أكملت عربة «بيرسيفيرانس» الجوالة التابعة لوكالة الفضاء الأميركية ناسا أمس -الاثنين- جمع العينة الأولى من صخور المريخ؛ وهي نواة من فوهة «جيزيرو» أثخن قليلاً من قلم رصاص؛ إذ تلقى مراقبو المهام في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا بياناتٍ تؤكد الإنجاز التاريخي.
يتم الآن وضع اللب في أنبوب العينات المصنوع من التيتانيوم محكم الإغلاق؛ مما يجعله متاحاً للاسترجاع في المستقبل. من خلال حملة إرجاع عينات المريخ؛ تخطط وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية لسلسلة من البعثات المستقبلية لإعادة أنابيب عينات العربة إلى الأرض لدراستها عن كثب. ستكون هذه العينات أول مجموعة من المواد التي ستُعاد إلى كوكبنا من كوكب آخر.
إلى جانب تحديد وجمع عينات من الصخور والثرى -الصخور المكسورة والغبار- أثناء البحث عن علامات الحياة المجهرية القديمة؛ تتضمن مهمة عربة بيرسيفيرانس دراسة منطقة جيزيرو لفهم الجيولوجيا وقابلية الحياة القديمة في المنطقة، وكذلك لتوصيف المناخ المريخي في السابق.
بدأت عملية أخذ العينات يوم الأربعاء؛ 1 سبتمبر/أيلول، عندما تم حفر المثقاب الطرقي الدوار في نهاية الذراع الروبوتية لبيرسيفيرانس في صخرة مريخية مسطحة بحجم حقيبة الملفات سمّيت بـ«روشيت».
بعد الانتهاء من عملية الحفر؛ قام الذراع بمناورة «اللب والبت وأنبوب العينة» حتى تتمكن أداة الكاميرا «ماست كام - زد» الخاصة بالمركبة الجوالة من تصوير محتويات الأنبوب الذي لا يزال غير مختوم، وإرسال النتائج مرةً أخرى إلى الأرض. وبعد أن أكد مراقبو المهمة وجود الصخور المحفورة في الأنبوب، أرسلوا أمراً لإكمال معالجة العينة.
أمس، في تمام الساعة 04:34 صباحاً بتوقيت غرينيتش، نقلت عربة بيرسيفيرانس عيّنة الرقم التسلسلي للأنبوب 266 وحمولتها المريخية إلى داخل العربة الجوالة لقياس النواة الصخرية وتصويرها، ثم أغلقت الحاوية بإحكام، وأخذت صورةً أخرى، وخزّنت الأنبوب.
تعمل بيرسيفيرانس حالياً على استكشاف النتوءات الصخرية والصخور في «أرتوبي»؛ وهو عبارة عن خط سفلي يمتد لأكثر من 900 متر على حدود وحدتين جيولوجيتين يُعتقد أنهما تحتويان على أعمق وأقدم طبقات الصخور الأرضية المكشوفة في منطقة فوهة جيزيرو.
عند إعادة هذه العينات إلى الأرض، ستخبرنا بالكثير عن بعض الفصول الأولى في تطور المريخ؛ ولكن مهما كانت محتويات أنبوب العينة 266 مثيرةً للاهتمام من الناحية الجيولوجية، فإنها لن تروي القصة الكاملة لهذا المكان، فهناك الكثير المتبقي لاستكشافه، وسيواصل البشر مغامرتهم هناك في الأشهر والسنوات المقبلة.
ستكتمل الحملة العلمية الأولية للمركبة الجوالة؛ والتي تمتد لمئات الأيام المريخية، عندما تعود بيرسيفيرانس إلى موقع هبوطها. في تلك المرحلة، ستكون قد قطعت ما بين 2.5 و 5 كيلومترات، وربما ملأت ما يصل إلى ثمانية من أنابيب العيّنات البالغ عددها 43.
بعد ذلك؛ ستنتقل العربة الجوالة شمالاً، ثم غرباً، نحو موقع حملتها العلمية الثانية؛ منطقة «دلتا فوهة جيزيرو»؛ حيث التقى نهرٌ قديم ببحيرة داخل فوهة البركان. قد تكون المنطقة غنية بالمعادن الطينية بشكلٍ خاص. فعلى الأرض، يمكن لمثل هذه المعادن أن تحافظ على العلامات المتحجرة للحياة المجهرية القديمة، وغالباً ما ترتبط بالعمليات البيولوجية.