هل هناك أي شيء أجمل من قناديل البحر العملاقة التي تتحرك عبر "العواصف الثلجية" في أعماق البحار؟ يعتمد هذا على التفضيل الشخصي. ربما تفضّل وميض سمكة الحوت في المياه الهادئة، والذي يشبه مستشعر الأشعة تحت الحمراء، أو الأسماك ذات الرأس الشفاف التي تتسلل في الأعماق.
مركبة دوك ريكتيس تجوب قاع المحيطات
هذه المشاهد هي من بين عشرات المشاهد النادرة التي التقطتها "دوك ريكيتس"، المركبة الجوالة الروبوتية التابعة لـ "معهد أبحاث خليج مونتيري البحري" (أو "إم بي إيه آر" اختصاراً). على مدى الأشهر العديدة الماضية، كانت الغواصة التي يبلغ طولها 10 أقدام ووزنها نحو طن واحد تستكشف الأخاديد الموجودة تحت البحر قبالة سواحل وسط كاليفورنيا، وهي بوابة إلى السهل السحيق للمحيط الهادئ، والذي يحتوي على العديد من الكائنات العجيبة.
بفضل الكاميرات عالية الدقة ومصابيح "إل إي دي" (LED) التي تتميز بها المركبة الجوالة، يستطيع باحثو المعهد اكتشاف وتسجيل الحياة البرية التي نادراً ما لمحتها العيون البشرية. خذ قنديل البحر الشبحي مثلاً. وُصف هذا النوع لأول مرة في عام 1910، واكتُشف في الستينيات، كما تم توثيق وجوده في 6 من محيطات العالم. مع ذلك، فقد شوهد فقط 100 مرة أو نحو ذلك، 9 منها كانت عن طريق جهود المعهد نفسه. يتكون معظم جسم هذا الحيوان (والذي يمكن أن يمتد حتى 33 قدماً، ما يقارب طول زرافتين فوق بعضهما) من 4 "أذرع فموية" يستخدمها للإمساك بالفرائس والتحرك في الماء. ليس لديه مخالب، ولا يبدو أنه يلسع.
كانت سمكة الحوت نوعاً آخراً اكتُشف بالصدفة بواسطة نفس المركبة هذا الصيف. صنّف باحثو معهد إم بي إيه آر هذه الأسماك على أنها عضو في عائلة "السيتوميميدات" (Cetomimidae)، وهي مجموعة من فقاريات أعماق البحار تفتقر إلى الحراشف والزعانف البارزة. لا تقرب هذه الكائنات أسماك القرش الحوتيّة، ولكن سُميت باسم يشبه اسمها بسبب الطريقة التي تفتح بها أفواهها لتتغذى. على الرغم من أنها قد تبدو ساطعة في ضوء النهار، إلا أن ألوانها الغريبة تساعدها على التخفّي في الأعماق المظلمة. لا يزال علماء الأحياء البحرية يتعلّمون عن البنية التشريحية لأسماك الحوت، ولكن مما يعرفونه حتى الآن، فإنها تتمتع بحياة جنسية غير تقليدية حقاً.
اقرأ أيضاً: ماذا سيحدث لمستوى المياه إذا نزل كل البشر إلى المحيط دفعةً واحدة؟
بالطبع، لن تكتمل أي مغامرة في قاع المحيط بدون حيوان يبدو وكأنه مصنوع من السيلوفان. خلال هذا الأسبوع، شارك باحثو معهد إم بي إيه آر مقطعاً لإحدى الأسماك ذات الرأس الشفاف وجدت على عمق أكثر من 609 متراً في خليج مدينة مونتيري. على عكس سمكة الحوت، يمتلك هذا الحيوان عينين يمكنهما التحرك على طول رأسه، ما يسمح له بالنظر فوقه بحثاً عن التهديدات. قد تساعد العدسات الخضراء أيضاً في تحسس "التلألؤ البيولوجي"، حتى عندما يغزو ضوء الشمس بيئته. في غضون ذلك، يمتلئ رأسه الشفاف بالسائل، مما يحمي أعضاءه ويمنحها مساحة كبيرة للتحرك.
تعد مركبة دوك ريكيتس واحدة من مركبتين روبوتيتين يمتلكهما ويديرهما معهد إم بي إي آر. يستخدم الباحثون في معهد أبحاث المحيطات هذا أيضاً مركبة جوالة قاعية، ومركبة جوالة صغيرة، إضافة إلى العديد من المركبات المستقلة الأخرى لاستكشاف خليج مونتيري. تفقّد قناة المعهد على موقع "يوتيوب" لتشاهد المزيد من مقاطع الفيديو من بعثات المعهد إلى أعماق البحار.