هل للقهوة تأثيرات خطيرة حقاً على النوم والأداء وصحة القلب؟ دراسة حديثة تُجيب

هل للقهوة تأثيرات جسيمة حقاً على النوم والأداء وصحة القلب؟ دراسة حديثة تُجيب
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Evgeny Karandaev
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

“لا تُحدّث فلاناً قبل أن يشرب قهوته وإلا ستطولك عواقب مزاجه المضطرب” نتناول كثيراً مِثل هذه الأقاويل بسياق الدعابة واصفين اعتماد شخص ما على القهوة. ولفهم التأثيرات الملموسة للقهوة على صحو ويقظة الشخص، وتأثيراتها غير المدروسة بما يكفي على جوانب حياة الأفراد، ولأنها أكثر المشروبات استهلاكاً في العالم، ترأس الأخصائي في الأمراض القلبية في جامعة كاليفورنيا الطبيب غريغوري ماركوس، دراسة أراد من خلالها وضع النقاط على الحروف وحسم القضية بما يتعلق بتأثير القهوة على كل من نوعية النوم وجودة الأداء وصحة القلب.

الدراسة الأولى من نوعها التي تبحث في تأثير القهوة على النوم والأداء وصحة القلب

نُشرت الدراسة في دورية نيو إنغلاند الطبية (The New England Journal Of Medicin)، وأُجريت على 100 مشارك تُقدّر أعمارهم بشكلٍ وسطي بين 30- 40 عاماً، وقد طُلب منهم إما شرب القهوة الحاوية على الكافيين لمدة يومين أو الامتناع عنها لمدة يومين وذلك لمدة 14 يوماً بالمجمل. رُصد تفاعل الجسم مع هذه المتغيرات من خلال تزويد المشاركين بجهاز كهربائي متنقل يراقب الفاعلية القلبية، وسوار لعد خطوات الحركة وجهاز لمراقبة سكر الدم باستمرار المستمر، فما كانت النتائج؟

القهوة وصحة القلب

كان متوسط خوارج الانقباض الأذينية اليومية عند استهلاك القهوة 58 في اليوم الواحد مقارنة بـ 53 وذلك في الأيام التي لم تُستهلك فيها القهوة، ما يعتبر تبدلاً طفيفاً. وأما بالنسبة لخوارج الانقباض البطينية فقُدرت بـ 154 عند تناول القهوة و102 عند تجنب استهلاكها، الأمر الذي يوجّه بقوة نحو الدور الذي تؤديه القهوة بما يتعلق بالصحة القلبية؛ حيث يحتوي الكافيين على نواتج أيضية نشطة مثل أمينوفيلين، الذي يستخدم في أدوية الربو، ومن المعروف بأن جرعاته العالية تسبب عدم انتظام في ضربات القلب وتسارعها.

اقرأ أيضاً: مخاطر أقل للقلب: الفوائد الصحية لشرب القهوة المعتدل

أضاف الطبيب ماركوس بهذا الخصوص: “تؤدي زيادة الانقباضات البطينية المبكرة دوراً في حدوث ضعف القلب أو قصوره، لذلك قد يكون الأمر مقلقاً في حال وجود مخاطر أخرى لتطوير قصور القلب، لهذا السبب إن أخبرك طبيبك أن لديك مؤشرات للإصابة بقصور القلب كالتاريخ العائلي أو ارتفاع ضغط الدم فقد ترغب عندئذ بالابتعاد عن القهوة”.

من جهة أخرى، وصف الأخصائي في الأمراض القلبية ورئيس قسم العلوم الفيزيولوجية في مستشفى ألفريد في مدينة ملبورن الأسترالية بيتر كيستلر، الدراسة بأنها قوية، ولكنه نوّه بأنها دراسة ذات مدة زمنية قصيرة أُجريت على متطوعين أصحاء. وأضاف بهذا الخصوص: “هذه الدراسة لا توفّر معلومات عن الفوائد أو الآثار السلبية لشرب القهوة على المدى الطويل، أو حول تأثير القهوة عند الأفراد ممن يعانون من حالات صحية، كما استهلك جميع المشاركين بالدراسة كميات متساوية من القهوة والتي قُدّرت بكونها متواضعة وقد تكون غير كافية لدراسة مجمل التأثيرات”.

كيف أثّر تناول القهوة في نوعية نوم المشاركين؟

تنص النتائج التي توصلت إليها الدراسة على أن تناول فنجان من القهوة على الأقل يومياً يؤدي إلى نوم أقل، حيث حصل المشاركون ممن تناولوا القهوة على نوم أقل بمقدار 36 دقيقة عن الآخرين الذين لم يتناولوها.

من غير المستغرب أن يرتبط تناول القهوة بقلة النوم، ولكن هناك جانباً وراثياً محتملاً أيضاً لهذه النتيجة، إذ جمع الباحثون عينات من الحمض النووي للمشاركين وخاصة ممن أبدوا انخفاضاً كبيراً في النوم. وقد أظهر أن هؤلاء الأفراد كانت لديهم متغيرات جينية مرتبطة باستقلاب بطيء للكافيين، ما يحافظ على تأثيرات الكافيين لمدة أطول في الجسم.

وبالوقت نفسه وُجدت متغيرات جينية مرتبطة بزيادة تحفيز عملية التمثيل الغذائي عند الأفراد ممن عانوا من خوارج انقباض، الأمر الذي يوجّه إلى أن النهج الفردي أو تأثير العامل الفردي يؤدي دوراً مهماً في تحديد تفاعل الجسم مع الكافيين، بل قد يكون الطريقة الأكثر ملاءمة لتحديد وتفسير تأثيرات القهوة والكافيين على الصحة.

اقرأ أيضاً: القهوة بكل أنواعها تقي من أمراض الكبد وتخفض خطر الوفاة

تأثير استهلاك القهوة في معدل النشاط والأداء

وجد المؤلفون أنه في الأيام التي تناول فيها المشاركون القهوة ازداد عدد خطواتهم في اليوم إلى 1058 خطوة بشكلٍ وسطي، وكانت هذه الزيادة واضحة بشكلٍ أكبر عندما قُورنت بالأيام التي امتنعوا فيها عن استهلاك الكافيين، كما أعطى تناول القهوة دافعاً أكبر لمَن أراد ممارسة الرياضة وحسّن جودة الأداء بمجرد بدء الحركة، وذلك لكون القهوة تحفّز نشاط الجهاز العصبي الودي الذي بدوره يعزز إفراز الأدرينالين.

وقال ماركوس بهذا الخصوص: “القهوة هي أكثر الأدوية شيوعاً لتحسين اليقظة، فالأفراد الذين يشربون القهوة يكونون أقل تعباً وهذا ليس بالضرورة أمراً سلبياً”. وأضاف: “لكن ينبغي ألا يعتمد الأفراد على تناول مشروبات الطاقة أو جرعات عالية من الكافيين كوسيلة لتعزيز التدريبات لمجرد ذلك، حيث يرتبط استهلاك الجرعات العالية بطيفٍ واسع من الاضطرابات”.

اقرأ أيضاً: لماذا قد نشرب القهوة ثم ننام؟

ماذا يعني هذا لشاربي القهوة؟

النتائج لا تشير إلى أن استهلاك القهوة باعتدال ذو مخاطر صحية تقتضي أن يتوقف الناس عن شربها تماماً، وذلك دون وجود خطر أي أمراض قلبية أو عوامل خطر مثبتة للإصابة بها. فكما ذكر الطبيب ماركوس، يؤدي النهج الفردي دوراً لا يقل أهمية عن سواه، لهذا السبب إن كانت القهوة تقلقل نومك فقلل منها وإن كانت تسبب لك أعراض خفقان قلبي فقلل منها أيضاً، أمّا إن كانت القهوة إضافة إيجابية ليومك، كمشروب تستمتع به ويعزز يقظتك ويُحسّن نوعية أدائك، فهذا أمرٌ جيد، والأهم أن تحرص ألا تعتمد عليها كمصدر وحيد يمكن أن يقدّم لك دفعة الطاقة هذه.