تواجه الحيوانات التي تعيش بالقرب من السواحل عواقب ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض مع زيادة حدة العواصف وارتفاع مستويات سطح البحر وارتفاع درجات الحرارة المتطرف. في حين أن بعض الأنواع، مثل الأسماك والطيور، قد تستطيع الهرب نحو المناطق القطبية غالباً، فإن العديد من الكائنات البحرية يفتقر إلى القدرة على التنقل أو حتى الابتعاد بسرعة عن الخطر.
كيف تتكيف الكائنات الشاطئية بطيئة الحركة؟
يدرك العلماء منذ فترة طويلة أن الكائنات الساحلية التي تتمتع بقدرة أكبر على الحركة، مثل السرطانات، تستطيع اتخاذ خطوات للتحكم بدرجة حرارة جسمها في الطقس الحار من خلال الانتقال إلى شقوق أبرد، لكن الكائنات التي لا تستطيع التحرك بنفس القدر، مثل البرنقيل والبطلينوس، ليس لديها خيار سوى التعامل مع الحرارة باستخدام أي وسيلة ممكنة.
مع تزايد تواتر موجات الحر، شعرت عالمة البيئة في جامعة ولاية سان دييغو في كاليفورنيا، ليلي ماكنتاير، بالفضول لمعرفة أين تُمضي الكائنات التي تعيش في نطاق المد والجزر وقتها في الأيام الحارة وتأثير ذلك في درجة حرارتها الداخلية.
أمضت ماكنتاير السنوات القليلة الماضية في إنتاج نماذج لمجموعة من الحيوانات التي تعيش في نطاق المد والجزر باستخدام راتنج الإيبوكسي، بدءاً من السرطانات السريعة الحركة مروراً بالقواقع والبطلينوسات الأبطأ وانتهاءً بالحيوانات الثابتة مثل البرنقيل، ثم نشرتها على شاطئ شمال كاليفورنيا وأرفقتها بأجهزة تسجيل درجة الحرارة، علماً أنها صممت النماذج على نحو يمكّنها من رفع حرارتها وخفضها بنفس معدل الكائنات الحقيقية. ثم راقبت الأماكن التي تُمضي فيها الحيوانات الحقيقية وقتها واستخدمت النماذج التي وضعتها في أماكن قريبة لتحديد حرارتها الداخلية، فكوّنت فكرة حول تعامل هذه الكائنات الساحلية الصغيرة مع ارتفاع درجة الحرارة في محيطها.
اقرأ أيضاً: هل ساعد تغيّر المناخ الديناصورات في الهيمنة على الأرض؟
عرضت ماكنتاير البيانات الأولية في مؤتمر علمي عُقد مؤخراً، ووضّحت أن الكائنات التي تتحرك بسرعة أكبر تستطيع الحفاظ على درجة حرارة أجسامها الداخلية في الأيام الحارة من خلال اللجوء إلى المناطق الأبرد، بينما تتعرض الكائنات الأقل قدرة على الحركة للشمس وبالتالي ترتفع حرارة أجسامها الداخلية. وكشفت تجارب ماكنتاير أيضاً عن أن الكائنات الأبطأ تحافظ على درجة حرارة داخلية تقارب 15 درجة مئوية في الأيام الغائمة، في حين يمكن أن ترتفع درجة حرارتها الداخلية في الأيام الحارة المشمسة إلى نحو 30 درجة مئوية.
تقول ماكنتاير إنه من غير الواضح تماماً كيف تتعامل الحيوانات مع الأيام الشديدة الحرارة، كما كان الحال عليه في أثناء القبة الحرارية التي أثرت في شمال غرب المحيط الهادئ عام 2021 بدرجات حرارة تجاوزت 40 درجة مئوية، إذ لم تتضمن تجاربها مثل هذه الظروف كما تقول.
نتائج مفاجئة: الحيوانات الأسرع قد لا تتكيف على المدى الطويل
مع ذلك، تقول ماكنتاير إن الكائنات الأسرع، مثل السرطانات، قد تكون أسوأ حالاً من الكائنات الثابتة في الطقس الشديد الحرارة، وذلك لأنه في حين يمكن للكائنات السريعة الحركة البحث عن مأوى يقيها الحر الشديد، فمن المرجح أن تكون الأنواع الثابتة قد طورت آليات فيزيولوجية أكثر تقدماً للتكيف مع درجات الحرارة المتطرفة.
على سبيل المثال، يحتوي العديد من القواقع وبلح البحر على بروتينات الصدمة الحرارية التي تساعدها على التكيف مع الإجهاد الحراري من خلال حماية البروتينات الأخرى المهمة في جسمها، لكن ماكنتاير تقول إن هذا التكيف مع درجات الحرارة الشديدة محدود.
اقرأ أيضاً: المفترسة حية ترزق: الحيوانات العاشبة الأكثر عرضة لخطر الانقراض
يتوقع عالم البيئة البحرية في الجمعية الإسكتلندية لعلوم البحار والذي لم يشارك في مشروع ماكنتاير، مايكل بوروز، أنه مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة العالمية، لن يتاح للكائنات الساحلية القادرة على التنقل وقتاً كافياً للصيد والتغذية، بينما ستختفي الكائنات الأبطأ، مثل البرنقيل، من المناطق الأدفأ من الشريط الساحلي. ويحذر من أن ذلك قد يؤدي في النهاية إلى اختفاء المستويات الدنيا من السلسلة الغذائية، ما يمكن أن يسبب عواقب بيئية أوسع.