العلاقة بين طول القامة وطول العمر: إليك ما تقوله الدراسات

3 دقيقة
العلاقة بين طول القامة وطول العمر: إليك ما تقوله الدراسات
حقوق الصورة: بوبيولار ساينس العربية. تصميم: عبدالله بليد.

لطالما كان طول القامة موضوعاً مثيراً للاهتمام في مجالات مختلفة، من الأنثروبولوجيا إلى الطب. فمن الناحية الاجتماعية والاقتصادية، يكسب الرجال طوال القامة المزيد من المال، ويجذبون شريكة الحياة بسهولة أكبر، لكن من الناحية الطيبة، قد يكون لهذا الطول ثمن يقتصه من طول العمر! حيث تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الأقصر قامة يميلون إلى العيش فترة أطول من الأفراد الأطول. ومع ذلك، إن العلاقة بين القامة وطول العمر معقدة وتتأثر بعوامل مختلفة.

ماذا يقول العلم عن علاقة طول القامة بالعمر؟

هناك العديد من الدراسات التي تشير إلى وجود علاقة بين طول القامة وخطر الوفاة. وعلى مدار العقود الماضية، أجرى الباحثون عدة دراسات لرصد العلاقة بين طول القامة وخطر الوفاة، ومن أهم ما توصلوا إليه:

  • كشفت دراسة حديثة نشرتها دورية علم الأحياء الجينومي (Genome Biology) عام 2024، عن ارتباط وراثي بين زيادة الطول المبكرة في أثناء البلوغ والتزايد السريع في الطول خلال هذه المرحلة، وارتفاع خطر الإصابة بالرجفان الأذيني في وقت لاحق من الحياة.
  • لاعبو كرة السلة: أظهرت دراسة نشرتها دورية بلوس ون (Plos One) عام 2017، وأجريت على 3901 لاعب كرة سلة سابق، ممن لعبوا خلال الفترة ما بين 1946-2010، أن متوسط العمر لديهم انخفض مع زيادة طول القامة، وقد توفي أطول اللاعبين في سن أصغر من أقصرهم.

علاقة طول القامة بطول العمر لدى النساء

في مقارنة بين الرجال والنساء من حيث تأثير طول القامة على طول العمر، أجرى باحثون في جامعة ماستريخت الهولندية (Maastricht University) دراسة حول العلاقة بين الطول ومؤشر كتلة الجسم والنشاط البدني، ونشرتها مجلة بي إم جي لعلم الأوبئة وصحة المجتمع (BMJ Journal of Epidemiology & Community health)، لدى 8000 مشارك من رجال ونساء في هولندا تتراوح أعمارهم بين 55 و69 عاماً من عام 1986 وما بعد.

بعد الاطلاع على بيانات المشاركين حول الوزن في سن العشرين والوزن الحالي (عند نشر نتائج الدراسة)، والطول وروتين التمارين الرياضية، تبين أن 433 من الرجال المشاركين وصلوا إلى سن التسعين مقابل 944 من النساء، حيث كانت النساء أطول في المتوسط في بداية الدراسة نسبة إلى الرجال وأقل وزناً.

لماذا قد يعيش الأشخاص الأقصر قامة لعمر أطول؟

على مدار السنوات الماضية، طرح الباحثون عدة نظريات لتفسير السبب الذي يجعل الأشخاص الأقصر قامة يعيشون فترة أطول، إليك أهمها:

الجينات الوقائية

جين فوكسو 3 (FOXO3) هو الجين المسؤول عن تنظيم العديد من العمليات في الجسم التي تسهم في حياة أطول وأكثر صحة، بما فيها التحكم في التمثيل الغذائي وتقليل الإجهاد التأكسدي وإدارة نمو الخلايا وإصلاحها. وفي دراسة نشرتها دورية بلوس ون، عام 2014، وجد الباحثون أن الرجال الأقصر غالباً ما يكون لديهم نسخة وقائية من جين فوكسو 3 (FOXO3). تساعد هذه النسخة في الحفاظ على مستويات منخفضة من الإنسولين في الدم وتقليل خطر الإصابة بالسرطان. في الأساس، يجعل جين فوكسو 3 (FOXO3) أجسامهم أكثر كفاءة في التعامل مع الإجهاد وتجنب الأمراض التي تأتي مع الشيخوخة، لذا يميل الرجال الأقصر الذين لديهم هذا الجين الوقائي إلى العيش فترة أطول.

عدد أقل من الخلايا في الأجسام الأقصر

يمتلك الأشخاص الأقصر قامة عدداً أقل من الخلايا عموماً في أجسامهم مقارنة بالأفراد الأطول. ونظراً لأن الخلايا هي اللبنات الأساسية لأجسامنا، فإن وجود عدد أقل من الخلايا يعني أن هناك فرصة أقل لحدوث خطأ على المستوى الخلوي، كما يقلّ تعرّض قصار القامة للمواد الضارة مثل الجذور الحرة والمواد المسرطنة، والتي يمكن أن تلحق الضرر بالخلايا وتسبب أمراضاً مثل السرطان. 

علاوة على ذلك، مع زيادة عدد الخلايا بالنسبة للأشخاص الأطول فثمة المزيد من الحاجة إلى تكرار الخلايا (تكاثرها لتكوين الأنسجة وإصلاحها)، ما قد يستنزف الجسم على نحو أسرع.

المضاعفات الصحية المرتبطة بطول القامة

قد يرتبط طول القامة بزيادة خطر الإصابة ببعض المشكلات الصحية، أهمها:

السرطان

وجدت دراسة منشورة عام 2023 في دورية السرطان المرتبط بالغدد الصماء (Endocrine-Related Cancer) زيادة في خطر الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 22% لدى النساء اللواتي يبلغ طولهن 175 سنتيمتراً أو أكثر مقارنة بالنساء اللواتي طولهن 160 سنتيمتراً أو أقل، وزيادة خطر الإصابة بسرطان البروستاتا بنسبة 20% لدى الرجال الذين يبلغ طولهم 180 سنتيمتراً أو أكثر مقارنة بالرجال الذين يبلغ طولهم 170 سنتيمتراً أو أقل، وزيادة خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم بنسبة 20-60% بين فئات القامة الطويلة السابقة للنساء والرجال.

كما كشفت دراسة سابقة نشرتها مجلات الشيخوخة، السلسلة أ، العلوم البيولوجية والعلوم الطبية (The journals of gerontology. Series A, Biological sciences and medical sciences) عام 2016، وأجريت على 14440 رجلاً و16390 امرأة تبلغ أعمارهم 25 عاماً وما فوق، عن وجود علاقة بين زيادة الطول وخطر الإصابة بالسرطان، إذ لاحظوا أنه مع كل زيادة بمقدار 2.54 سنتيمتر في الطول يزداد خطر الوفاة من الأسباب جميعها بنسبة 7.1% لدى الرجال، و5.7% لدى النساء. 

الجلطات الدموية الوريدية 

وجدت دراسة نُشرت في المجلة الأميركية لأمراض الدم (The American Journal of Hematology) زيادة تكرار حدوث الجلطات الدموية الوريدية لدى النساء طويلات القامة مقارنة بالنساء قصيرات القامة، كما كان خطر الإصابة لدى النساء اللاتي يبلغ طولهن 168 سنتيمتراً أعلى بنسبة 76% من النساء اللاتي يبلغ طولهن 158 سنتيمتراً. وهو ما عزاه الباحثون إلى أن زيادة الطول تعني أوردة أطول وفرصاً أكبر لحدوث الجلطات.

أمراض أخرى

وفي دراسة أخرى نشرتها دورية بي إم سي ميديسن (BMC Medicine) عام 2018، تبين أن زيادة طول القامة ترتبط بزيادة مخاطر الإصابة بالرجفان الأذيني والانسداد الوريدي واضطراب القرص الفقري وكسر الورك والتهاب الأوعية الدموية والسرطان عموماً وسرطان الثدي.

المحتوى محمي