عن الكنوز.

اقرأ أيضاً: الصين تستخدم نظام «بيدو» للملاحة على نطاق واسع 

الغواصة “تيتان” السياحية تختفي أثناء رحلتها المتوجهة نحو سفينة تايتنك 

كان آخر زوار تايتنك طاقم غواصة مكوّن من 4 أشخاص وربّان، انطلقت يوم الأحد في 18 من يونيو/ حزيران من منطقة قبالة سواحل أميركا الشمالية، وفقدت السفينة الداعمة لها، كاسحة الجليد البحثية الكندية “بولار برنس”، الاتصال معها بعد ساعة و45 دقيقة من لحظة انطلاقها، وما زال البحث جارياً عنها حتى اليوم، الأربعاء 21 يونيو/ حزيران، لكن لم يوجد لها أثر، على الرغم من التحذيرات بأن الأوكسجين سينفد خلال بضع ساعات.

عمليات البحث مستمرة 

بدأت عمليات البحث عن الغواصة المفقودة منذ يوم الاثنين. يقود عمليات البحث خفر السواحل الأميركي في بوسطن باستخدام طائرة عسكرية من طراز “أورورا” وسفينة خفر السواحل الكندية كوبيت هوبسون، بالإضافة إلى سفن أخرى تلحق بها تباعاً، كما تشارك طائرة “سي-130” أميركية وأخرى كندية مجهزة بسونار قادر على رصد الغواصات في عمليات البحث.

ويوم الثلاثاء، حوّلت وزارة البحرية الفرنسية مسار السفينة “أتالانتي”، المجهزة بروبوت يعمل تحت سطح الماء، إلى المنطقة للمساعدة في البحث.

تتركز عمليات البحث على سطح المياه وداخلها، على أمل إنقاذها قبل نفاد الأوكسجين، إذ من المتوقع أن ينفد صباح الخميس عند الساعة 11 صباحاً بتوقيت غرينتش.

الغواصة لا تحمل تصريحاً

سبق أن صرّح ستوكتون راش، الرئيس التنفيذي لشركة “أوشن غيت إكسبيدشن” (OceanGate Expeditions) المالكة للغواصة السياحية المفقودة “تيتان”، بمخاوفه بشأن الرحلات التي تقوم بها في أعماق المحيط الأطلسي، ويقول البعض إن الغواصة لا تحمل تصريحاً أو موافقة على الغوص بالقرب من حطام سفينة تايتنك، لكن مَن يرغب في التجربة يوقّع على تصريح يقول فيه إنه يقبل أن الغواصة لم تنل الموافقة من أي هيئة تنظيمية، ويقول نص التصريح: “لم تتم الموافقة على هذه الغواصة التجريبية أو اعتمادها من قِبل أي هيئة تنظيمية، ويمكن أن تؤدي إلى إصابة جسدية أو صدمة نفسية أو وفاة”.

لماذا لم يُعثر عليها حتى هذه اللحظة؟ 

تواجه عمليات البحث تحديات مختلفة. في البداية، لم تُرسل الغواصة إشارة استغاثة، وليس من الممكن البحث عنها دون تحديد مصدر إشارة الاستغاثة التي تكون عادةً دليلاً أولياً لعمليات البحث.

ومن التحديات أيضاً الجو المظلم في أعماق المحيط، فأضواء معدات البحث تكشف ما يبعد عنها بمقدار 6 أمتار فقط. ويعكر صفو الرؤية أيضاً الطين والأشياء الأخرى التي تجرفها المحرّكات. ناهيك عن الحطام حول سفينة تايتنك الذي يشكّل عقبات على قاع البحر، بالإضافة إلى تيارات المحيط القوية.

اقرأ أيضاً: كيف تعمل الغواصة؟

ما السيناريوهات المحتملة لما حدث للغواصة؟ 

يقول الخبراء، ربما انقطعت الغواصة عن الاتصال بالسطح بسبب خلل في جهاز الاتصالات أو في الطاقة. ومن الممكن أن يعيدها نظام الأمان إلى سطح البحر وتنتظر عثور طواقم الإنقاذ عليها. 

يقول الاحتمال الثاني أن الغواصة قد تكون مستقرة في قاع المحيط ولكنها لا تزال سالمة، وهذا يعني أنه يجب إطلاق عملية إنقاذ معقدة جداً من أجل سحبها إلى السطح. 

وفي أسوأ الأحوال، ربما تكون الغواصة قد تعرّضت لعطل طارئ أو حريق أدّى إلى تعرّض الهيكل لأضرار، ويعرّض حياة الطاقم إلى الخطر.

بارقة أمل

في بارقة أمل، أعلن خفر السواحل الأميركي عن رصد أصوات قرع تحت الماء في موقع فقدان الغواصة، لكن لم يتم التأكيد حتى الآن على طبيعة الأصوات، وأن الغواصة هي مصدر الصوت.

الطاقم

يتكون الطاقم من “ستوكتون راش” الرئيس التنفيذي للشركة، بالإضافة إلى رجل الأعمال البريطاني الثري “هاميش هاردينغ” رئيس مجلس إدارة شركة بيع الطائرات الخاصة “أكشن أفييشن”، والبالغ من العمر 58 عاماً، وهو أيضاً مستكشف مشهور سافر إلى الفضاء ويحمل ثلاثة أرقام قياسية في موسوعة غينيس، وكان قد أعلن في نهاية الأسبوع عن أنه “فخور بالإعلان أخيراً عن أنه جزء من رحلة الغواصة السياحية”.

يرافقهم أيضاً المستكشف الفرنسي “بول هنري نارجوليت” ضابط سابق في البحرية الفرنسية وغواص، وهو أيضاً مدير الأبحاث تحت الماء في شركة تمتلك حقوق إنقاذ حطام تايتنك.

اقرأ أيضاً: العثور على حطام سفينة من القرن الثامن عشر في البحر الأحمر قبالة شواطئ السعودية

ما هي غواصة تيتان؟

لا تغوص مثل هذه الغواصات وحدها في قاع المحيط، بل ترافقها سفينة دعم، وقد رافقت الغواصة تيتان سفينة دعم تُسمى (بولار برنس)، وتبحر فوقها مباشرةً، ويمكن إرسال رسائل نصية قصيرة بينهما. لا يتوفر على متن الغواصة اتصال عبر نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) أو أنظمة الراديو حيث لا يعمل أي منهما تحت الماء،

ولا يمكن لمَن هم على متن الغواصة أن يهربوا بأنفسهم لأنه يجري إحكام فتحات الغواصة بمسامير مثبتة من الخارج.

عموماً، الغواصة مستقلة قادرة على إدارة نفسها ذاتياً وتجديد الهواء بنفسها، ولديها هامش مناورة محدود ولا يمكنها البقاء طويلاً تحت الماء.

اقرأ أيضاً: دليلك للبقاء على قيد الحياة في وسط البحر

صنعت الغواصة من ألياف الكربون والتيتانيوم، وتزن نحو 10,432 كلغ، ويبلغ طولها 6.5 أمتار، يمكن أن تصل إلى أعماق تصل إلى نحو 4 كيلومترات، وتبلغ تكلفة التذكرة 250 ألف دولار لرحلة تستغرق ثماني ساعات، بما في ذلك الغوص إلى الحطام على عمق 3800 متر والصعود إلى السطح.

أمّا عن سرعتها، فهي تبحر بسرعة ثلاث عقدات، أي نحو 5.5 كيلومترات في الساعة. وهي مزوّدة بأنظمة لمراقبة الضغط والبدن بطريقة مباشرة، ما يُنذر الربّان باكراً في حال حصول طارئ يتعلق بالضغط أو ببدن الآلية كي يتمكن من الصعود إلى السطح بأسرع وقت.