قدرة بطيئات المشية على ترميم تلف حمضها النووي قد تساعد على ابتكار علاجات جديد للسرطان

2 دقيقة
اكتُشفت بطيئات المشية أول مرة في القرن الثامن عشر، ومن المعروف أنها تعيش في بعض من أكثر بيئات الأرض قسوة. مكتبة الصور العلمية/غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أبهرت حيوانات بطيء المشية المجهرية العلماء بقوتها المذهلة منذ اكتشافها أول مرة في عام 1773. تستشعر هذه الحيوانات الوقت المناسب للسبات والدخول في حالة الجفاف في ظل الظروف القاسية. تستطيع بطيئات المشية تحمل مستويات خطرة من الإشعاع، وقد تكمن آلية مفاجئة تتعلق بالحمض النووي وراء هذه القدرة.

ترميم الحمض النووي لبطيئات المشية بعد تعرضها للإشعاع

يزداد نشاط عملية ترميم الحمض النووي لدى هذه الحيوانات عند تعرضه إلى الإشعاع القاتل بهدف إصلاح الحمض النووي التالف. وُصفت المكتشفات الجديدة في دراسة نُشرت بتاريخ 12 أبريل/نيسان 2024 في مجلة كارنت بايولوجي (Current Biology). قال عالم الأحياء في جامعة كارولاينا الشمالية في مدينة تشابل هيل والمؤلف المشارك لدراسة، بوب غولدستين، في بيان: “فاجأنا ما اكتشفناه؛ إذ تتّبع بطيئات المشية سلوكاً لم نكن نتوقعه”.

قدرة التعرّض المفرط إلى الإشعاع على إتلاف الحمض النووي هي من المخاطر العديدة له. يرتبط تلف الحمض النووي الناجم عن الإشعاع المفرط بأمراض مثل السرطانات المختلفة وأمراض القلب والشرايين لدى البشر. تستطيع بطيئات المشية، المعروفة أيضاً باسم “دببة الماء”، تحمّل كميات مذهلة من الإشعاع. اكتشف الباحثون في عام 1963 أول مرة أن هذه الحيوانات تستطيع تحمّل إشعاع تبلغ شدّته 1,400 ضعف من الإشعاع الذي يستطيع البشر تحمّله. والآن، اكتشف العلماء معلومات جديدة حول الآلية المسؤولة عن ترميم التلف الناجم عن الإشعاع في الحمض النووي لبطيئات المشية.

اقرأ أيضاً: لماذا فاز مبتكرا لقاح الحمض النووي الريبي المرسال بجائزة نوبل للطب؟

كيف تتحمل بطيئات المشية الإشعاع؟

استخدم فريق من جامعة كاليفورنيا في مدينة تشابل هيل في الدراسة الجديدة طرقاً مخبرية طُوّرت على مدى ربع القرن الأخير لتحديد الآليات الوراثية الداخلية التي تطبقها بطيئات المشية لتحمّل التعرض للإشعاع. درس الباحثون نوعاً من بطيئات المشية يحمل اسم “هبسيبيوس إكسيمبلارس (Hypsibius exemplaris)، وهو نوع لا يتمتع بمقاومة لتلف الحمض النووي الناجم عن الإشعاع؛ لكنه يستطيع ترميم هذا النوع من الضرر الجسيم.

تسخّر خلايا هذا النوع عندما تتعرض إلى الإشعاع قدرات مئات الجينات لتركيب بروتينات جديدة تُستخدم لترميم الحمض النووي. ترفع هذه البروتينات معدل ترميم الحمض النووي إلى مستويات وصفتها عالمة الأحياء والمؤلفة المشاركة للدراسة، كورتني كلارك-هاكتل، بأنها “هائلة”؛ إذ قالت في بيان صحفي: “تستجيب هذه الحيوانات إلى الإشعاع بدرجة مذهلة، ويبدو أن هذا هو سر قدرتها العالية على البقاء على قيد الحياة.

تطوير طرائق جديدة لحماية الحيوانات والكائنات الدقيقة الأخرى من الإشعاع الضار

يمكن أن تؤدي المعلومات التي نتعلمها عن كيفية تحمّل بطيئات المشية للإجهاد الإشعاعي إلى تطوير طرائق جديدة لحماية الحيوانات والكائنات الدقيقة الأخرى من الإشعاع الضار. مع انتهاء العمل على الدراسة الجديدة، اكتشف فريق من العلماء من فرنسا نتائج مشابهة في تجاربهم. اكتشف الباحثان في متحف التاريخ الطبيعي في باريس، جان-بول كونكورديه وآن دو سيان، وزملاؤهما أنه على الرغم من أن أشعة غاما مزّقت الحمض النووي لبطيئات المشية، فإنها لم تتسبب بموتها. اكتشف هؤلاء أيضاً بروتيناً جديداً لدى هذه الحيوانات يحمل اسم “تي آر دي 1” (TRD1) يحمي الحمض النووي. يبدو أن هذا البروتين يساعد الخلايا البشرية على تحمل الضرر عند حقنه فيها.

اقرأ أيضاً: طرق حماية الحيوانات البرية من الحرّ الشديد

قال كونكورديه لصحيفة نيويورك تايمز إن بروتين تي آر دي 1 قد يتعلّق بالصبغيات ويحافظ على شكلها الصحيح، حتى عندما تبدأ خيوط الكروموسوم بالتلف. قد يؤدي فهم آليات عمل هذه البروتينات إلى تطوير علاجات جديدة للسرطان والاضطرابات الصحية الأخرى التي تترافق مع تلف الحمض النووي. قال كونكورديه: “قد نتمكن من الاستفادة من الآليات التي تطبقها هذه الحيوانات”.