أجرى فريق دولي من الباحثين بقيادة جامعة هاواي الأميركية، دراسةً لطبقات قاع البحر في خليج سرت الليبي، لمعرفة قصة التغيرات البيئية الرئيسية في شمال إفريقيا على مدى 160 ألف سنة الماضية؛ قبل تحول المنطقة من غابات إلى صحراء جافة، ونشرت الدراسة في دورية نيتشر العلمية.
تشير النقوش ولوحات الكهوف؛ التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ والعصر الحجري في الصحراء الأفريقية الكبرى، إلى وجود الزرافات والتماسيح في المنطقة؛ ما يعني أنها كانت غابات كبيرة سابقاً، وفي هذه الدراسة، تم الحصول على رؤى أكثر تفصيلاً من نتائج النمذجة الحاسوبية المناخية، بالإضافة إلى مجموعة من الرواسب المستخرجة من البحر الأبيض المتوسط؛ وبالتحديد من خليج سرت الليبي. تروي طبقات قاع البحر قصة التغيرات البيئية الرئيسية في شمال إفريقيا على مدى 160 ألف سنة الماضية.
يقول الباحثون إنه عندما كانت الصحراء الكبرى خضراء، فإن الأنهار الجافة حالياً كانت تنقل الجسيمات إلى خليج سرت، وترسبت هناك، ويؤدي تحليل مثل هذه الرواسب إلى فهم أفضل لتوقيت وظروف إعادة تنشيط هذه الأنهار، وتوفير سياق مناخي لتطور السكان البشريين السابقين.
حصل العلماء على العينات باستخدام مكبس الحفر، والذي يعتمد على ضغط أسطوانات عملاقة في قاع البحر، ومن ثم الحصول على أعمدة بطول 30 قدم تقريباً من الطين البحري. تحتوي طبقات الطين المُستَخرجة على جزيئات الرواسب وبقايا النباتات المنقولة من القارة الأفريقية، بالإضافة إلى أصداف لكائنات دقيقة نمت في مياه البحر، ومن خلال الجمع بين تحليلات الرواسب ونتائج المحاكاة الحاسوبية، يمكن فهم العمليات المناخية التي تسببت في التغيرات الجذرية في بيئات شمال إفريقيا على مدى 160 ألف سنة الماضية.
استنتج الباحثون أن التغيرات الطفيفة في مدار الأرض، وتقلص وتضاؤل الصفائح الجليدية القطبية؛ هي التي أدت إلى تتابع المراحل الرطبة مع هطول الأمطار الغزيرة والفترات الطويلة من الجفاف شبه الكامل، واستمرت فترات الخصوبة بشكل عام 5 آلاف سنة، وانتشرت الرطوبة في شمال إفريقيا حتى ساحل البحر الأبيض المتوسط. بالنسبة للناس في ذلك الوقت، أدى ذلك إلى تغييرات جذرية في ظروف المعيشة؛ مما أدى على الأرجح إلى حركات هجرة كبيرة في شمال إفريقيا.
من المهم فهم العوامل التي تحكمت في تعاقب المراحل الرطبة والجافة في شمال أفريقيا خلال الماضي؛ لأنه من المتوقع أن تعاني هذه المنطقة من حالات جفاف شديدة نتيجة تغير المناخ من صنع الإنسان.