العين هي نافذة الإنسان التي يرى من خلالها العالم، وهي واحدة من أهم أعضاء الجسم، ما يجعل إلحاق أي ضرر فيها بمثابة كارثة لصاحبها. لذلك، اهتم العلماء والأطباء مع تطور الطب بصحة العيون، وساهمت العديد من التقنيات الحديثة في علاج أمراض العيون وإجراء عمليات تصحيح الإبصار.
لكن هناك حالات ما زال يكافح العلم لإيجاد حلولٍ فعّالة لها، ومنها الإصابة بفقدان البصر.
وفي هذا الصدد، بدأ التعاون بين مجموعة بحثية من معهد "جايل" في جامعة جنوب كاليفورنيا (USC Gayle) ومؤسسة "إدوارد روسكي للعيون" (Edward Roski Eye Institute) عام 2016، للبحث عن حلول فعالة لإنقاذ البشر من أمراض العين والعمى، فقد وجدوا أنه بحلول عام 2050، سيُصاب ما يزيد عن 8 ملايين مواطن أميركي بضعف البصر أو العمى، ما يبرز ضرورة العمل الجماعي البحثي لإيجاد حلول لهذه المشكلة.
اقرأ أيضاً: هل توجد صلة بين فقدان حدة البصر والإصابة بالخرف؟
الحل في الأمواج فوق الصوتية
توّصلت مجموعة بحثية بقسم الهندسة الطبية الحيوية في كلية فيتربي للهندسة بجامعة جنوب كاليفورنيا إلى طريقة جديدة، يمكن من خلالها استعادة البصر من جديد. لم تكن هذه الطريقة جراحية، بل، تستخدم الموجات فوق الصوتية. ونُشرت نتائج الدراسة في دورية "بي إم أي فرونتيرز" (BME Frontiers) في 2022.
يصعب تطبيق الابتكار على الأجسام البشرية، لذلك قرر الباحثون في جامعة جنوب كاليفورنيا تجربة هذه الفكرة على أعين الفئران. وهي تعتمد على تحفيز عيون الفئران العمياء بالموجات فوق الصوتية، تماماً مثل طريقة استخدام الموجات فوق الصوتية لتصوير الجنين في بطن أمه أثناء الحمل، فقد ابتكر الباحثون جهازاً يمكن توجيهه نحو منطقة الشبكية في الجزء الخلفي من العين وتحفيزها.
استخدم الباحثون أثناء التجربة الموجات فوق الصوتية في محاولة لتحفيز الخلايا العصبية في شبكية العين من خلال تلك الموجات، وبشكل مشابه لما يحدث عندما يتم الضغط على العين المبصرة في بعض الأحيان، فقد نلاحظ ظهور بعض البقع المضيئة، وهذا يعني أنه تم تحفيز الخلايا العصبية، حيث يظهر وميض لا يراه سوى صاحب العين. استغل الباحثون هذه الحالة، واستخدموا الموجات فوق الصوتية لتحفيز العين العمياء.
استخدم الباحثون أصوات ذات ترددات مرتفعة، وقاموا بمعالجتها وتركيزها نحو منطقة محددة من العين، ولمعرفة ما إذا كانت الفئران قد استعادت بصرها جزئيّاً أو لفترة مؤقتة، لجأ الباحثون إلى قياس نشاط منطقة القشرة البصرية في الدماغ عبر مجموعة من الأقطاب ووجدوا أنّ أنماط القياسات المعروضة عند التحفيز باستخدام الموجات فوق الصوتية، مماثلة لتلك الأنماط التي تلتقطها أدمغة الفئران.
اقرأ أيضاً: استهداف الخلايا العصبية بالموجات فوق الصوتية من أجل تثبيط الألم
من الفئران إلى الرئيسيات
يعتمد أغلب الباحثين على الفئران في التجارب، لكن في مثل هذه الحالة، يخطط الباحثون إلى الاقتراب من الجسم البشري بعض الشيء للتأكد من فعالية التجربة، فقد تكون أملاً لأولئك الذين يعانون من العمى، وقرروا الانتقال بتجربتهم من الفئران إلى الرئيسيات غير البشرية، في محاولة للبحث عن أفضل الطرائق لتطبيق هذه الفكرة على البشر مستقبلاً.
اقرأ أيضاً: كيف أصبحت الفئران الحيوانات المفضلة لإجراء الاختبارات العلمية؟
يهدف الباحثون في المستقبل إلى تصنيع محول عدسة لاسلكي، ليُوضع كعدسة لاصقة، يمكن ارتداؤها والرؤية من خلالها، وبذلك، يستطيعون إنشاء صور أكثر وضوحاً يستطيع الشخص الكفيف رؤية العالم من خلالها. لكن هناك مشكلة تتعلق بالثمن الباهظ لإجراء هذا العلاج، فهذه تقنية غير جراحية، وتكلفتها عالية، لكنها ممكنة.