تقنية جديدة تعلِّق بالونات في الهواء حتى لا يصبح العالَم طبقاً من المعكرونة

3 دقائق
بالون من شركة لون.

قد يكون من السهل عليك -في المكان الذي تعيش فيه- أن تجد اتصالات سريعة وموثوقة، وذلك من الأبراج الخليوية القريبة، لدرجة أنك لا تفكر في هذا الموضوع على الإطلاق، ولكن لا يسكن جميع البشر قرب هذه البِنى التحتية بطبيعة الحال، كما أن الشبكات الخلوية تتعرض أحياناً لأضرار فادحة بعد الكوارث.

وتعمل إحدى أخوت شركة جوجل -وهي شركة محددة الهدف باسم "لون Loon"- على تصميم بالونات تطفو على ارتفاع حوالي 19 كيلومتراً فوق سطح الأرض من أجل معالجة هذه المشكلة؛ حيث تتلقى هذه البالونات الإشارة الخلوية من محطة أرضية ثابتة، وتمررها من بالون إلى آخر حتى توصلها إلى وجهتها، وتقوم التجهيزات التي تحملها البالونات من الأسفل بإطلاق إشارة خلوية من الجيل الرابع إلى الناس في الأسفل، ويمكن لبالون واحد أن يغطي مساحة حوالي 5000 كيلومتر مربع أسفله.

وفي الواقع فقد أعلنت لون أنها تمكَّنت من إرسال البيانات بين بالونين يبعدان عن بعضهما أكثر من 598 كيلومتر فوق المحيط الأطلسي، كما استطاعت الشركة -في إنجاز آخر- أن تبث إشارة إنترنت فوق نيفادا وكاليفورنيا لمسافة ألف كيلومتر تقريباً؛ وذلك بنقلها من بالون إلى آخر في سلسلة متعرجة، كما لو أنها مجموعة من سعاة البريد الذين يتناقلون الرزم فيما بينهم على أحصنتهم.

هكذا يعمل النظام.

مثل رمي كرة السلة

يعتمد النظام بأكمله على إشارة الإنترنت التي تُبث من المحطة الأرضية إلى بالون قريب منها، ومن ثم تمرير البيانات من بالون إلى آخر، ويحمل كل بالون منظومة تحتوي على هوائيَّين أو ثلاثة بحجم كرة السلة تقريباً، وتستطيع أن تتبادل البث فيما بينها.

وتُثبت الهوائيات على أذرع متحركة تسمى منصات توجيهية، وتعتمد هذه المنصات على أنظمة إلكترونية للمحافظة على توجيه الهوائيات في الاتجاه الصحيح؛ يقول سال كانديدو (رئيس قسم الهندسة في لون): "تتحرك البالونات بشكل مستمر، ولهذا يجب أن يتم تعديل توجيه الهوائيات بشكل مستمر أيضاً حتى تبقى في وضعية الاتصال"؛ أي أن الهوائيات تتحرك حتى تضمن استمرار الاتصال مع تحرك البالونات بفعل الرياح.

ويتم بث البيانات بين الهوائيات من بالون إلى آخر باستخدام إشارات الأمواج المليمترية، والتي تعد من الخيارات التي تدرسها شركات الاتصال الخلوي لتأمين الاتصالات من الجيل الخامس.

قد تظن أن إرسال الإشارات بين هذه البالونات على هذا الارتفاع يتطلب الكثير من الطاقة (تعمل هذه البالونات بالطاقة الشمسية)، ولكن كانديدو يرى أن أكبر مشكلة كانت في الحفاظ على تراصف الهوائيات بشكل صحيح، يقول: "إن الشيء الأساسي هو الدقة؛ حيث إن الطاقة لا تمثل مشكلة في طبقة الستراتوسفير لأن التراسل يتم عبر حزم إشعاعية ضيقة من نقطة إلى نقطة"، وهو يقارن الدقة المطلوبة لتحقيق هذا الاتصال بالدقة المطلوبة لتمرير كرة بيسبول من حلقة صغيرة عبر ملعب كرة قدم.

أما بالنسبة لعمليات البث البعيدة التي تتباهى بها الشركة، فقد تضمَّن البث فوق كاليفورنيا ونيفادا إشارة إنترنت حقيقية من الأرض، لكن البث فوق المحيط الأطلسي كان مجرد تمرير للبيانات بين البالونات دون اتصال مع الويب.

 

شكل توضيحي يبيِّن شبكة البالونات السبعة التي نقلت البيانات لمسافة ألف كيلومتر تقريباً، وفقاً لشركة لون.
مصدر الصورة: لون

ما أهمية هذا النظام؟

تخطِّط لون لإطلاق خدماتها في كينيا العام المقبل باستخدام هذا النظام؛ وذلك بالعمل مع تيليكوم كينيا لإيصال الإشارة من الأرض إلى البالونات، ولكن استخدام البالونات ليس سوى إحدى الطرق المتعددة لإيصال إشارات الجيل الرابع إلى الهواتف الخليوية، حيث تعتمد لون على إستراتيجية عامة تعرف باسم النظام متعدد القفزات؛ وفيه تقفز الإشارة من محطة قاعدية إلى الأمام عبر عدة نقاط توجيه مثل الأقمار الاصطناعية أو الطائرات المسيرة عن بعد؛ تقول مورييل ميدارد (وهي بروفسورة في الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسوب في إم آي تي): "توجد مجموعة كاملة من هذه الهيكليات التي كانت موجودة من قبل، وما زال بإمكاننا أن نستفيد منها"، ويمكنك أن تشبِّه هذا الأمر بتوسيع شبكة الواي فاي في منزلك، أو إعداد شبكة متشابكة الوصلات.

ولا شك في أن التوصيل السلكي رائع إذا كان من الممكن استخدامه، كما أن الأبراج الخلوية تتصل بالشبكة عبر وصلات فيزيائية سلكية، ولكن مدَّ الكابلات عملية مكلفة، ولا تخلو من الصعوبات اللوجستية أيضاً؛ تقول ميدارد: "لا يمكنك أن تمد الكابلات في كل مكان وتحوِّل العالم إلى شيء أشبه بطبقٍ من المعكرونة"، ولكن عليك -بدلاً من معكرونة الكابلات على الأرض- أن تحاول تخيُّل كرات اللحم تطفو في الهواء، وهي تتبادل إشارات الصلصة فيما بينها.

المحتوى محمي