توصل فريقٌ من الباحثين في الجامعة الوطنية الأسترالية إلى كيفية ترسب العناصر الأرضية النادرة تحت سطح الأرض، وسبب اختفائها كليا في بعض الأحيان. وذلك في دراسة نُشرت في دورية «ساينس أدڤانسز» العلمية.
يوحي اسم هذه العناصر إلى ندرة وجودها، إلا أنها فعلياً مصادر وفيرة تحت القشرة الأرضية، لكن تبعثرها يجعل استخراجها من تحت السطح امراً صعباً بعض الشيء، ناهيك عن استخدام الطرق الصديقة للبيئة في ذلك الغرض. ونظراً لأهميتها البالغة، تعد مورداً طبيعياً مرغوباً به بشدة، لذلك لا يكف الباحثون عن ابتكار طرقٍ جديدة لاستخراجها والحفاظ عليها.
في سبيل معرفة الآلية الكيميائية لتشكّل هذه العناصر تحت سطح الأرض، وخصوصاً داخل وبقرب صخور الكربونات الملتهبة التي تحتوي هي ومشتقاتها المتغيرة على معظم العناصر الأرضية النادرة في هذا الكوكب، أجرى الباحثون محاكاةً مخبرية لما يحدث لصخرة الكربونات عند تعرضها لدرجة حرارة مرتفعة وضغط شديد، ومن ثم انخفاضهما كما يحدث في عملية الانصهار الطبيعية. حيث وُضعت كميات من الكربون الصناعي ضمن كبسولات الفضة أو النيكل في جهاز أسطوانة الكبس، وتم تسخينها حتى 1200 درجة مئوية وتطبيق ضغط يبلغ 2500 باسكال عليها، ومن ثم تبريدها حتى 200 درجة مئوية وخفض الضغط إلى 200 باسكال.
كان من المعتقد سابقاً أن ارتباط بعض الجزيئات مثل الكلور والفلور بالعناصر الأرضية النادرة ضرورياً لجعلها قابلة للذوبان ومن ثم تكثيفها إلى بلورات قابلة للاستخراج، لكن الباحثون لم يتوفقوا في إيجاد أية أدلة ملموسة على ذلك. لكن نتائج التجربة أعلاه ألهمت الباحثين لتوليد أفكارٍ جديدة للبحث. فقد أظهرت التجربة مساعدة البوتاسيوم والصوديوم في جعل العناصر الأرضية النادرة قابلة للذوبان، مثبتةً ضرورة وجود المواد الكيميائية القلوية لانتقال العناصر الأرضية النادرة عبر صخور الكربونات.
وبحسب الباحثين، فإن الكربونات الحاملة للقلويات قادرة على تكوين سوائل غنية بالعناصر الأرضية النادرة يمكنها الانتقال لمسافات طويلة في بيئة انصهارية، مع الاحتفاظ بقابلية ذوبان عالية للعناصر الأرضية النادرة التي تحملها.
تبقى هذه نتائج ما رآه الباحثين ضمن بيئة مخبرية، ومن الممكن أن تختلف التفاعلات ضمن البيئة الطبيعية باختلاف المعطيات كوجود الماء وكافة العناصر الكيميائية الأخرى، لكنها تبقى خطوةً مهمة في معرفة آلية تشكل العناصر الأرضية النادرة.