دراسة: التغيّر المناخي يهدد بتدمير المواقع الأثرية المهمة

2 دقائق
دراسة: التغيّر المناخي يهدد بتدمير المواقع الأثرية المهمة
علماء آثار يحفرون أثناء التنقيب. ديبوزيت فوتوز

حتى أكثر الأماكن التاريخية روعةً على هذا الكوكب لا يمكنها الإفلات من تأثير التغيّر المناخي. لقد وجدت دراسة نُشرت مؤخراً في مجلة (Antiquities) أن العديد من المواقع الأثرية الأكثر أهمية في العالم معرضة للخطر بسبب التهديدات المتزايدة التي يفرضها التغيّر المناخي، ما يثبت مرة أخرى أنه لا يوجد مكان على الأرض بمنأى عن غضب كوكب متغير.

من آلاسكا إلى مصر: التغير المناخي يهدد الآثار

وتختلف التأثيرات باختلاف المواقع الأثرية نفسها. على سبيل المثال، تتعرض مئات المواقع الأثرية في ساحل اسكتلندا والمواقع الأثرية في شمال سيناء في مصر والمدخنة القديمة في بينساكولا بلافز بفلوريدا لتهديد تآكل الساحل وارتفاع منسوب مياه البحر، بينما يؤدي ذوبان الجليد الدائم في ألاسكا إلى تدمير القطع الأثرية المحفوظة في الجليد. وفي إيران، دُفنت مواقع أثرية يعود تاريخها إلى القرن الثالث قبل الميلاد في الرمال بسبب التصحر أو بسبب الجفاف وأساليب الزراعة وإزالة الغابات التي تؤدي إلى تحويل الأراضي الخصبة إلى صحاري قاحلة. وفي الصين، ضربت الفيضانات مقاطعة خنان، والتي تضم 5 مواقع أثرية مدرجة على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي و420 موقعاً للتراث الوطني، في يوليو/ تموز من عام 2021. ووفقاً لتقارير وسائل الإعلام الحكومية، لحقت الأضرار بما لا يقل عن 400 موقع أثري ثقافي في المنطقة بدرجات متفاوتة أثناء الفيضانات.

اقرأ أيضاً: كيف غذّى التغير المناخي الفيضانات المدمرة في الباكستان؟

الحاجة إلى تضافر جهود الأفراد والمؤسسات

يكتب عالم الآثار من المتحف الوطني للدنمارك، جورغان هولسين، في المقالة إن التغيّر المناخي يؤثر على هذه المواقع على نطاق عالمي واسع وضمن سياقات مختلفة لدرجة أنه يمثل مشكلة كبيرة جداً يصعب على منظمة بمفردها أو نهج واحد التعامل معها.

يهدد تغيّر المناخ الكنوز الأثرية من ألاسكا إلى مصر
أمثلة على المواقع الأثرية التي تأثرت بتآكل السواحل: أ- قاعدة أسوار مدينة سيراف القديمة في إيران والمطلة على الخليج العربي (تصوير إم. بوركرمان)؛ ب- سانت مونانز، اسكتلندا (تصوير ت. داوسون)؛ ج- أحد شواطئ ولاية كارولينا الجنوبية بالولايات المتحدة الأميركية (تصوير ت. داوسون)؛ د- موقع الدفن المشهور للملك الأسطوري هوتو ماتا في أهو أكاهانغا، جزيرة الفصح (تصوير جيه داونز). حقوق الصور: . بوركرمان، ت. داوسون، جيه داونز.

كما يشير هولسين إلى أن تغيّر المناخ يقوض أحد أهم مبادئ علم الآثار المتعلقة بالحفاظ على التراث، والذي ينص على أنه "يمكن حماية السجل الأثري مع القليل من التدهور أو الفقدان أو عدم تدهوره على الإطلاق". ويضيف: «في مواجهة التغيّر المناخي المتسارع، يبدو أن المبدأ العام المتمثل بالحفاظ على التراث قدر الإمكان لم يعد كافياً».

قام هولسين بتجميع قائمة من الاستراتيجيات لحماية المواقع الأثرية الثمينة بشكل أفضل، ولكن الأمر يتطلب المزيد من الإجراءات السياسية والقدرات التقنية، وإلا لن يتمكن من طرحها. من الاستراتيجيات التي يقترحها هولسين تحسين دقة نماذج التنبؤ بالمناخ لتتيح للعلماء وفرق الحفاظ على التراث الثقافي معرفة المناطق والمواقع المعرضة للخطر مسبقاً للاستعداد وتقييم الأضرار بشكل أفضل.

اقرأ أيضاً: الجفاف الشديد يكشف عن أعاجيب أثرية وينبش تاريخ المجاعات المؤلم

ولكن هولسين يكتب في المقال: «حتى لو توفر لعلماء الآثار والمخططين في السنوات القادمة أدوات فعّالة جيدة لتحديد المواقع الأكثر عرضة للخطر، سيواجهون قرارات صعبة دائماً: ما المواقع التي يجب الحفاظ عليها والتي لا يمكن الحفاظ عليها وتركها لتتدهور؟».

تقترح الورقة البحثية أيضاً أنه يمكن الاستفادة من المواقع "ذات القيمة البارزة" للتأكيد على الضرورة الملحة للعمل المناخي، ويستشهد في هذا الصدد بتقرير المعالم الوطنية المعرضة للخطر الذي نشره اتحاد العلماء المهتمين في عام 2014.

وتشير الورقة إلى دراسة بحثية أجرتها جامعة لينكولن عام 2022 كأحد التطورات الإيجابية، والتي أبلغت عن أول دمج للمواقع الثقافية في خطط التكيّف مع تغيّر المناخ في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، مثل نيجيريا وكولومبيا وإيران. على الرغم من أن تلك الدراسة وجدت ابتعاداً كبيراً بين قطاع التراث الثقافي وواضعي سياسات مواجهة التغيّر المناخي، فإنها تمثل خطوة نحو ضمان حماية الأصول الثقافية التي لا تقدر بثمن من الآثار المتفاقمة لتغير المناخ.

المحتوى محمي