إن اتّساع الفضاء وغموضه لم يوقفان بأي شكل فضول الإنسان الأصلي في البحث عمّا هو في أعماق الأرض، ولا تنفكّ الأرض بدورها أن تكشف عن كل ما يساعدنا في تحقيق فهم أكبر لتاريخنا وتاريخ الكوكب من حولنا. فيما يلي قائمة بوبيولار ساينس- العلوم للعموم لأبرز ما باحت به الأرض من أسرار هذا العام.
الجليد البحري يزيد من استقرار التربة الصقيعية
قدّم فريقٌ بحثي من جامعة أكسفورد البريطانية أدلة من كهوف سيبيريا تشير إلى أن الجليد البحري الصيفي في المحيط المتجمد الشمالي يلعب دوراً أساسياً في استقرار التربة الصقيعية. ومخزونها الكبير من الكربون. وذلك في بحثٍ نُشر في دورية «نيتشر» يوم 8 يناير/كانون الثاني.
التربة الصقيعية؛ هي الأرض التي تبقى متجمّدة طوال العام، وهي تغطي ما يقرب من ربع أراضي نصف الكرة الشمالي. إذ تسمح الحالة المتجمدة للتربة الصقيعية بتخزين كميات كبيرة من الكربون؛ حوالي ضعف ما هو عليه في الغلاف الجوي. ومن الصعب التنبؤ بمعدل ومدى الذوبان المستقبلي للتربة الصقيعية، وما يترتب على ذلك من إطلاق الكربون. لكن ومع ذلك، فإن العلاقة الماضية الحاسمة بين الجليد البحري الصيفي في القطب الشمالي والتربة الصقيعية، المكتشفة في هذه الدراسة، أصبحت مفهومة الآن، ويترتّب على ذلك آثارٌ مهمة في المستقبل.
أقدم جهاز هضمي في أحافير الحيوانات
اكتشفت عالمة جيولوجيا ميدانية في جامعة جامعة جونز هوبكنز الأميركية في جولةٍ لها شمال نيفادا حفريات اتّضح أنها تحتوي على أقدم أحشاء حيوانية معروفة على هذا الكوكب ونُشرت تفاصيل الاكتشاف في ورقة بحثية في دورية «نيتشر» يوم 10 يناير/كانون الثاني.
تعود هذه الأحشاء إلى حيوان منقرض يُدعى «كلاودينا»، والذي بدا وكأنه دودة مكوّنة من كومة من أقماع الآيس كريم وعاشت منذ حوالي 550 مليون سنة، بُعيد الفترة التي كان فيها كوكب الأرض مغطى بأكمله بالجليد.
أعشاب بحرية خضراء يبلغ عمرها مليار عام
اكتشف الباحثون في صخورٍ في شمال الصين ما يمكن أن يكون أقدم حفريات لنبات أخضر عُثر عليها على الإطلاق؛ أعشاب بحرية صغيرة كانت تغطي مناطق قاع البحر مثل السجاد قبل مليار عام، وكانت جزءاً من ثورة بداية بين الحياة على الأرض.
قال الباحثون، في ورقتهم التي نُشرت في دورية «نيتشر» يوم 28 فبراير/شباط، أن النبات، الذي سمّي بـ«Proterocladus antiquus»، كان بحجم حبة الأرز تقريباً، ولديه العديد من الفروع الرقيقة، ويزدهر في المياه الضحلة بينما كان متصلاً بقاع البحر بهيكل يشبه الجذور. ورغم صغره -2 ميليميتر- إلا أنه كان أحد أكبر الكائنات الحية في عصره، إذا تشارك البحار بشكل أساسي مع البكتيريا والميكروبات الأخرى في عملية التمثيل الضوئي، وتحويل الطاقة من ضوء الشمس إلى طاقة كيميائية وإنتاج الأكسجين في المراحل الأولى من الحياة.
99 مليون عام: أصغر ديناصور في العالم
اكتشف فريقٌ دوليّ من الباحثين، أثناء العمل على جمع الحفريات من شمال ميانمار، عيّنة جمجمة تشبه جماجم الطيور تبدو ناضجةً ومحفوظةً داخل كهرمان. ويمكن أن تعود لأصغر ديناصور معروف في حقبة الحياة الوسطى في سجل الحفريات. حجم العينة مساوٍ لحجم طائر طنان النحل، أصغر طائر حي على الإطلاق. نُشرت تفاصيل الاكتشاف في دورية «نيتشر» يوم 11 مارس/آذار.
أقدم أحفورة لأسلاف الطيور الحديثة
عثر الخبراء على أحفورة لبقايا أقدم طائر حديث معروف في العالم، في صخور يعود تاريخها إلى حوالي 66.7 - 66.8 مليون سنة، مما يكشف أن الطائر كان نشطاً قبل وقتٍ قصير من اصطدام الكويكب الذي قضى على الديناصورات قبل 66 مليون سنة. ومخلوق صغير الحجم يقارب نصف حجم البطة، أطلقوا عليه اسم «ووندر تشيكن»، ونُشرت تفاصيل الاكتشاف في دورية «نيتشر» يوم 18 مارس/آذار.
تطورت الطيور الحديثة من الديناصورات آكلة اللحوم ذوات الأقدام، مع ظهور كائنات مثل «الأركيوبتركس» البالغ من العمر 150 مليون عام على طول الطريق. ولكن في تناقضٍ حاد مع «الأركيوبتركس»، الطيور الحديثة ليس لها أسنان، كما تفتقر إلى الذيول العظمية والأجنحة ذات المخالب التي كانت موجودة لدى لعديد من أسلافها.
هل كان طقس أنتاركتيكا أكثر دفئاً قبل التاريخ؟
وجد فريقٌ بريطاني-ألماني من الباحثين أدلةً على وجود غاباتٍ مطيرة تعود إلى العصر الطباشيري -90 مليون سنة مضت- على بُعد 900 كيلومتر فقط من القطب الجنوبي، ويُظهر تحليلهم للجذور وحبوب التلقيح والجراثيم أن العالم في ذلك الوقت كان أكثر دفئاً مما كان يُعتقد سابقاً. ونُشرت تفاصيل الاكتشاف في ورقة بحثية ضمن دورية «نيتشر» يوم 1 أبريل/نيسان.
أقدم حشرة في العالم
اكتشف فريق عالميّ من الباحثين بقايا تعود لأقدم حشرة مسجّلة في العالم في اسكتلندا، دودة ألفية متحجّرة عمرها 425 مليون عام، وتشير إلى أن الحشرات والنباتات تطورت بشكل أسرع بكثير مما كان يعتقد سابقاً. ونُشرت تفاصيل الاكتشاف في ورقة بحثية ضمن دورية «هيستوريكال بيولوجي» يوم 15 مايو/أيار.
بعد تحليل الحشرة المتحجرة، اتّضح لدى الفريق أن تلك المخلوقات القديمة تركت البحيرات لتعيش في النظم البيئية للغابات المعقدة بعد مضي 40 مليون سنة فقط من تاريخها. واستخدم الباحثون تقنيةً جديدةً لتحديد أن الدودة الألفية أصغر بـ75 مليون سنة من العمر الذي قدّره علماءٌ أخرون، وذلك عن طريق استخراج الزركون، وهو معدن مجهري ضروري لتحديد تاريخ الحفريات بدقة.
أحافير تمساح قد يكون سار على قدمين
اكتشف فريق من الباحثين في جامعة كولورادو دنفر بصمات آثار أقدامٍ غريبة في جنوب كوريا الجنوبية تم الإبلاغ عنها يوم 11 يونيو/حزيران في دورية «نيتشر». واتّضح أنها تعطي انطباعاً عن أصابع أقدامِ حيوانات، والوسادات الموجودة على قيعان أقدامهم، وحتى بقع الجلد العرضية. وعلى الأرجح، فإنها قد تُركت من قبل تماسيح، أو أقارب التماسيح، التي يزيد طولها عن تسعة أقدام. وبدا أنها كانت تماسيح غير عادية، إذ لم تترك آثاراً إلا من لأقدامها الخلفية، مما يشير إلى أن تلك الحيوانات كانت تسير على قدمين.
هياكل غريبة منتشرة بالقرب من نواة الأرض
حلّل علماء الجيوفيزياء في جامعة ماريلاند آلاف التسجيلات للموجات الزلزالية، والموجات الصوتية التي تنتقل عبر الأرض لتحديد الصدى المنتشر من الحدود بين لب الأرض المنصهر وطبقة الوشاح الصلبة فوقه. وكشفت الأصداء عن هياكل غير متجانسة منتشرة على نطاق واسع -مناطق من الصخور الساخنة الكثيفة بشكل غير عادي- عند حدود اللب والوشاح أكثر مما كان معروفاً من قبل. ونُشرت الدراسة في بحثٍ ضمن دورية «ساينس» يوم 12 يونيو/حزيران.
لم يتأكد العلماء من ماهيّة هذه الهياكل بعد، ولم تقدم الدراسات السابقة سوى رؤية محدودة لها. ولكن يمكن أن يساعد فهم شكلها ومداها في الكشف عن العمليات الجيولوجية التي تحدث في أعماق الأرض بشكل أفضل. كما قد توفر هذه المعرفة أدلة على طريقة عمل الصفائح التكتونية وتطور كوكبنا.
أقدم دليل على وجود البشر في الأميركيتين
وجد فريقٌ من علماء الآثار في جامعتي زاكاتيكاس المكسيكية وأكسفورد البريطانية ما يقرب من 2000 أداة حجرية في كهف صخري مرتفع في وسط المكسيك. وأشارت التحاليل التي أجراها الباحثون، ونُشرت في دورية «نيتشر» يوم 22 يوليو/تموز، إلى أن الكهف استخدمه الناس قبل ما لا يقل عن 33 ألف عام، أي أواخر العصر الجليدي، وهو ضعف العمر الذي ساد الاعتقاد أنه مضى على استيطان البشر للأميركيتين.
أسرّة عشبية عمرها 200 ألف عام في إفريقيا
وجد فريقٌ عالميّ من الباحثين، في كهف بوردر بجنوب إفريقيا، دليلاً على أن البشر كانوا يستخدمون العشب لصناعة الفراش في سبيل إنشاء مناطق مريحة للنوم والعمل قبل 200 ألف سنة على الأقل. ونُشرت تفاصيل الاكتشاف في دورية «ساينس» يوم 14 أغسطس/آب.
وُضعت هذه الأسرّة، المكونة من حزم عشبية من فصيلة «الثماماوات» ذات الأوراق العريضة بالقرب من الجزء الخلفي من الكهف على طبقاتٍ من الرماد. حيث استُخدم الرماد لحماية الناس من الحشرات الزاحفة أثناء النوم.
أحفورة قد تغير ما نعرفه عن أسماك القرش
وجد فريقٌ عالمي من باحثي الحفريات عظاماً داخل بقايا جمجمة أحفوريةً تعود لأكثر من 400 مليون عاماً لواحدة من الأسماك المدرعة المنقرضة «لوحيات الأدمة» في منغوليا. إذ لم يسبق وأن عُثر على العظام في أحفورياتِ الأسماك المدرعة من قبل، مما يشير إلى أنه من الممكن أن تكون أسماك القرش –المرتبطة في سلفها مع الأسماك المدرعة– قد طورت العظام أولاً ومن ثم فقدتها مرة أخرى، محتفظةً ببنيتها الغضروفية الأصلية خلال رحلتها التطورية. نُشرت تفاصيل الاكتشاف في دورية «نيتشر إيكولوجي & إيفولوشن» يوم 7 سبتمبر/أيلول.
عظام مدفونة تحل لغزاً حول إنسان الـ«نياندرتال»
اكتشف باحثون من المركز الوطني الفرنسي للأبحاث عظاماً مدفونةً تعود لطفلٍ ذو سنتين عاش قبل حوالي 41 ألف عام في موقع أثري شهير في جنوب غرب فرنسا، حيث عُثر على بقايا العديد من إنسان «نياندرتال» هناك. ونُشرت تفاصيل الاكتشاف في دورية «نيتشر» يوم 9 ديسمبر/كانون الأول.
لم توجد هناك أي علامات على الحيوانات، والتي تدل على الدفن الفوري المقصود بغرض الحماية. كما لم يعثر الباحثون على أية أثر غير بشري يمكن أن يفسر وجود الطفل والعناصر المرتبطة به داخل طبقة قماشية معقمة. وبالتالي يكون الاكتشاف دليلاً آخر على قيام إنسان «نياندرتال» بدفن موتاهم.