تواصل معنا
Search Open Side Panel

العقل المبدع لا يشيخ: كيف يحافظ الإبداع على ذكائك المهني؟

2 دقيقة
العقل المبدع لا يشيخ: كيف يحافظ الإبداع على ذكائك المهني؟
حقوق الصورة: بوبيولار ساينس العربية. تصميم: عبدالله بليد.

هل لديك هواية في الرسم أو الرقص أو الموسيقى؟ مارس هوايتك أكثر لتطيل عمر دماغك، فقد أثبتت دراسة علمية حديثة أن زيادة ممارسة الأنشطة الإبداعية تطيل عمر الدماغ، وتسبب تباطؤ شيخوخته.

  • أجرى الدراسة فريق دولي من العلماء في 13 دولة، قاسوا من خلالها التجارب الإبداعية التي تشعرنا…

وفقاً لدراسة علمية حديثة، أجراها فريق من العلماء الدوليين في 13 دولة، تعزز النشاطات الفنية الإبداعية صحة الدماغ، ما قد يؤدي إلى إبطاء شيخوخة الدماغ لدى الشخص الذي يمارس هذه النشاطات. وكلما كان الممارس أكثر إبداعاً وخبرة، تباطأت شيخوخة دماغه أكثر. 

لماذا يقيس الباحثون علاقة الأنشطة الإبداعية بصحة الدماغ؟

يتمتع الدماغ بصحة جيدة عندما يقدم أداء معرفياً وعاطفياً واجتماعياً جيداً، ويبقى قادراً على التكيف مع تغيرات الحياة وممارسة الأنشطة اليومية. ويشيخ الدماغ بسبب التغيرات البيولوجية والوظيفية التي تحدث فيه مع مرور الوقت، بما في ذلك تغيرات البنية والترابط العصبي والتمثيل الغذائي، ويختلف معدل هذه التغيرات من شخص إلى آخر.

في الدراسة المنشورة في مجلة نيتشر العلمية في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2025 أراد الباحثون معرفة إذا ما كان الإبداع مجرد متعة أو مكافأة عاطفية، أم إنه يقدم فائدة حيوية للدماغ، بالإضافة إلى الفائدة النفسية. وأرادوا أيضاً تحدي فكرة أن الفن غامض وغير ملموس لدرجة تجعل من دراسته علمياً أو إحداث فرق بيولوجي أمراً صعباً. لذلك صمموا تجربة تقيس تأثير التجارب الإبداعية التي تشعرنا بالبهجة وتجسد جوهرنا الإنساني في تأخير شيخوخة الدماغ، كما تفعل التمارين الرياضية.

اقرأ أيضاً: الغذاء والقيادة: وجبات تعزز التفكير والإبداع حسب علم التغذية

كيف يمكن قياس علاقة الأنشطة الإبداعية بصحة الدماغ؟ 

في التجربة، استخدم الباحثون "ساعات الدماغ" لفهم العوامل التي تحافظ على مرونة الدماغ، وتلك التي تسرع شيخوخته. و"ساعات الدماغ" هي نماذج تعلم آلي مصممة لتقدير عمر الدماغ، بناء على مسوحات الدماغ أو أنماط النشاط العصبي. تقارن هذه النماذج بيانات التصوير العصبي، أو الفيزيولوجيا الكهربية، أو الجزيئية العصبية، بأنماط الدماغ الطبيعية على مدار العمر.

شارك في الدراسة نحو 1400 شخص من عدة بلدان، منهم راقصو تانغو محترفون أو موسيقيون أو فنانون تشكيليون أو لاعبون، بالإضافة إلى أشخاص آخرين غير متخصصين بالأعمال الإبداعية، لكنهم يماثلونهم في الفئة العمرية ومستوى التعليم والجنس. ​​ولم يكن لدى غير المتخصصين أي خبرة سابقة في التخصصات الإبداعية تلك.

بعد تسجيل نشاط الدماغ لدى المشاركين باستخدام تخطيط الدماغ المغناطيسي وتخطيط كهربية الدماغ، جرى تدريب نماذج تعلم آلي لإنشاء ساعة دماغية لكل مشارك، والتنبؤ بعمره بناء على بياناته. إذا أشارت ساعة الدماغ إلى عمر أصغر من العمر الحقيقي، فهذا يعني أن الدماغ يعمل بكفاءة أعلى من المتوقع.

ومن أجل فهم بيولوجيا الدماغ، استخدم الباحثون النمذجة الحيوية الفيزيائية، وهي "أدمغة رقمية" تحاكي نشاط الدماغ الحقيقي، إذ إنها نسخة طبق الأصل من الدماغ داخل جهاز حاسوب، تستخدم قواعد حيوية وفيزيائية مفصلة لمحاكاة كيفية عمل الدماغ. أي إن ساعة الدماغ تقيس تسارع الشيخوخة الدماغية أو تباطؤها، أما النماذج الحيوية الفيزيائية فتفسر سبب ارتباط الإبداع بصحة الدماغ.

اقرأ أيضاً: باحثون من جامعة هارفارد يحددون 17 عاملاً يسرع شيخوخة الدماغ

الإبداع يجعل الدماغ أصغر عمراً

في النتيجة، وجد الباحثون أن المشاركين الممارسين للأنشطة الإبداعية جميعهم لديهم عمر دماغ أصغر مقارنة بالفئة الأخرى من المشاركين. وقد أظهر راقصو التانغو أدمغة تبدو أصغر بسبع سنوات من أعمارهم الحقيقية. أما الموسيقيون والفنانون التشكيليون، فكانت أدمغتهم أصغر بخمس إلى ست سنوات، وكانت أدمغة اللاعبين أصغر بأربع سنوات تقريباً.

كما أظهرت الدراسة أن التعلم القصير المدى في مجال إبداعي، مثل التدريب على ألعاب الفيديو، يؤدي إلى تأخير طفيف في عمر الدماغ، ما يشير إلى أن مجرد التعلم النشط له تأثير إيجابي.

واستنتج الفريق أن زيادة ممارسة النشاط الإبداعي يزيد التأثير في تباطؤ شيخوخة الدماغ، مهما كان نوع الفن الإبداعي الذي يمارسونه، لأن أنواع الفنون جميعها تساعد مناطق الدماغ الرئيسية على العمل معاً بصورة أفضل، خاصة مناطق التركيز والتعلم. أي إن الإبداع يحمي مناطق الدماغ المعرضة للشيخوخة ويجعل التواصل بين أجزاء الدماغ أكثر كفاءة.

اقرأ أيضاً: احذر هذه العادات الخاطئة التي تسرع شيخوختك 

باختصار، أثبتت الدراسة أن الفن والعلم حليفان يعملان معاً على تعزيز صحة الدماغ، وأن الإبداع ليس مجرد ظاهرة ثقافية أو نفسية، بل يجب أن يكون حاضراً في التعليم والصحة العامة وبين المتقدمين في السن.

المحتوى محمي