بينما يغرق البعض في شخيره، يجد آخرون صعوبة في النوم، أمّا البعض الآخر فلا يلبث أن يستيقظ حتى يطلب المزيد من النوم، وقد تطول القيلولة النهارية لآخرين لساعات. بغض النظر عن نوع اضطراب النوم، توصل باحثون من إيرلندا إلى أن تراجع جودة النوم قد يزيد من خطر الإصابة بسكتة دماغية.
دراسة العلاقة بين اضطرابات النوم والإصابة بالسكتات الدماغية
في الدراسة التي نُشرت في دورية علم الأعصاب (Neurology)، استخدم العلماء بيانات لنحو 4496 شخصاً، متوسط أعمارهم 62 عاماً، ممن شاركوا في دراسة (INTERSTROKE)، وهي دراسة الحالات والشواهد الدولية للمرضى الذين عانوا من أول سكتة دماغية حادة. كان نحو 1800 من المشاركين قد أصيبوا لمرة واحدة بسكتة دماغية، وفيها تسدّ جلطة دموية شرياناً يؤدي إلى الدماغ، بينما عانى نحو 439 شخصاً من النزيف داخل المخ، أي تمزق في أحد الشرايين أو الأوردة في الدماغ. في المقابل، لم يصب النصف الثاني من المشاركين بالسكتة الدماغية، وكانوا كعناصر تحكم.
قدّم جميع المشاركين معلومات حول أنماط نومهم، بما في ذلك القيلولة ومشكلات التنفس أثناء النوم، من خلال استبيان.
اقرأ أيضاً: كيف يعزز النوم الجيد صحة القلب؟
حاول الباحثون تحديد الصلة المحتملة ما بين النوم والسكتة الدماغية الحادة، من خلال استخدام الانحدار اللوجستي، حيث قارن الباحثون كل عرض من الأعراض التي تم تسجيلها ببيانات فرد لم يعانِ من هذه الأعراض.
مؤشرات اضطراب النوم التي قد تزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية
وفقاً للباحثين، ترتبط مشكلات النوم التالية بزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنحو 5 أضعاف:
- نوم قصير (أقل من 5 ساعات).
- نوم طويل (أكثر من 9 ساعات).
- الشخير.
- قيلولة غير مخططة أثناء النهار.
- قيلولة طويلة خلال النهار.
- توقف التنفس أثناء النوم.
العلاقة بين النوم وخطر الإصابة بالسكتة الدماغية
كشف التحليل أن:
- ازداد خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنحو 3 أضعاف لدى الأفراد الذين ناموا لأقل من 5 ساعات، بالمقارنة مع الذين حصلوا على 7 ساعات نوم في الليل.
- تضاعف خطر الإصابة بالسكتة الدماغية لدى الأفراد الذين ناموا لأكثر من 9 ساعات في الليل، مقارنة بمن نام لـ 7 ساعات.
- ارتفع خطر الإصابة بالسكتة الدماغية إلى نحو 88%، لدى الأشخاص الذين حصلوا على قيلولة في النهار لأكثر من ساعة، مقارنة بمن كانت قيلولتهم أقل من ذلك.
- ارتفع خطر الإصابة بالسكتة الدماغية إلى نحو 91% بين الأفراد الذين يشخرون، مقارنة بمن لم يشخروا.
- كان الأفراد الذين يعانون انقطاع التنفس النومي أكثر عرضة للإصابة بـ 3 أضعاف تقريباً مقارنة بالمشاركين الذين لم يعانوا من توقف التنفس أثناء النوم.
اقرأ أيضاً: نمط الحياة الصحي يمكنه إضافة أكثر من 5 سنوات لمتوسط العمر الافتراضي للإنسان
الصلة بين مشكلات النوم وخطر الإصابة بالسكتة الدماغية
يمر الإنسان أثناء النوم في الليل بمرحلتين من النوم، هما النوم غير الريمي (non-REM) وهو نوم حركة العين غير السريعة والنوم الريمي (REM) أو نوم حركة العين السريعة. وفقاً لمدير معهد طب النوم في مستشفى جامعة ستاتن آيلاند الأميركية، توماس كيلكيني (Thomas Kilkenny)، والذي لم يشارك في الدراسة، فإن 80% من نوم البالغين هو عبارة عن النوم غير الريمي.
خلال النوم غير الريمي، يقلل النظام العصبي اللاإرادي (السمبثاوي) من ضغط الدم ومعدل ضربات القلب وإجهاد القلب والأوعية الدموية، وهو ما يساعد على وقاية صحة القلب والأوعية الدموية.
قال كيلكيني: "قد تسبب اضطرابات النوم، بما في ذلك توقف التنفس أثناء النوم والأرق والنوم المتقطع، إضعاف التأثير الوقائي عن طريق تقليل الوقت الذي نستغرقه في النوم غير الريمي، ما ينتج عنه:
- الإصابة بنقص الأكسجة المتقطع.
- تقلبات ضغط الدم.
- عدم انتظام ضربات القلب.
- الالتهاب ومقاومة الإنسولين.
- تنشيط هرمون الإجهاد وفرط التخثر.
تزيد هذه العوامل من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، كالسكتات الدماغية.
قيود الدراسة
استطاعت الدراسة الكشف عن وجود رابط بين اضطرابات النوم المختلفة والسكتة الدماغية، إلا أنها لم تتمكن من إثبات السببية، أي تحديد ما إذا كانت الأعراض هي من الأسباب المباشرة للمرض، ما يتطلب المزيد من الدراسات.
بالإضافة إلى ذلك، اعتمد الباحثون على بيانات الاستبيان، ما قد يشير إلى احتمالية إغفال المشاركين لبعض الجوانب، أو لم يوصفوا حالتهم بشكل دقيق، كما لم يتم التحقق من صحة المعلومات من خلال تشخيص طبي رسمي.
اقرأ أيضاً: دراسة جديدة: حبتا أفوكادو أسبوعياً يمكنهما تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب
ربما لم يتمكن الباحثون من إثبات السببية، إلا أنه يمكن لمقدمي الرعاية الصحية استخدام نتائج الدراسة لتحديد الأفراد الذين قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالسكتة الدماغية، وتزويدهم بالتدابير الوقائية مثل تغيير نمط الحياة أو الأدوية. يمكن أن يؤدي هذا في النهاية إلى انخفاض معدل حدوث السكتة الدماغية وتحسين النتائج الصحية العامة للأفراد.