لماذا تنخفض معدلات الإصابة بالسرطان في الدول العربية لكنها الأعلى في الوفيات؟

4 دقيقة
لماذا تنخفض معدلات الإصابة بالسرطان في الوطن العربي عن باقي أنحاء العالم؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/fusebulb
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

وفقاً لدراسة منشورة عام 2023 في دورية المعهد القومي المصري للأورام، تعد نسبة معدلات الإصابة بالسرطان في السنوات القليلة الماضية في الدول العربية أقل بدرجة كبيرة من الأرقام المبلغ عنها في الدول الغربية، فما هي أسباب انخفاض معدلات السرطان عربياً وماذا يمكن لباقي دول العالم أن تتعلم من نمط الحياة العربي الصحي؟

اقرأ أيضاً: دراسة حديثة تربط السجائر الإلكترونية مع زيادة خطر حدوث السرطان

انتشار السرطان عالمياً وعربياً

يحل السرطان في مقدمة أسباب الوفاة في جميع أنحاء العالم، حيث تسبب وفاة نحو 10 ملايين شخص في عام 2020، ويمكن ترتيب أبرز أنواع السرطانات التي تسبب الوفيات حول العالم كما يلي:

1. سرطان الثدي.

2. سرطان الرئة.

3. سرطان القولون والمستقيم.

4. سرطان البروستاتا.

5. سرطان الجلد.

6. سرطان المعدة.

تشير التوقعات طويلة المدى إلى أنه بحلول عام 2030، ستكون هناك زيادة بمقدار 1.8 ضعف في حالات الإصابة بالسرطان عربياً، وذلك وفقاً لدراسة من جامعة الملك سعود جرت عام 2020، ومع ذلك يبقى معدل توقعات الإصابة منخفضاً مقارنة بالدول الغربية وأميركا.

تضم قائمة البلدان العشرة الأولى التي أبلغت عن أعلى معدلات الإصابة بالسرطان بين الرجال والنساء مجتمعين:

1. الدنمارك.

2. أيرلندا.

3. بلجيكا.

4. هنغاريا.

5. فرنسا.

6. هولندا.

7.أستراليا.

8. النرويج.

9. فرنسا، كاليدونيا الجديدة.

10. سلوفينيا.

ومن ناحية أخرى، فإن معدل الإصابات بالسرطان في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أقل بكثير، ويمكن ترتيب عدد إصابات السرطان من الأعلى للأدنى عربياً كما يلي:

1. مصر.

2. فلسطين - قطاع غزة والضفة الغربية.

3. الأردن.

4. لبنان.

5. المغرب.

6. سوريا.

7. العراق.

8. الجزائر.

9. تونس.

10. ليبيا.

11. الكويت.

12. البحرين.

13. قطر.

14. الإمارات العربية المتحدة.

15. سلطنة عمان.

16. المملكة العربية السعودية.

17. اليمن.

18. السودان.

لماذا تعد معدلات الإصابة بالسرطان في الدول العربية أقل بكثير من مناطق العالم الأخرى؟

تعود أسباب انخفاض معدلات الإصابة بالسرطان في البلدان العربية مقارنةً مع مناطق العالم الأخرى للأسباب التالية:

الصيام

يعد صيام رمضان طقساً دينياً إسلامياً يُمارَس في البلدان العربية والإسلامية منذ ما يزيد على 1000 عام تقريباً، حيث يُصام لمدة شهر عن الطعام والشراب من الفجر حتى المغرب، ويعد نوعاً من الصيام المتقطع الذي له دور محتمل في الوقاية من السرطان وعلاجه، وتشير دراسة لجامعة إمبريال كوليدج لندن منشورة عام 2024 إلى أن صيام رمضان يسهم في تقليل خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان مثل سرطان الرئة وسرطان القولون والمستقيم وسرطان الثدي.

ووفقاً لرأي الدكتور خالد فخرو، مدير الأبحاث في مركز سدرة للطب، ثبت أن النظام الغذائي المحاكي للصيام يؤثر على جهاز المناعة على المستوى الجزيئي، ويعزز على نحو فعال استجابة الجسم الطبيعية للقضاء على الأورام، وذلك عند تعليقه على بحث منشور عام 2022 يدرس تأثير الحمية الشبيهة بالصيام على تقوية جهاز المناعة للقضاء على السرطان.

ويساعد صيام رمضان على الوقاية وتحسين علاج السرطانات بصورة عامة للأسباب التالية:

  • تخفيض الصيام للالتهابات التي يصاب بها الشخص: يسهم الالتهاب في تطور السرطان وانتشار السرطانات الموجودة مسبقاً، ويمكن أن تزداد حالة المصاب بالسرطان سوءاً عند وجود حالة التهاب لدى المريض، ويمكن أن يتداخل الالتهاب مع فعالية علاج السرطان، لكن يمكن للصيام المتقطع أن يقلل الالتهاب على نحو فعال، ما يقي من السرطان ويحسّن من حالة المرضى، وذلك بالاستناد إلى دراسة لجامعة ألبرت أينشتاين في المكسيك بالتعاون مع عدة جامعات أخرى منشورة عام 2019.
  • تخفيض مستوى الإنسولين: يؤدي الصيام إلى انخفاض أكبر في مستويات الإنسولين إلى جانب زيادة حساسية الإنسولين في فترة زمنية أقصر، أي تخفيض نسبة سكر الدم على نحو أسرع، ما يسهم في الوقاية من مرض السكري، بالإضافة إلى ذلك تؤدي مستويات الإنسولين دوراً في رفع خطر الإصابة بالسرطان، فزيادة مستويات الإنسولين على المدى الطويل تزيد خطر الإصابة بسرطان الثدي والبروستاتا والقولون والمستقيم.
  • تحفيز الالتهام الذاتي: تساعد عملية الالتهام الذاتي التي تقوم بها الخلايا عند تجويعها ونقص الغذاء والأوكسجين في الصيام في منع تكوين الورم، لكن يمكن أن يؤدي الخلل والطفرات في عملية الالتهام الذاتي إلى زيادة تحفيز الأورام، لذا يمكن القول إن هذه العملية البيولوجية ما زالت قيد الدراسة لتحديد أدوارها المتناقضة في تحفيز السرطانات أو كبحها.
  • إبطاء نمو السرطان وتعزيز تجديد الخلايا: يؤدي الصيام إلى خفض مستويات الغلوكوز في الدم، ما يجعل نمو السرطان أكثر صعوبة، حيث تتغذى الخلايا السرطانية على الغلوكوز باعتباره مصدراً أساسياً للطاقة، وفي أثناء الصيام يؤدي تقليل نسبة الغلوكوز المتوفرة لمعظم الخلايا السرطانية إلى تقييد نمو السرطان.

اقرأ أيضاً: دراسة جديدة تتحدى الافتراضات القديمة حول أسباب السرطان

استهلاك البهارات

يستخدم العرب في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط ​​الكثير من التوابل المختلفة في طعامهم، والتي لها تأثيرات مضادة للأكسدة ومضادة للسرطان، ومن أبرز هذه التوابل:

  • الكركم: يقلل الكركم من الالتهابات المسؤولة عن الإصابة بالكثير من الأمراض ومنها السرطان، ويساعد مركب الكركمين الموجود في الكركم على كبح السرطان، من خلال تثبيط تكاثر الخلايا وتعزيز موتها المبرمج وتحفيز الالتهام الذاتي وتقليل تأصل السرطان في الأنسجة.
  • القرفة: تؤدي قلة الموت الخلوي المبرمج إلى تطور السرطان، والموت الخلوي المبرمج هو آلية طبيعية تقوم بها الخلايا عندما تشيخ أو تتعرض لطفرات لكي تفنى ويتخلص الجسم منها، وتُعوَّض بخلايا جديدة، وتساعد القرفة على كبح السرطان من خلال زيادة معدل موت الخلايا المبرمج في الخلايا السرطانية والتخلص منها قبل أن تنمو.
  • الهال: وفق دراسة من جامعة نويدا الهندية أُجريت عام 2020، يُظهر الهال المطحون قدرة فعالة على كبح الأورام وعلاجها بالترافق مع علاجات السرطان الدوائية. ويمكن للهال أن يقي من الإصابة بالسرطان من خلال تفعيل عدة إنزيمات مختصة في مكافحة السرطان، بالإضافة إلى تحفيز الخلايا البيضاء المناعية من نوع "القاتلات الطبيعية" على مهاجمة الأورام.
  • الزعفران: يمتلك الزعفران سُمِّيّة نوعية ضد الخلايا السرطانية، وذلك عن طريق تثبيط تخليق الحمض الريبي النووي (RNA) والحمض النووي الريبي منقوص الأوكسجين (DNA) الذي تحتاجه الخلايا الورمية في الانقسام والتضاعف، ويسهم مركب الكروسين الموجود في الزعفران في زيادة موت الخلايا المبرمج وكبح الأورام.
  • بذور السمسم: تحتوي بذور السمسم الشائعة في المطبخ العربي على مركب السمسمين الذي يعزز الاستجابة المناعية ويقلل من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان.
  • جوزة الطيب: تعمل مركبات جوزة الطيب على تثبيط عملية التمثيل الغذائي للخلايا السرطانية دون المساس بالخلايا الطبيعية، ويمكن لجوزة الطيب أن تسهم في تراجع سرطان القولون وتُحسِّن من وظائف الكلى والكبد والقولون.
  • حبة البركة: استُخدِمَت حبة البركة منذ آلاف السنين لعلاج مجموعة متنوعة من الأمراض في منطقة الشرق الأوسط، وتعد هذه البذور مضادة للالتهابات ومضادة للبكتيريا وغنية بمضادات الأكسدة وتقي من الإصابة بالسرطان.

انخفاض معدل التدخين وشرب الكحول

يرتبط التدخين وشرب الكحول بدرجة كبيرة بالعديد من أنواع السرطان، وخاصة سرطان الرئة وسرطان القولون والمستقيم، وتعد نسبة الإناث المدخنات في الشرق الأوسط أقل بكثير مقارنة بمناطق أخرى، بالإضافة إلى انخفاض معدل استهلاك الكحول.

الاستعداد الوراثي للإصابة بالسرطان أقل

لا تعد طفرات بي آر سي أيه (BRCA) المرتبطة بحدوث مرض سرطان الثدي منتشرة بين مرضى سرطان الثدي العربيات كما هي منتشرة لدى سكان المناطق الأخرى، وقد تسهم الرضاعة الطبيعية والمعدل المتكرر للإنجاب الموجود في المنطقة العربية في تقليل معدلات الإصابة بسرطانات الثدي بالمقارنة مع دول العالم الأخرى.

اقرأ أيضاً: دراسة جديدة تربط بين تسارع الشيخوخة والسرطان المبكر

على الرغم من انخفاض معدلات الإصابة بالسرطان في البلدان العربية، لكن معدلات الوفيات الناتجة عن الإصابة به أعلى من باقي دول العالم، وقد يكون السبب في ذلك غالباً هو التشخيص المتأخر للسرطان فيكون في مراحل متقدمة يصعب علاجها، وعدم الوعي بخطورة السرطان، وضعف القدرة على توفير العلاج المناسب بسبب غلاء ثمنه؛ ما يشير إلى أهمية التوعية بإجراء الفحوص المبكرة للكشف عن السرطانات، ومحاولة دراسة الأسباب الجينية لانتشار السرطانات في المنطقة العربية، بالإضافة إلى الأسباب البيئية والغذائية، لاتخاذ الإجراءات المناسبة تجاهها.