عندما تم الإعلان عن اكتشاف نوع جديد من الأنكيلوصورات، وهو زول كروريفاستاتور (Zuul crurivastator)، أسعد ذلك عشاق السينما في ثمانينيات القرن الماضي نظراً لتشابهه مع الوحش زول (Zuul) الذي ظهر في فيلم «صائدو الأشباح» (Ghostbusters) الكلاسيكي في عام 1984. يعني اسم هذا الديناصور "زول، مدمّر السيقان"، وهو يشير إلى ذيله الذي يبلغ طوله 3 أمتار والذي استُخدم على الأرجح لتحطيم أرجل التيرانوصورات ثنائية الأرجل مثل التيرانوصور ركس.
والآن، وجد العلماء من متحف أونتاريو الملكي ومتحف عصر ما قبل الميلاد الملكي ومتحف ولاية نورث كارولينا للعلوم الطبيعية أدلة جديدة على الطريقة التي استخدمت فيها هذه الديناصورات المدرعة ذيولها، تم نشر الدراسة التي ألّفها العلماء بتاريخ 7 ديسمبر/ كانون الأول 2022 في مجلة رسائل في علم الأحياء.
اقرأ أيضاً: اكتشاف انقراض جديد سمح للديناصورات بالاستيلاء على الأرض
زول كروريفاستاتور
وصفت الدراسة أحفورة مكتملة تعود لأحد أفراد النوع زول كروريفاستاتور محفوظة في متحف أونتاريو الملكي وتحتوي على نتوءات على طول جوانبها. من الواضح أن هذه النتوءات تكسّرت والتأمت مجدداً عندما كان الديناصور حياً. اعتقد العلماء أن هذه الكسور نتجت عن ضربة سددها فرد آخر من نفس النوع باستخدام هراوة ذيله الكبيرة.
يقترح فريق العلماء في الدراسة الجديدة أن الأنكيلوصورات اتبعت سلوكيات اجتماعية معقدة، إذ إنه من المحتمل أنها تعاركت مع بعضها لفرض هيمنتها المناطقية والمجتمعية. من المحتمل أيضاً أن هذه الحيوانات مرت في ما يدعى بموسم التهيّج الذي تمر فيها العديد من الحيوانات المعاصرة مثل الغزلان والأيائل. طوّرت الحيوانات التي تعيش اليوم، مثل الغزلان والظباء، أسلحة متخصصة كالقرون لاستخدامها في محاربة الأفراد الآخرين من نفس النوع في أغلب الأحيان بهدف السيطرة على المناطق أو التزاوج مع الإناث.
عاش هذا الديناصور آكل النبات في جميع أنحاء الولايات المتحدة وكندا خلال أواخر العصر الطباشيري، منذ نحو 74-67 مليون سنة. تم العثور على الهيكل العظمي للديناصور المستخدم في الدراسة الجديدة في تكوين نهر جوديث الشهير الغني بالأحافير في شمال ولاية مونتانا الأميركية.
في البداية، تم استخراج جمجمة زول وذيله من الصخور المحيطة، بينما بقي جسده محاطاً بنحو 16 ألف كيلوغرام من الأحجار الرملية. تم استخراج جثة هذا الديناصور بالكامل بعد سنوات من العمل. وكانت معظم قطع الجلد والدروع العظمية في جميع أنحاء ظهره سليمة. منح ذلك العلماء فكرة واضحة لشكل هذا الديناصور عندما جاب الأرض.
كان جسم زول مغطى بصفائح عظمية ذات أشكال وأحجام مختلفة، وكانت تلك الموجودة على جانبي جسمه كبيرة ومليئة بالنتوءات بشكل خاص، كانت أطراف بعض النتوءات بالقرب من فخذي الديناصور مفقودة، ويبدو أن العظام والأغماد القرنية التأمت وأخذت شكلاً أقل حدّة. يعتقد فريق المؤلفين أن الأنماط الظاهرة في هذه الإصابات نتجت عن معارك طقسية بين الأنكيلوصورات أو مبارزات باستخدام هراوات الذيل. بالإضافة إلى ذلك، من غير المرجح أن هذه الإصابات نتجت عن هجوم أحد المفترسات مثل التيرانوصور ركس، وذلك بسبب موقعها في العمود الفقري.
كيف استخدمت الأنكيلوصورات ذيولها؟
قالت أمينة علم الحفريات في متحف عصر ما قبل الميلاد الملكي والمؤلفة المشاركة للدراسة الجديدة، فيكتوريا أربور (Victoria Arbour)، في بيان صحفي: "لقد كنت مهتمة بالطريقة التي تستخدم فيها الأنكيلوصورات هراوات ذيولها لسنوات. ويمثّل ما اكتشفناه مؤخراً دليلاً جديداً يساعدنا على حل هذا اللغز"، وأضافت: "نعلم أن الأنكيلوصورات يمكنها استخدام هراواتها لتوجيه ضربات قوية جداً لخصومها، لكن اعتقد معظم العلماء أن هذه الحيوانات تستخدم ذيولها لمحاربة الحيوانات المفترسة فقط. ولكن من المحتمل أن الأنكيلوصورات مثل زول قاتلت بعضها بعضاً أيضاً".
اقرأ أيضاً: كيف يعرف العلماء حجم ديناصور انقرض منذ ملايين السنين؟
كان النصف الخلفي من ذيل الأنكيلوصور المدروس صلباً، وكان طرفه مغطى بنقط عظمية ضخمة، ما جعل الذيل سلاحاً قوياً جداً يشبه المطرقة. تبيّن الدراسة الجديدة أنه من المحتمل أن الهراوات الذيلية استخدمت في المعارك بين أفراد النوع الواحد وكذلك للدفاع ضد الحيوانات المفترسة الأكبر حجماً، كما تبين أن هذا الصراع الداخلي أثر بشكل كبير في تطور النوع.
قال أمين علم الحفريات الفقارية في متحف أونتاريو الملكي والذي يشغل كرسي تيميرتي في هذا المتحف، ديفيد إيفانز (David Evans)، في بيان صحفي: "يساعد حفظ جلد ودروع هذا الحيوان العلماء في تشكيل صورة واضحة عن شكله عندما كان حياً. بالإضافة إلى ذلك، تساعد الإصابات التي تعرض لها هذا الديناصور خلال حياته في استنتاج سلوكه وطرائق تفاعله مع الحيوانات الأخرى في بيئته القديمة.