دراسة جديدة: الفقر قد يسرّع شيخوخة الدماغ

3 دقيقة
دراسة جديدة: الفقر قد يسرّع شيخوخة الدماغ
حقوق الصورة: بوبيولار ساينس العربية. تصميم: مهدي أفشكو.

يسهم الفقر من الناحية الاقتصادية في نقص التغذية ويزيد من احتمال الإصابة بالأمراض نتيجة ضعف المناعة المرافق لضعف الوارد الغذائي، ومن الممكن أن يسبب حالات نفسية عديدة، لكن دراسة حديثة توصلت إلى أن الفقر قد يسرّع شيخوخة الدماغ أيضاً، فما تفاصيل هذه الدراسة؟

اقرأ أيضاً: هل تساعد مرطبات الجسم على إبطاء الشيخوخة؟

ما هي شيخوخة الدماغ؟

هي مجموعة من التغيرات التي تُصيب الدماغ عند التقدم بالعمر بشكلٍ طبيعي، وتشمل أبرز هذه التغيرات ما يلي:

  • انكماش الدماغ: إذ يبدأ الانكماش بالفص الجبهي والحصين، وهي مناطق دماغية تشارك في الوظيفة الإدراكية وتخزين الذكريات الجديدة، وذلك يحدث عند سن 60 أو 70 عاماً عادة.
  • نقص كثافة القشرة الدماغية: حيث تقل سماكة السطح الخارجي للدماغ بسبب انخفاض التشابكات الدماغية، وقد يسهم عدد التشابكات القليلة في إبطاء المعالجة المعرفية.
  • انكماش المادة البيضاء: تتكون المادة البيضاء من ألياف عصبية مغمدة بالنخاعين، تتجمع في مسارات مختلفة تحمل الإشارات العصبية بين خلايا الدماغ، وقد يسبب التقدم بالعمر في تقلص حجم المادة البيضاء، فتكون المعالجة الدماغية للمعلومات أبطأ وتتراجع الوظيفة الإدراكية.
  • تناقص كمية الناقلات العصبية: يشير الباحثون إلى أن الدماغ ينتج عدداً أقل من النواقل العصبية الكيميائية مع تقدم العمر، ومن أبرزها الدوبامين والأسيتيل كولين والسيروتونين والنورإبينفرين ما يسبب مشكلات في الإدراك والذاكرة ويزيد من احتمال الإصابة بالاكتئاب.

وتضم العوامل التي تسهم في شيخوخة الدماغ ما يلي:

  • ضعف تدفق الدم إلى الدماغ أو ضمنه.
  • التعرض للمواد السامة.
  • البدانة.
  • نقص الفيتامينات.
  • الإصابة بالسرطان.
  • مرض السكري.
  • استهلاك الكحول.
  • التعرُّض لثاني أوكسيد النيتروجين الناتج عن تلوث الهواء الذي مصدره حركة المرور.

اقرأ أيضاً: شيخوخة العضلات: ما هي التغيرات العضلية الهيكلية التي ترتبط مع التقدم بالعمر؟

كيف يرتبط الفقر مع سرعة شيخوخة الدماغ؟

من الطبيعي أن ينسى الشخص مع تقدمه بالعمر المكان الذي وضع فيه مفاتيحه أو اسم شخص قابله للتو، لكن قد تحدث أعراض شيخوخة الدماغ في وقتٍ مبكر لدى الأشخاص الذين يُعدُّ متوسط دخلهم أقل من المتوسط، وذلك وفق دراسة أجراها فريقٌ من الباحثين من جامعة لوزان وجامعة جنيف في سويسرا، نُشِرت بتاريخ 18 مارس/آذار في دورية علم الأعصاب.

ضَمَّت الدراسة 751 شخصاً تتراوح أعمارهم بين 50 و91 عاماً، وشملت الدراسة عدة عوامل مثل العمر والجنس وبعض المشكلات الصحية الرئيسية، ووجدت أن الأشخاص الذين ينتمون إلى الأسر الفقيرة أظهروا المزيد من علامات شيخوخة المادة البيضاء في أدمغتهم، وذلك من خلال استخدام فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي. بالإضافة إلى ذلك سجّل الأشخاص الذين كانوا من الأسر الفقيرة درجات أقل في الاختبارات المعرفية من أولئك الذين يعيشون في الأسر الأكثر ثراءً.

ربطت هذه الدراسة بين التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية؛ مثل دخل الأسرة وآخر منصب مهني معروف للأشخاص في الدراسة، وقارنوها بالبنية المجهرية للدماغ والأداء المعرفي في منتصف وأواخر مرحلة البلوغ، وتبين أن الحالات الاجتماعية المرتبطة بالفقر سببت تدهوراً سريعاً في المادة البيضاء للدماغ.

من الناحية الجزيئية، درس الباحثون حرية تحرك الجزيئات المنحلة في الدماغ والسائل النخاعي الشوكي، ووجدوا أن توفر غمد النخاعين وكثافة فروع الخلايا العصبية يشير إلى سلامة وظائف الدماغ أو تدهورها، فالأشخاص ذوو الدخل المرتفع كانت لديهم كمية وافرة من النخاعين بالإضافة لكثافة عالية من فروع الخلايا العصبية، بينما كانت النتيجة معاكسة بالنسبة لذوي الدخل المنخفض حيث تراجعت كمية النخاعين وانخفضت أعداد تفرعات الخلايا العصبية.

اقرأ أيضاً: هل نحتاج بالفعل ساعات نوم أقل مع التقدم بالعمر؟

نصائح لإبطاء شيخوخة الدماغ

يمكن تقليل خطر الإصابة بشيخوخة الدماغ من خلال اتباع العادات التالية:

  • ممارسة النشاط البدني بانتظام، فذلك ينشّط الدورة الدموية بشكلٍ كبير ويحسّن من توزيع المغذيات للدماغ وأعضاء الجسم كافة، بالإضافة لزيادة كفاءة التخلص من الفضلات.
  • متابعة الأنشطة المحفّزة فكرياً مثل حل الكلمات المتقاطعة وغيرها، فهذه الأنشطة تزيد من التشابكات الدماغية وتؤخّر الخَرَف وشيخوخة الدماغ.
  • البقاء نشطاً اجتماعياً، والمشاركة في لقاءات اجتماعية مع الأصدقاء والأقران، إذ يمكن لهذه التفاعلات أن تفيد في تحسين قدرات التواصل اللغوي والتفكير وتحسّن من الحالة النفسية، ما ينعكس إيجاباً على صحة الدماغ.
  • إدارة التوتر والابتعاد عن مسبباته؛ فالتوتر والإجهاد يمكن أن يراكما مُركّبات مثل الأوكسجين التفاعلي والجذور الحرة التي تؤذي صحة الجسم بشكلٍ عام والدماغ بشكلٍ خاص.
  • اتباع نظام غذائي صحي يحتوي على العناصر الأساسية كافة لصحة الدماغ مثل زيوت الأسماك التي تحتوي على دهون أوميغا 3، بالإضافة إلى المكسرات والحبوب الكاملة والشوكولاتة الداكنة وغيرها من الأغذية التي تحتوي على مضادات الأكسدة.
  • النوم جيداً، فالنوم يسمح للجسم بالتخلص من السموم ويوفّر ما يكفي من الراحة ليقوم الدماغ بالإضافة لأعضاء الجسم كافة بعملها على أفضل وجه.

اقرأ أيضاً: ما هي عملية «التجديد العصبية» التي يخضع لها الدماغ بعد سن الأربعين؟

لا يمكن القول إن الفقر ومتوسط الدخل المنخفض يسببان شيخوخة الدماغ بشكلٍ حتمي، إنما هناك عدة عوامل شائعة لدى الأسر ذات الدخل المنخفض يمكن أن تسهم في تسريع شيخوخة الدماغ، وهذا يؤكد أهمية القيام بمزيدٍ من الدراسات حول الموضوع ومحاولة اتخاذ تدابير وقائية لهذه الظاهرة.

المحتوى محمي