يحتاج المزارعون إلى تسميد المحاصيل للحفاظ على المستويات المناسبة لإمدادات الغذاء. ويبيّن بحث جديد أن الفضلات التي ينتجها البشر قد تمثّل أدوات فعالة في تسميد المحاصيل، على وجه التحديد بول البشر.
هل يمكن استخدام البول كسماد؟
نشر باحثون من المعهد الوطني للأبحاث الزراعية في النيجر مؤخراً بحثاً حول استخدام البول كسماد لمحاصيل الجاروس اللؤلؤي، وهو نوع من الحبوب يتم زرعه في النيجر في إفريقيا. يحتوي البول على الفوسفور والبوتاسيوم والنتروجين، وهي عناصر يتم استخدامها بشكل واسع في إنماء المحاصيل. قام العلماء بمعالجة البول وجربوا استخدامه كسماد على مدار 3 سنوات ووجدوا أنه يزيد من الإنتاج بنسبة 30%.
قام العلماء بمعالجة البول عن طريق تخزينه في درجات حرارة تتجاوز 21 درجة مئوية بقليل لمدة شهرين إلى 3 أشهر. تزداد درجة حموضة البول بمرور الزمن نتيجة لتميّه الكرباميد (وهو مركّب نتروجيني) وتَحوّله إلى الأمونيا، ما يعقّم البول. يمكن بعد ذلك استخدام البول كسماد.
قال تريفر بوير (Treavor Boyer)، أستاذ مساعد في الهندسة المستدامة في جامعة ولاية أريزونا، والذي لم يشارك في الدراسة الجديدة لموقع بوبيولار ساينس (العلوم للعموم)، إن فكرة التبوّل على النباتات قد تذكر بالأعشاب الميتة التي تبولت عليها الكلاب. ولكن يعود ذلك إلى أن الملح الموجود في البول يضر بالأجزاء الحية من النبات. لكن الأمر يتعلق بطريقة استخدام البول.
هل يعتبر استخدامه آمناً؟
قال بوير: "يحرق الملح أوراق وسيقان النباتات. وهذا هو أكبر تحدٍ يواجه استخدام البول كسماد. إذ إن البول يحتوي على الأملاح"، وأضاف: "إذا رغبنا بمعالجة النباتات بالبول، فلا يجب أن نقوم برشّه عليها، بل يجب أن نقوم بصبّه في التربة حتى يصل إلى الجذور. وإذا كان يتم سقي هذه النباتات بشكل كافٍ، فسيتسبب ذلك بإزالة الأملاح لأنها تتحرك بسهولة في التربة ولا تعلق فيها. وبذلك ستبقى المغذّيات في التربة".
قالت نانسي لوف (Nancy Love)، أستاذة الهندسة المدنية والبيئية في جامعة ميشيغان والتي لم تشارك أيضاً في الدراسة الجديدة لموقع بوبيولار ساينس، إن استخدام البول كسماد يبدو آمناً نسبياً عند معالجته بشكل مناسب. أضافت لوف أن أي فيروسات أو بكتيريا موجودة في البول مثل بكتيريا الإشريكية القولونية التي قد تمثل مصدراً للقلق لن تشكّل خطراً على البشر إذا اتّبعوا عملية المعالجة بشكل صحيح. يقوم الباحثون في مختبر لوف البول ببسترة البول باستخدام الحرارة لمعالجته بدلاً من تخزينه فقط.
لكن تقول لوف إن إحدى المشكلات هي "عامل القرف". لا يحبّذ الأشخاص فكرة تناول النباتات التي تم إنماؤها باستخدام سماد بولي. قد لا يفهم الأشخاص أن معالجة البول تمنعه من أن يتسبب بالأمراض. تفيد لوف بأن المشكلة تكمن في تسويق الفكرة ببساطة. لكن يمكن أيضاً أن يتم استخدام البول لتسميد المحاصيل غير المخصصة للاستهلاك البشري.
اقرأ أيضاً: هل تعد إضافة الأملاح إلى مياه الشرب ممارسة جيدة للصحة؟
إذ تقول: "يمكن استخدام البول لتسميد الأغذية المخصصة للحيوانات والتي تصبح فيما بعد غذاءً للبشر، أو في سياقات أخرى حيث يتم تسميد محاصيل غير غذائية".
مشاريع تجريبية
تاريخياً، تم استخدام البول كسماد لآلاف السنين في مناطق من إفريقيا وآسيا. وفي يومنا هذا، بدأ يزداد الاهتمام باستخدام البول كسماد. إذ بدأت تظهر مشاريع تجريبية عبر الولايات المتحدة وأوروبا وإفريقيا. يهتم الكثيرون باستبدال الأسمدة الكيميائية بأسمدة أخرى لأن إنتاج النتروجين الاصطناعي الذي يوجد في هذه الأسمدة يساهم في انبعاثات الغازات الدفيئة، بينما هذا لا ينطبق على البول.
لا تزال هذه المشاريع التجريبية صغيرة، ولكن يقول بوير إنه يمكن توسيع نطاقها إذا تم استخدام المزيد من المباول الخالية من المياه حيث يمكن تجميع البول ونقله دون تمديده.
يقول بوير: "في الولايات المتحدة، هناك مباول خالية من المياه، لكنها تستخدم فقط بهدف توفير المياه. ولا تستخدم كجزء من نظام لتجميع البول"، ويضيف: "يجب أن نصمم أنظمة السباكة بطريقة تتيح لنا تجميع البول بشكل منفصل عن مياه الصرف الصحي الأخرى. يجب على الأرجح أن يتم تخزين هذه الكميات من البول في مبانٍ ثم استخدامها في المواقع المخصصة بشكل ضيق النطاق، أو يجب أن نصمم نظاماً لوجستياً يتم وفقه تجميع البول واستخدامه بشكل مفيد وبطريقة تصبح اقتصادية مع الوقت".
اقرأ أيضاً: هل من الممكن استخدام البراز البشري كسماد على سطح المريخ؟
تقول لوف إنه من غير المرجح أن تنتشر ممارسة استخدام البول كسماد على نطاق عالمي في أي وقت قريب، كما أنه من غير المرجح أن نبدأ باستبدال كل المباول بأخرى تتيح لنا تحقيق هذه الأهداف. مع ذلك، يمكن أن تصبح المباول التي تجمّع البول أكثر شيوعاً في المباني الجديدة وتلك التي يتم تجديدها.
تقول لوف: "ما لا يجب علينا فعله هو تجديد البنية التحتية باستخدام طرق تفكير تكنولوجية خاصة بأنظمة المياه تعود للخمسينيات والستينيات والسبعينيات"، وتضيف: "بل يجب علينا أن نطوّر التكنولوجيا ونحسّن السياسات الحكومية".