أطلقت المملكة العربية السعودية مؤسسة "هيفولوشن" (Hevolution Foundation) غير الربحية، بهدف دعم الأبحاث الأساسية في علم بيولوجيا الشيخوخة ليعيش الإنسان سنوات أطول بصحة جيدة تحت مفهوم "العمر الصحي"، راصدةً لهذا المشروع مليار دولار سنوياً، ما يمكن أن يجعل المملكة أكبر راعٍ للباحثين الذين يحاولون فهم الأسباب الكامنة وراء الشيخوخة، وكيف يمكن إبطاؤها بالأدوية.
مؤسسة هيفولوشن وأهدافها في أن يعيش الإنسان حياة أفضل وعمراً أطول
تشيع بين علماء إطالة العمر ومحاربة الشيخوخة فكرة أن إبطاء عملية شيخوخة الجسم تؤخر ظهور أمراض متعددة وتطيل السنوات الصحية التي يمكن للأشخاص الاستمتاع بها مع تقدمهم في السن. ولأن المملكة تسعى ليحيى كبار السن فيها حياة صحية، صدر أمر ملكي في ديسمبر 2018 باعتماد مؤسسة هيفولوشن لدراسات الشيخوخة برئاسة ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي محمد بن سلمان.
صرّحت المملكة لمؤسسة هيفولوشن بإنفاق ما يصل إلى مليار دولار سنوياً إلى أجل غير مسمى، لدعم الباحثين وأبحاثهم العلمية لإيجاد أدوية تكافح الشيخوخة وللحصول على حصص مالية في شركات التكنولوجيا الحيوية. ويعتبر هذا الرقم من المال هو الأكبر في هذا المجال، حيث ينفق قسم المعهد الوطني الأميركي للشيخوخة الذي يدعم الأبحاث الأساسية في بيولوجيا الشيخوخة، نحو 325 مليون دولار في السنة فقط.
لم تُصدر المؤسسة إعلاناً رسمياً بعد، ولكن تم تحديد نطاق جهودها في الاجتماعات العلمية مبدئياً. ويقول "محمود خان" الرئيس التنفيذي في المؤسسة، واختصاصي الغدد الصماء السابق في "مايو كلينك" وكبير العلماء في "بيبسيكو" (PepsiCo) إن المؤسسة ستقدم منحاً للبحث العلمي الأساسي حول أسباب الشيخوخة، كما أنها ستركز على دعم دراسات الأدوية، بما في ذلك تجارب العلاجات التي انتهت صلاحية براءة اختراعها، أو التي لم تحصل عليها مطلقاً.
اقرأ أيضاً: نمط الحياة الصحي يمكنه إضافة أكثر من 5 سنوات لمتوسط العمر الافتراضي للإنسان
ستعمل ھیفولوشن مع مؤسسات علمية رائدة حول العالم لتحقيق رؤيتها المتمثلة في إطالة العمر الصحّي لمصلحة البشرية، وأھدافھا المتمثلة في:
- زيادة عدد العلاجات الآمنة والفعّالة في السوق.
- استخدام أحدث الأدوات والتقنيات لتقليص المدة الزمنية المطلوبة لتطوير العلاجات.
- تعزيز فرص الحصول على العلاجات التي تُطیل العمر الصحّي.
ستبذل هيفولوشن جهدها لتحقيق مساعيها من خلال:
- زيادة عدد الباحثين المتخصّصین بمجال الشيخوخة على الصعيد العالمي.
- زيادة عدد الشركات العاملة في مجال الشيخوخة.
- استقطاب مصادر تمويل إضافية للاستثمار في مجال الشيخوخة.
سیكون للمؤسسة فروع في أميركا الشمالية وأوروبا وآسيا، إضافة إلى مقرھا الرئیس في الریاض، سعیاً لتوحید جهودها لتحقیق أهداف رؤیتها ورسالتھا في بذل كامل الجھود لإطالة العمر الصحّي للإنسان وفھم مراحل الشيخوخة، عبر الاستفادة من مجموعة واسعة من الأدوات والتكنولوجيات.
اقرأ أيضاً: اكتشاف طفرات وراثية جديدة تسبب الشيخوخة
من أين ستبدأ؟
بدايةً، نظرت المؤسسة في تمويل جائزة بقيمة 100 مليون دولار للوصول إلى آلية عكس العمر، وتوصلت إلى اتفاق مبدئي لتمويل اختبار عقار "الميتفورمين" الذي يتناوله الآلاف من كبار السن المصابين بمرض السكري من أجل تنظيم نسبة السكر في الدم.
تُعرف تجربة "استهداف الشيخوخة بالميتفورمين" باسم "TAME"، وهي أول اختبار رئيسي لأي عقار لتأجيل الشيخوخة لدى البشر، لكن الدراسة توقفت لسنوات لعدم وجود تمويل كافٍ، إلا أنه في أبريل/ نيسان الماضي وافقت مؤسسة هيفولوشن على تمويل ثلث تكلفتها وفقاً لـ "نير برزيلاي"، الباحث في كلية ألبرت أينشتاين للطب في نيويورك والذي كان من أول المفكرين في تجربة TAME.
في حال إتمام هذه الاتفاقية، ستكون بمثابة تأييد لما يسمى "فرضية علم الشيخوخة"؛ وهي الفكرة التي تقول إن بعض الأدوية قد تؤخر ظهور العديد من الأمراض مثل السرطان وألزهايمر عن طريق تغيير عمليات الشيخوخة الأساسية داخل الخلايا. هذه الفكرة غير مثبتة بعد، لكنها ستكون الفكرة الأولى التي ستعمل مؤسسة هبفولوشن على التحقق من صحتها.
اقرأ أيضاً: ساعة الشيخوخة: هل يمكن توقع عمر الإنسان حقاً؟
لماذا الميتفورمين؟
يُعتقد أن تناول الميتفورمين يمكن أن يؤخر ظهور مجموعة من الأمراض المرتبطة بالعمر، لأن مرضى السكري الذين يتناولونه يعيشون لفترة أطول من المتوقع، حتى أنها أطول من الأشخاص الأصحاء، لكن في المقابل وجدت دراسة طويلة الأمد لمرضى السكري، نُشرت هذا العام، أن العقار لم يؤدِّ إلى أي حماية ضد مشكلات القلب. ولكن حتى لو لم يؤخر الميتفورمين الشيخوخة، فإن التجربة يمكن أن تشق طريقاً لعقاقير علم الشيخوخة الأخرى للدخول حيز الدراسات البشرية.
شاع مصطلح "علم الشيخوخة" بواسطة "فيليب سييرا"، الرئيس السابق لقسم بيولوجيا الشيخوخة في المعاهد الوطنية الأميركية للصحة، والذي تم تعيينه مؤخراً ليكون كبير المسؤولين العلميين في هيفولوشن، وقد سبق له أن وصف الشيخوخة بأنها "عامل الخطر الرئيسي لجميع الأمراض المزمنة". ولأنه من حقّ كل إنسان أن يعيش حياة أفضل لا عمراً أطول وحسب، ستسعى مؤسسة ھیفولوشن إلى تقديم الدعم اللازم والتعاون مع أفضل الكفاءات العِلمیة حول العالم، لإعادة صياغة مفھوم الشيخوخة في المجتمع.