هل شعرت بالنعاس بعد تلقّي لقاح الإنفلونزا أو كوفيد-19؟ إذا جاوبت بنعم، فلا تتردد في النوم. تبين دراسة مراجعة جديدة أن الحصول على قدر كافٍ من النوم خلال الليل في الفترة قبل تلقي اللقاح وبعده قد يعزز المناعة.
ووجد مؤلفو هذه الدراسة التي نُشرت بتاريخ 13 مارس/ آذار عام 2023 في مجلة كارنت بيولوجي (Current Biology) أن الأجهزة المناعية لدى البالغين الذين يحصلون على أقل من 6 ساعات من النوم ليلاً تُنتج عدداً أقل من الأجسام المضادة مقارنة بالأشخاص الذين ينامون 7 ساعات على الأقل، وكان الانخفاض الناجم عن قلة النوم مشابهاً للانخفاض الطبيعي في عدد الأجسام المضادة الذي يحدث بعد تلقي اللقاح بشهرين.
مع ذلك، لم ينظر باحثو الدراسة في مرض كوفيد-19 فقط؛ بل جمعوا نتائج 7 دراسات حول لقاحات الإنفلونزا والتهاب الكبد وحللوها بهدف استنتاج معلومات أكثر شموليةً عن فوائد الراحة للمناعة.
اقرأ أيضاً: كيف يعزز النوم الجيد صحة القلب؟
النوم الكافي يرفع كفاءة اللقاحات
نظرت الدراسات المُراجَعة إلى تأثير النوم في الصحة بعدة طرائق مختلفة؛ مثل استخدام ساعات المعصم المستشعرة للحركة وقياس مدة النوم في المختبر ومراجعة ما أبلغ عنه المشاركون ذاتياً عن نومهم. ولاحظ الباحثون ارتباطاً إحصائياً فقط بين فعالية اللقاحات وساعات النوم في الدراسات التي تتبّعت النوم باستخدام الأجهزة أو في المختبرات. بالإضافة إلى ذلك، لم يجد الباحثون أن مدة النوم المبلَغ عنها شخصياً تؤثر في مستويات الأجسام المضادة، ويعود ذلك على الأرجح إلى أن البيانات المستمَدة من عمليات المسح ليست دقيقة غالباً.
بشكل عام، كانت مستويات الأجسام المضادة أكبر لدى الأشخاص الذين ناموا 7 ساعات أو أكثر بصورة دائمة، ولكن ثمة تفصيل مهم يجب أخذه في الاعتبار؛ وهو أن هذا الأثر كان ملحوظاً بدرجة كبيرة بين الذكور، بينما أبدى تفاوتاً كبيراً بين النساء.
وقالت عالمة الأبحاث في المعهد الوطني للصحة والطب في فرنسا، كارين سبيغل (Karine Spiegel) في بيان صحفي: "نعلم من الدراسات في علم المناعة أن الهرمونات الجنسية تؤثر في الجهاز المناعي؛ إذ تتأثر مناعة النساء بالدورة الشهرية واستخدام مانعات الحمل وانقطاع الطمث والتغيرات التي تطرأ بعد انقطاع الطمث. لكن للأسف لم تحتوِ أيٌّ من الدراسات التي راجعناها على بيانات متعلقة بمستويات الهرمونات الجنسية".
اقرأ أيضاً: هل يزداد احتمال إصابة النساء بداء ألزهايمر بعد سن اليأس؟
مستويات الأجسام المضادة تتأثر بقلة النوم
بالإضافة إلى ذلك، كان التأثير السلبي لقلة النوم في مستويات الأجسام المضادة ظاهراً في الغالب بين الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عاماً، ويميل الأفراد الأكبر سناً إلى الحصول على قدر أقل من النوم بشكل عام.
قالت الأستاذة الفخرية للطب في جامعة شيكاغو وكبيرة مؤلفي دراسة المراجعة الجديدة، إيف فان كوتر (Eve Van Cauter) في بيان صحفي: "عندما نلاحظ التفاوت في مستوى الوقاية التي توفرها لقاحات كوفيد-19، فهو يتجلّى غالباً في أن الوقاية التي يحصل عليها المصابون بأمراض موجودة مسبقاً أقل من تلك التي يتمتع بها الأصحاء، وأن الوقاية التي يحصل عليها الرجال أقل مقارنة بالنساء، والوقاية التي يحصل عليها من يعانون السمنة أقل مقارنة بغير المصابين بها. معظم هذه العوامل هي عوامل لا يستطيع الأشخاص التحكّم بها؛ ولكنّ عدد ساعات النوم قابل للتغيير".
الحصول على قدر كافٍ من النوم في الليل مفيد من عدة نواحٍ، بدءاً من تحسين صحة القلب والحفاظ على وزن جسم صحي إلى تحسين الصحة النفسية. وعلى عكس العديد من المشكلات الأخرى المتعلقة بالصحة، يستطيع الأشخاص معالجة مشكلة قلة النوم بشكل مباشر، لذلك لا ضير في زيادة عدد ساعات النوم قبل زيارة الطبيب أو عيادة اللقاحات وبعدها.
وقالت فان كوتر: "يمكن أن تمثل العلاقة بين النوم وفعالية اللقاحات مشكلة كبيرة بالنسبة إلى مَن يعانون عدم انتظام جدول العمل، وخصوصاً الذين يعملون وفق نظام المناوبات والذين لا يحصلون على قدر كافٍ من النوم. هذه مشكلة يجب على الناس التفكير في حل لها ليضمنوا الحصول على قدر كافٍ من النوم خلال الأسبوع قبل تلقي اللقاح وبعده".