لقاح أسترازينيكا ضد كورونا: بين جلطات الدم وإجراءات إيقاف التوريد

4 دقائق
مشاكل لقاح أسترازينيكا
shutterstock.com/Seda Yalova

بعد أشهر قليلة من بداية الجائحة، تعاونت جامعة أكسفورد الإنجليزية مع عملاق صناعة الأدوية؛ شركة «أسترازينيكا»، لصناعة أول لقاحٍ ضد فيروس كورونا؛ الذي حمل معه الكثير من الآمال حول العالم منذ تلك اللحظة، ولكن على عكس لقاحات فيروس كورونا الأخرى، فإن هذا اللقاح تحديداً يعاني من مشكلة تلو الأخرى؛ إذ بدأت مشاكل لقاح أسترازينيكا تقريباً بمجرد نشر بيانات التجربة المؤقتة، واستمرت منذ ذلك الحين.

سبتمبر/أيلول 2020: إيقاف التجارب السريرية وعودتها

أعلنت الشركة في السادس من سبتمبر/أيلول من العام المنصرم، عن إيقافها للمرحلة الثالثة من التجارب السريرية للقاحها؛ وذلك بسبب ظهور مرضٍ غير مبرَرٍ عند حالة واحدة من المتطوعين؛ البالغ عددهم حوالي 18 ألف متطوع ومتطوعة؛ إذ قال المتحدث باسم الشركة: «إنه إجراء روتيني لابدّ من اتخاذه عند وجود مرضٍ محتمَل لا تبرير له أثناء التجارب؛ وذلك لضمان نزاهتها».

بعد مضي أسبوع واحد فقط، نشرت أسترازينيكا بياناً على موقعها الرسمي تعلن فيه حصولها على الضوء الأخضر من قبل الوكالة التنظيمية للأدوية ومنتجات الرعاية الصحية لاستئناف التجارب السريرية للقاح فيروس كورونا خاصتها في المملكة المتحدة فقط، ولم تكشف الشركة في بيانها بشكل رسمي عن المرض الذي أصاب تلك الحالة، كما أوضحت جامعة أوكسفورد؛ التي طوّرت اللقاح، في بيانٍ منفصل نشرَته، أنه من غير الممكن الكشف عن المرض لأسباب تتعلق بخصوصية المتطوع المشارك، إلا أن الأمر برمّته لم يحمل صدىً أبعد منه؛ إذ أنه إجراء روتيني يحصل في العديد من التجارب السريرية لأية دواءٍ أو لقاح

نوفمبر/تشرين الثاني 2020: نزاع بشأن البيانات الأولية

shutterstock.com/Marc Bruxelle

نشرت شركة أسترازينيكا تحليلاً مؤقتاً للتجارب السريرية الأولية؛ أظهر أن لقاحها لديه فاعليةً متوسطةً بنسبة 70% في الحماية من الفيروس، وتم تشجيع النتيجة في البداية من قبل المجتمع العالمي، مدعومةً بالفعل بالنتائج الإيجابية لجرعات لقاحات «موديرنا» و «فايزر».

لكن بعد مزيدٍ من التدقيق، أصبح من الواضح أن الرقم 70% جاء من الجمع بين تحليلات نظاميّ جرعات منفصلَين في التجارب؛ إذ أظهر نظام الجرعات الواحدة فعاليةً بنسبة 90%، عندما تلقى المشاركون في التجربة نصف جرعة متبوعةً بجرعةٍ كاملة بعد مضي شهرٍ واحد على الأقل، بينما أظهر النظام الآخر فعاليةً بنسبة 62% عند إعطاء جرعتين كاملتين يفصل بينهما شهر واحد على الأقل.

واعترفت حينها أسترازينيكا بأن نظام نصف الجرعة كان خطأً، لكنها وصفته بأنه خطأ مفيد و صدفة حميدة، ومع ذلك، فقد اجتذبت انتقادات من الخبراء والمختصين، ويمكن القول إن بيانات أسترازينيكا العشوائية تلك كانت بمثابة البداية لقضايا سمعتها.

يناير/كانون الثاني 2021: مشاكل لقاح أسترازينيكا لمن هم فوق 65 عاماً

كورونا حول العالم، مشاكل لقاح أسترازينيكا
shutterstock.com/Rido

مع احتدام الخلاف حول الإمدادات، بدأت بعض الدول الأوروبية تلقي بظلالٍ من الشك على فعالية اللقاح في الفئة العمرية التي تزيد عن 65 عاماً؛ والذين هم في أمسّ الحاجة إلى اللقاح، بسبب مخاطر فيروس كورونا المرتبطة بالعمر، وهو ما كان بمثابة بداية مشاكل لقاح أسترازينيكا المتعلقة بالآثار الجانبية.

أوصت لجنة اللقاحات الألمانية بأنه يجب تقديم لقاح أسترازينيكا فقط للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 64 عاماً، قائلةً إنه لا توجد بيانات تجريبية كافية لتقييم الفعالية لدى الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً. وذكرت العديد من الصحف الألمانية أن معدل فاعلية اللقاح كان أقل من 10% في المجموعة التي تزيد أعمارها عن 65 عاماً، ووصفت الشركة هذه البيانات بأنها غير صحيحة تماماً. وصبّ بعد ذلك الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» الزيت على النار؛ قائلاً إن اللقاح يبدو أنه «شبه غير فعال» لمن هم فوق 65 عاماً.

أظهرت بيانات التجارب اللاحقة التي شملت مشاركين كبار السن، أن اللقاح كان آمناً وفعالاً للمجموعة المتجادَل عليها، وأنقذ الأرواح، ولكن بحلول ذلك الوقت، كان الضرر الذي أصاب السمعة قد حدث؛ خاصةً في فرنسا وألمانيا حيث تتركز المخاوف من هذا اللقاح.

وفي نهاية شهر يناير/كانون الثاني، وافقت هيئة تنظيم الأدوية في الاتحاد الأوروبي على استخدام لقاح أسترازينيكا لجميع البالغين، وبعد ذلك، قامت فرنسا وألمانيا ودول أخرى بمراجعة مواقفها؛ حيث وافقت على اللقاح لمن هم فوق 65 عاماً، مع وجود بعض الحذر في فرنسا.

مارس/آذار 2021: الخلاف حول جلطات الدم

مشاكل لقاح أسترازينيكا
shutterstock.com/cortex-film

بلغت مشاكل لقاح أسترازينيكا ذروتها في مارس/آذار؛ ذلك على الرغم من البيانات الواقعية من المملكة المتحدة؛ التي تُظهر أن الجرعة كانت لها تأثيرات إيجابية بلا شك على انخفاض معدل حالات الإصابة بفيروس كورونا وحالات الاستشفاء والوفيات، إلا أنه في في غضون ذلك، كان معدل الإصابة في الاتحاد الأوروبي يأخذ في الارتفاع مجدداً بسبب البطء في توزيع اللقاح.

ثم كانت هناك تقارير عن حدوث جلطات دموية لدى بعض الأشخاص الذين تم تطعيمهم بلقاح أسترازينيكا، ورغم عدم تأكيد وجود رابط بين الأمرين، إلا أن أكثر من اثنتي عشرة دولة أوروبية علقت استخدامه في انتظار مراجعة السلامة، ودافعت الشركة عن لقاحها؛ قائلةً إن عدد جلطات الدم المسجلة بعد التطعيم كان أقل مما يمكن توقع حدوثه بشكلٍ طبيعي.

أجرت بعد ذلك منظمة الصحة العالمية والوكالة الأوروبية للأدوية مراجعات سلامة اللقاح، وخلصت إلى أنه آمن وفعال، وأن فوائده تفوق المخاطر، ومع ذلك؛ بحلول ذلك الوقت، كان قد حدث المزيد من الضرر لسمعة ذلك اللقاح.

هل يمكن للّقاح أن يسبب جلطات دمويةً؟

قال «دانيال سالمون»؛ مدير معهد سلامة اللقاحات في جامعة جونز هوبكنز الأميركية، إنه لم يثبت أن اللقاحات تسبب جلطات دموية؛ فالجلطات الدموية شائعة في عموم السكان، وتشتبه السلطات الصحية في أن الحالات المبلغ عنها لدى متلقي اللقاح هي على الأرجح مصادفة وليست مرتبطةً بالتطعيم، كما أن هناك الكثير من الأسباب والعوامل لتخثر الدم، والكثير من الأشخاص المعرضين لخطر متزايد؛ وهؤلاء غالباً ما يكونون أيضاً الأشخاص الذين يتم تطعيمهم الآن.

يصاب من 300 إلى 600 ألف شخص سنوياً في الولايات المتحدة وحدها بجلطات دموية في رئتيهم، أو في أوردة في الساقين، أو أجزاء أخرى من الجسم؛ ذلك وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، وبناءً على هذه البيانات، تحدث حوالي 1000 إلى 2000 جلطة دموية في سكان الولايات المتحدة كل يوم.

ويوجد في الولايات المتحدة 253 مليون بالغ؛ لذلك، إذا تم تطعيم 2.3 مليون شخص كل يوم، فهذا يعني أن حوالي 1% من السكان البالغين يتم تطعيمهم كل يوم، وبالحساب؛ استناداً إلى البيانات السابقة، فإن ما يقرب من 1% من الـ1000 إلى 2000 جلطة دموية يومية المذكورة أعلاه، ستحدث لدى المرضى الذين تم تلقيحهم؛ وهو ما لا يتعلق باللقاح، أما إذا أظهرت البيانات الوبائية ارتفاع هذا المعدل بالفعل، هنا يبدأ المرء في التساؤل عن العلاقة السببية.

مشاكل لقاح أسترازينيكا مع الدول

مشاكل لقاح أسترازينيكا
shutterstock.com/Marc Bruxelle

رغم إعراب منظمة الصحة العالمية عن ثقتها بسلامته، ورغم تلقّي أكثر من 17 مليون شخص اللقاح في المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي حتى الآن، إلا أن التطمينات لم تفعل الكثير لتهدئة الشكوك بشأن ارتباط اللقاح بجلطات الدم، وهذه هي الدول التي علقت استخدام اللقاح حتى الآن:

  • السويد.
  • لاتفيا.
  • فرنسا.
  • ألمانيا.
  • إيطاليا.
  • إسبانيا.
  • لوكسمبورج.
  • قبرص.
  • البرتغال.
  • سلوفينيا.
  • إندونيسيا.
  • هولندا.
  • أيرلندا.
  • بلغاريا.
  • جمهورية الكونغو الديموقراطية.
  • تايلاند.
  • رومانيا.
  • آيسلندا.
  • الدنمارك.
  • النرويج.
  • النمسا.

ومن المتوقع أن تقوم بعضها برفع تلك الإجراءات والعودة لاستخدام اللقاح مع المزيد من الأبحاث.