هل يرتبط نشاطنا الصباحي بكافيين القهوة أم بتجربة شربها بحد ذاتها؟

تناول القهوة بحد ذاته يمكن أن يحفّز الدماغ مثل الكافيين
تلقي مسوحات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفية نظرة على تأثير تناول فنجان من القهوة صباحاً في الدماغ. ديبوزيت فوتوز

من المبتذل القول إنه من المستحيل أن نتمكن من أداء وظائفنا قبل شرب أول فنجان قهوة في الصباح؛ ولكن هل ينشّطنا البن بالفعل كما نعتقد؟

وجدت دراسة نُشرت بتاريخ 28 يونيو/ حزيران 2023 في مجلة "فرونتيرز إن بيهيفيورال نيورو ساينس" (Frontiers in Behavioral Neuroscience) وألّفها فريق مقرُّه البرتغال، أن التجربة المتمثّلة في شرب القهوة قد يكون لها تأثير شبيه بتأثير الدواء الوهمي (تأثير البلاسيبو) إلى حد ما عندما يتعلق الأمر بجعل شاربي القهوة يشعرون بأنهم مستعدون لخوض النهار.

كافيين القهوة وتجربة شربها صباحاً

يقول معظم شاربي القهوة إن شرب القهوة في الصباح يجعلهم يشعرون بمزيد من اليقظة والكفاءة بسبب الكافيين فيها. نظرت هذه الدراسة في تجارب شاربي القهوة للتوصل إلى فهم أعمق حول ما إذا كان شعور اليقظة هذا يعتمد على خصائص الكافيين نفسه، أو يتعلق بالتجربة المتمثلة في شرب أول رشفة لذيذة.

قال عالم الأعصاب في جامعة مينيو والمؤلف المشارك للدراسة، نونو سوزا، في بيان صحفي: "هناك توقع شائع بأن القهوة تزيد اليقظة وتعزز الأداء النفسي الحركي. عندما نتوصل إلى فهم أعمق للآليات الكامنة وراء ظاهرة حيوية، سيفتح ذلك المجال لاكتشاف العوامل التي يمكن أن تؤثّر فيها والفوائد المحتملة لهذه الآلية أيضاً".

اقرأ أيضاً: مخاطر أقل للقلب: الفوائد الصحية لشرب القهوة المعتدل

شملت الدراسة المشاركين الذين يشربون كوباً واحداً على الأقل من القهوة يومياً، وطلب المؤلفون من هؤلاء عدم تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين لمدة 3 ساعات على الأقل قبل الدراسة. أجرى المؤلفون بعد ذلك مقابلات مع المشاركين وأخضعوهم لعمليتَيّ تصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي سريعتَين. أُجري المسح الأول قبل تناول الكافيين، أو تناول كوب قياسي من القهوة، بينما أُجري الثاني بعد ذلك بـ 30 دقيقة، وطُلب من المشاركين الاسترخاء والشرود في أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي. تشبه عملية التصوير هذه التصوير بالرنين المغناطيسي التقليدي؛ لكنها تفحص نشاط الدماغ والطريقة التي يؤدي بها وظائفه.

انخفاض الاتصال في شبكة الوضع الافتراضي بعد تناول القهوة

توقّع الفريق في البداية أن يبيّن التصوير أن أولئك الذين شربوا القهوة تمتّعوا بتكامل بدرجة أعلى في جزأَين من الدماغ بسبب التفاعلات الكيميائية العصبية المعروفة التي يؤديها الكافيين. واعتقد المؤلفون أنهم سيلاحظوا آثار هذه التفاعلات في كل من الشبكات الدماغية المرتبطة بقشرة الجبهة الأمامية حيث تتشكّل الذاكرة التنفيذية، وشبكة الوضع الافتراضي التي تتعلق بتأمّل النفس والتأمّل الذاتي.

بيّنت الفحوصات أن الاتصال في شبكة الوضع الافتراضي انخفض بعد شرب القهوة وبعد تناول الكافيين، ويشير هذا إلى أن تناول أيٍّ من المادتين يحضّر المزيد من الأشخاص للانتقال من حالة النوم المريحة إلى الاستيقاظ والبدء بإنجاز المهام اليومية.

شرب القهوة للشعور باليقظة

مع ذلك، أدى شرب القهوة إلى زيادة الاتصال في الشبكة البصرية العليا وشبكة التحكّم التنفيذية اليمينيّة، وتؤدي هذه الأجزاء من الدماغ دوراً في الذاكرة العاملة والتحكم الإدراكي والسلوك الموجه نحو الهدف. لم تحدث هذه الزيادة في الاتصال العصبي عندما تناول المشاركون الكافيين فقط، ووفقاً للباحثين؛ يعني هذا أنه إذا أردت أن تشعر باليقظة وبأنك مستعد للنشاط، فإن تناول الكافيين وحده ليس كافياً، وعليك شرب القهوة أيضاً.

قالت عالمة الأعصاب في جامعة جاوميه الأول والمؤلفة المشاركة للدراسة الجديدة، ماريا بيكو-بيريز، في بيان صحفي: "بتعبير بسيط، كان المشاركون أكثر استعداداً لممارسة النشاط وأكثر يقظة للمنبهات الخارجية بعد تناول القهوة. من المتوقّع أن تكون للمشروبات الأخرى التي تحتوي على الكافيين تأثيرات مشابهة؛ وذلك لأن بعض التأثيرات التي لاحظناها ولّدها الكافيين. مع ذلك، نشأت التأثيرات الأخرى عن شرب القهوة فقط، وتعلّقت بعوامل مثل رائحة المشروب وطعمه، أو التوقعات النفسية المرتبطة بتناول هذا المشروب لدى المشاركين".

اقرأ أيضاً: القهوة بكل أنواعها تقي من أمراض الكبد وتخفض خطر الوفاة

فوائد عصبية لتجربة شرب القهوة

يشير المؤلفون إلى أنه من المحتمل أن التجربة المرتبطة بشرب القهوة المنزوعة الكافيين هي التي تولّد الفوائد العصبية. لم يتمكّن الباحثون من التمييز بين تأثيرات تجربة الشرب وحدها والتأثير المشتركة لتجربة الشرب وتناول الكافيين.

قال سوزا منبّهاً: "درسنا التغيرات في الاتصال العصبي خلال سلسلة من حالات الراحة. أُوِّل أي ارتباط بالعمليات النفسية والمعرفية بناءً على الوظيفة المشتركة المنسوبة إلى المناطق والشبكات المدروسة، ولم يُختبر مباشرةً. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تكون هناك اختلافات فردية في عملية استقلاب الكافيين بين المشاركين، وستكون دراستها مثيرة للاهتمام في المستقبل.

المحتوى محمي