هل تستطيع الفئران التعرّف على نفسها في المرآة مثل الإنسان؟ دراسة حديثة تجيب

3 دقيقة
هل تستطيع الفئران التعرّف على نفسها في المرآة مثل الإنسان؟ دراسة حديثة تجيب
فأرة تنظر إلى مرآة في أثناء تجربة لدراسة سلوك إدراك الذات. مجلة نيورون/يوكوسيه وآخرون.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

قد تكون الفئران واحدة من مجموعة صغيرة فقط من الثدييات التي تستطيع التعرّف على نفسها في المرآة.

أجرى فريق من الباحثين تقييماً لدرجة الوعي يحمل اسم اختبار المرآة على مجموعة من فئران المختبر. وتشير الدراسة التي نشرت بتاريخ 5 ديسمبر/كانون الأول 2023 في مجلة نيورون (Neuron) إلى أن مجموعة من هذه الفئران تتبع سلوكاً يشبه سلوك التعرف على الذات وقد تكون قادرة على تمييز نفسها عن الفئران الأخرى.

ما دلالات اختبار المرآة؟

بيّنت الدراسات السابقة أن الثدييات، ومنها البشر والقردة العليا والشمبانزي والفيلة والدلافين، أظهرت علامات تشير إلى قدرتها على التعرّف على انعكاساتها في المرايا. أظهرت أسماك اللبروس المنظِّفة وطيور العقعق الأوراسية ذات الأدمغة الكبيرة القدرة نفسها في دراسات أخرى. (مع ذلك، واجه اختبار المرآة انتقادات تشكك في كفاءته في قياس الوعي الذاتي، كما أنه يمكن أن يعطي نتائج سلبية كاذبة عند اختبار أطفال البشر).

اقرأ أيضاً: بعد إبطاء عجلة الشيخوخة عند الفئران: هل سيتمكن العلماء من إعادة عقارب الساعة للوراء عند البشر؟

وضع العلماء من المركز الطبي الجنوبي الغربي التابع لجامعة تكساس في مدينة دالاس في الدراسة الجديدة علامة على جباه الفئران ذات الفراء الأسود على شكل بقعة من الحبر الأبيض، وعلى شكل بقعة من الحبر الأسود على الفئران ذات الفراء الأبيض.

لاحظ الباحثون أن الفئران تقضي وقتاً أطول في تنظيف رؤوسها أمام المرآة، وافترضوا أنها تحاول إزالة بقع الحبر. مع ذلك، يحذّر الفريق من أن هذه النتائج لا تعني أن الفئران واعية ذاتياً تماماً. الفئران الوحيدة التي أظهرت هذا السلوك الذي يشبه التعرّف على الذات هي التي كانت معتادة بالفعل على المرايا، والتي تفاعلت مع حيوانات أخرى تشبهها، وتلك التي كانت بقع الحبر على جباهها كبيرة نسبياً.

قال الطبيب النفسي والمؤلف المشارك للدراسة الجديدة، جون يوكوسيه، في بيان صحفي: “احتاجت الفئران إلى إشارات حسية خارجية بليغة التأثير لاجتياز اختبار المرآة؛ إذ إننا اضطررنا إلى وضع كمية كبيرة من الحبر على رؤوسها. وأيضاً، يمكّن التحفيز اللمسي الناجم عن الحبر هذه الحيوانات من كشف وجود الحبر على رؤوسها في المرآة. في المقابل الشمبانزي والإنسان لا يحتاجان إلى أي من هذه المحفزات الحسية الإضافية”.

بعد ذلك، استخدم الفريق تقنية رسم الخرائط الجينية لتحديد مجموعة فرعية من العصبونات الموجودة في الحصين تؤدي دوراً في تشكيل الصور الذاتية البصرية وتخزينها.

وفقاً للباحثين، توفّر أنماط الدماغ هذه فهماً أولياً للآليات العصبية المسؤولة عن التعرّف على الذات. كان كشف هذا النشاط صعباً في الأبحاث حول السلوك العصبي. قال عالم الأعصاب والمؤلّف المشارك للدراسة، تاكاشي كيتامورا، في بيان صحفي: “تشكّل الأدمغة لتكوين ذاكرة عرضية للأحداث في حياتنا اليومية على سبيل المثال المعلومات حول الموقع المرتبط بالذاكرة والعناصر المرتبطة بها والأشخاص المرتبطين بها والزمن المرتبط بها وتخزّنها، والعنصر الأهم هو المعلومات الذاتية أو ما يدعى الحالة. يفحص الباحثون عادة كيف يرمّز الدماغ المعلومات المتعلقة بالأشخاص الآخرين أو يتعرّف عليهم، لكن جانب المعلومات الذاتية غير مدروس بما يكفي”.

عصبونات ذاتية الاستجابة

لاحظ الباحثون أن العصبونات في حصين كل فأرة تُنشّط عندما تتبع الفئران السلوك الشبيه بالتعرف على انعكاساتها في المرآة. قد يؤدي التفاعل الاجتماعي دوراً رئيسياً في ظهور سلوكيات التعرف على الذات لدى الفئران. لم تتعزّز سلوكيات العناية الشخصية لدى الفئران الأكثر عزلة اجتماعياً في أثناء اختبار المرآة والحبر.

يقول كيتامورا: “أعيد تنشيط مجموعة فرعية من هذه العصبونات الذاتية الاستجابة عندما رأت الفئران الأفراد الآخرين من السلالة نفسها. يتوافق ذلك مع نتائج الدراسات البشرية السابقة التي بيّنت أن بعض خلايا الحصين ينشط عندما ينظر الشخص إلى أشخاص مألوفين مثل أحد الوالدين وليس فقط عندما ينظر إلى نفسه”.

اقرأ أيضاً: دراسات جديدة تبين الأهمية الكبيرة لهذه المنطقة من دماغ الإنسان

يخطط الفريق في الدراسات المستقبلية إلى التمييز بين دور المحفزّات البصرية وتلك اللمسية مثل الحبر لتحديد إن كانت الفئران قادرة على كشف التغييرات في انعكاسها دون هذه المحفّزات. يمكن تحقيق ذلك باستخدام تكنولوجيا مشابهة لفلاتر الصور الرائجة مثل تلك التي تُستخدم لإضافة آذان الأرانب المزيفة على الصور في وسائل التواصل الاجتماعي.

يخطط الفريق أيضاً إلى دراسة دور مناطق أخرى من دماغ الفئران في التعرّف على الذات، وتحديد إن كانت هذه المناطق تتشارك المعلومات. يقول يوكوسيه: “بعد تطوير هذا النموذج الخاص بالفئران، يمكننا الآن التحكّم في النشاط العصبي أو مراقبته لإجراء تحقيق شامل في آليات الدارات العصبية المسؤولة عن تحفيز السلوك الشبيه بالتعرف على الذات لدى الفئران”.