كيف يؤثّر الحرمان من النوم في الشعور بالتقدم بالعمر؟ دراسة حديثة تجيب

3 دقيقة
كيف يؤثّر الحرمان من النوم في الشعور بالتقدم بالعمر؟ دراسة حديثة تجيب
حقوق الصورة: shutterstock.com/thebigland

يسبب الحرمان من النوم تتراجع الحالة المزاجية والصحية للشخص، ووفقاً لدراسة جديدة نُشِرت في 26 مارس/آذار من عام 2024، في دورية وقائع الجمعية الملكية بي (Proceedings of the Royal Society B)، يمكن لتقييد النوم ليلتين متتاليتين أن يمنح شعوراً بالتقدم بالسن لأكثر من أربع سنوات. وعلى العكس من ذلك، أفاد المشاركون في الدراسة والذين ناموا أكثر من تسع ساعات في الليل، بأنهم شعروا بأنهم أصغر بعدة أشهر.

اقرأ أيضاً: 9 أمراض وحالات صحية ناتجة عن قلة النوم

الرابط بين الشيخوخة والحرمان من النوم وفقاً للدراسة

يشير الباحثون في الدراسة إلى أن العمر الذي نشعر به هو انعكاس للعمر الذي نتصرف به، حيث إن الحرمان من النوم يتسبب بشعور بالنعاس، وهو ما قد يكون وفقاً للباحثة في النوم في جامعة ستوكهولم السويدية (Stockholm University)، والمؤلفة الرئيسية للدراستين، ليوني بالتر (Leonie Balter)، حالة تحفيزية تجعل الجسم يمنح الأولوية للنوم، فيخفّض مستويات الطاقة فيه، ويحدّ من قدرة الفرد على البقاء نشيطاً بدنياً واجتماعياً، ويتسبب بالشعور بالتقدم في السن.

كما وجدت دراسة سابقة نُشِرت في دورية جمعية علم النفس الأميركية (American Psychological Association)، أن الشعور بالشيخوخة أو التقدم في السن يقللّ مستويات الطاقة على مدار اليوم ويعوق الأكل الصحي، ما يقلل من التزام الفرد بممارسة الرياضة والممارسات الصحية. 

وفي دراسة نُشِرت في دورية آفاق في علم أعصاب الشيخوخة (Frontiers in Aging Neuroscience) ارتبط الشعور بالشباب بصحة الدماغ، إذ امتلك كبار السن الذين يشعرون بأنهم أصغر سناً مادة رمادية أكثر في العديد من مناطق الدماغ.

مدى شعورنا بالعمر وارتباطه بالنوم

نظراً إلى أن النوم عملية ضرورية لوظيفة الدماغ والصحة العامة، فقد توجه الباحثون لتحديد ما إذا كان النوم يحمل أي أسرار للحفاظ على الشعور بالشباب في دراستين، واحدة مقطعية والأخرى تجريبية.

في الدراسة الأولى، اختبر الباحثون جودة نوم 429 مشاركاً تتراوح أعمارهم بين 19-70 عاماً، شهراً كاملاً، حيث أجابوا عن أسئلة حول عدد الليالي التي لم ينالوا فيها القسط الكافي من النوم، وعن شعورهم بالعمر في تلك الليالي، مع تتبع الباحثين حالة النعاس وفقاً لمقياس يُستخدم في علم النفس.

وجد الباحثون أنه مقابل كل ليلة من النوم السيئ شعر المشاركون بأنهم أكبر سناً وسطياً بنحو 3 أشهر، في حين أن أولئك الذين لم يبلغوا عن ليالٍ سيئة من حيث جودة النوم شعروا بالمتوسط بأنهم أصغر بست سنوات من عمرهم الحقيقي.

في الدراسة الثانية التجريبية، اختبر الباحثون ما إذا كانت قلة النوم هي التي تجعل المشاركين يشعرون بالتقدم في السن بالفعل، لذا جرّبوا تقييد النوم أربع ساعات فقط في الليلة وعلى مدى ليلتين لـ 186 مشاركاً تتراوح أعمارهم بين 18-46 عاماً، ثم سمحوا لهم بالنوم تسع ساعات متواصلة في ليلتين متتاليتين، وسألوهم عن شعورهم بالعمر، فأبلغوا عن شعورهم بالتقدم بالسن لنحو 4.44 سنة وسطياً، بعد الحرمان من النوم.

ومع تتبع الباحثين حالة النعاس وفقاً لمقياس النعاس، وجدوا ارتباطه بتقييم الشيخوخة بنحو 1.23 سنة لكل درجة على المقياس. 

اقرأ أيضاً: هل هناك علاقة بين الاضطراب في النوم والإصابة باضطراب القلق؟

مَن الأكثر استجابة للحرمان من النوم: البومة الليلية أمْ الطائر الصباحي؟

أشار الباحثون في الدراسة إلى أن الاستجابة للحرمان من النوم قد تختلف وفقاً لأنماط النوم؛ فالبومة الليلية، أي أولئك الذين يسهرون ويستيقظون في وقتٍ متأخر، شعروا بأنهم أكبر سناً من أعمارهم الحقيقية حتى بعد تعويضهم وقت النوم، لكن الطائر الصباحي، أي أولئك الذين يخلدون للنوم ويستيقظون في وقتٍ مبكر، كانوا أكثر شعوراً بالشيخوخة أو التقدم في العمر عندما انقطع نومهم، إذ شعروا بأنهم أكبر سناً بنحو 5 سنوات. ومع ذلك، شعر الأشخاص المبكرون بأنهم أصغر سناً بكثير عندما ناموا تسع ساعات نوم. بعبارة أخرى يمكن القول إن مَن يصفون أنفسهم بالطيور الصباحية المبكرة كانوا أكثر حساسية لتأثيرات النوم الجيد والسيئ على حد سواء.

كيف يمكن أن يؤثّر الشعور بالشباب في صحتك؟

لا يرتبط الشعور بعمرٍ أصغر من العمر البيولوجي بمظهر أكثر حيوية وشباباً فحسب، بل يرتبط بالعديد من الفوائد الإيجابية للصحة العامة، مثل:

  • العيش فترة أطول.
  • انخفاض معدل الإصابة بالخَرَف.
  • تراجع الاكتئاب.
  • سمات أكثر إيجابية مثل التفاؤل والأمل والمرونة.
  • صحة بدنية وعقلية أفضل.

اقرأ أيضاً: 5 أسباب تمنعك عن النوم وتجعلك ضحية الأرق

وفي السياق ذاته، أفادت دراسة حديثة استمرت عشر سنوات، ونُشرت في مارس/آذار 2024 في المجلة الطبية البريطانية المفتوحة (British Medical Journal Open)، بأن المشاركين الذين مارسوا الرياضة ساعة من الزمن يومياً و2-3 مرات في الأسبوع، كانوا أقل معاناة من الأرق بنسبة 42%، وأكثر قدرة على النوم 6-9 ساعات يومياً (النوم الطبيعي والصحي) بنسبة 55%.

تشير هذه النتائج إلى أن الرياضة والنشاط البدني قد يكونان وسيلة لتحسين نوعية النوم ومدته، وهو ما يمكن أن يكون وسيلة لزيادة الشعور بالشباب.

تقول بالتر: "إن حماية نومنا أمر بالغ الأهمية للحفاظ على شعور الشباب، وهذا بدوره قد يعزز أسلوب حياة أكثر نشاطاً، ويشجّع السلوكيات التي تعزز الصحة".

المحتوى محمي