في عالم مثالي، سنستيقظ جميعنا في الصباح ونحن نشعر بالانتعاش والاستعداد لمواجهة اليوم. ولكن إذا كنت مثلي، فإنك بالكاد تستطيع فتح عينيك عندما ينطلق المنبه، ويبدو أن سريرك يمارس جاذبية مغناطيسية قوية على جسمك.
إليك حيلة دورة النوم التي تستغرق 90 دقيقة، والتي تعد بمساعدتك على الاستيقاظ وأنت تشعر بالنشاط. تكمن الفكرة في ضبط وقتي نومك واستيقاظك بحيث تنام على دفعات كل منها 90 دقيقة. وهذا يعني العد التنازلي من وقت استيقاظك المرغوب فيه في مقاطع زمنية مدة كل منها 90 دقيقة للعثور على وقت نومك المثالي. (ثمة العديد من الآلات الحاسبة على الإنترنت التي ستفعل ذلك نيابة عنك) على سبيل المثال، للاستيقاظ في الساعة 7:00 صباحاً، يمكنك الذهاب إلى الفراش في الساعة 10:00 مساء لست دورات مدة كل منها 90 دقيقة (9 ساعات من النوم) أو 11:30 مساء لخمس دورات (7.5 ساعات من النوم).
أصبح هذا التوجه شائعاً جداً على وسائل التواصل الاجتماعي لدرجة أن واحداً من كل 10 بالغين أميركيين تقريباً قد جربه، وفقاً لاستطلاع أجرته الأكاديمية الأميركية لطب النوم عام 2024. ولكن هل هناك أي دليل علمي يدعم "حيلة النوم" هذه؟
ما هو مصدر قاعدة الـ 90 دقيقة؟
تقول المديرة الطبية لمركز النوم بمستشفى سنتارا روكينغهام التذكاري، الدكتورة فوزية صديقي، إن هذا المفهوم يعود إلى خمسينيات القرن الماضي، عندما اكتشف الباحثون أن النوم يحدث في شكل دورات (أطلقوا عليها اسم الدورات فوق اليومية). ينتقل دماغك وجسمك من المرحلتين الخفيفتين الأولى والثانية من النوم، إلى المرحلة الثالثة العميقة من النوم، تليها فترة من نوم حركة العين السريعة (REM) المرافقة للأحلام، قبل أن تبدأ الدورة مرة أخرى.
يعد النوم الخفيف بمثابة مرحلة انتقالية من الاستيقاظ إلى النوم العميق. أما النوم العميق فهو الوقت الذي يصلح فيه جسمك نفسه ويستعيد نشاطه، ويسمح نوم حركة العين السريعة المليء بالأحلام لدماغك بمعالجة المشاعر وترسيخ الذكريات.
تقول الطبيبة المعتمدة في طب النوم ومؤسسة طريقة معتمدة لتحسين النوم، الدكتورة أندريا ماتسومورا، إن دورة النوم الواحدة تستغرق عادة نحو 90 دقيقة. وتضيف: "يكمل معظم الناس من أربع إلى ست دورات في الليلة الواحدة".
إن المنطق الذي تعتمد عليه حيلة دورة النوم مدة 90 دقيقة بسيط: من شأن الاستيقاظ في نهاية الدورة المكتملة، عندما تكون في مرحلة أخف من النوم، أن يجعلك تشعر بالانتعاش أكثر مما لو كنت قد استيقظت من النوم العميق.
لماذا لا تنجح الحيلة دائماً؟
تكمن المشكلة في أن النوم الحقيقي أكثر تعقيداً مما تصفه المراجع التعليمية. وتوضح ماتسومارا أنه بينما يبلغ متوسط دورات النوم نحو 90 دقيقة، يختلف طولها من شخص لآخر.
وحتى لدى الشخص نفسه، لا تدوم دورة النوم دائماً المدة نفسها. وتقول: "تؤثر عوامل مثل التوتر أو الكحول أو المرض أو حتى وقت ذهابك إلى الفراش في دورة نومك، لذا فإن هذه الطريقة لا تضمن لك أن تستيقظ وأنت أقل ترنحاً".
توافق اختصاصية علم نفس النوم الحاصلة على شهادة البورد الأميركي، جايد وو، على أن حيلة دورة النوم مدة 90 دقيقة ليست سليمة من الناحية العلمية. "وتقول: "تختلف مدة دورة النوم باختلاف مقدار النوم الذي تحتاج إليه في تلك الليلة، والهرمونات، والبيئة المحيطة التي تنام فيها، والطعام الذي تناولته، والأفعال التي نفذتها، ومكان وجودك، والموسم الذي أنت فيه، والوقت الذي ذهبت فيه إلى الفراش، ومقدار نومك مؤخراً، وغير ذلك. تقول وو: "لا توجد طريقة للتنبؤ بدورات النوم أو تنظيمها لتكون 90 دقيقة بالضبط".
مع مرور ساعات الليل، تميل دورات النوم إلى أن تصبح أطول، حيث تتراوح دورة النوم الأولى من 70 إلى 100 دقيقة، وتستمر الدورات اللاحقة بين 90 و120 دقيقة.
من الناحية النظرية، تعد حيلة دورة النوم مدة 90 دقيقة بمساعدتك على تجنب الاستيقاظ من المرحلة الثالثة العميقة من النوم، الذي يكون أصعب ويجعلك تشعر بالدوار. ولكن توضح وو أن هذه الحيلة غير منطقية لأن دورات النوم تتغير على مدار الليل. ففي بداية الليل تقضي وقتاً أطول في النوم العميق، بينما تهيمن مرحلة حركة العين السريعة من النوم على الساعات اللاحقة بصورة متزايدة. وتقول: "في الواقع، في النصف الثاني من الليل، لا يحظى الأشخاص الذين ينعمون بنوم صحي عادة بالنوم العميق على الإطلاق، لذا لا ينبغي أن يستيقظ الناس من النوم العميق في الصباح على أي حال".
ما الذي يساعدك حقاً على الاستيقاظ منتعشاً؟
تقول ماتسومورا: "بدلًا من الاعتماد على مثل هذه الحيلة، من الأفضل إعطاء الأولوية لجدول نوم منتظم، بحيث يستيقظ جسمك بصورة طبيعية مع اقتراب نهاية الدورة". وهذا يعني الذهاب إلى الفراش والاستيقاظ في الوقت نفسه، حتى في عطلات نهاية الأسبوع.
تشير الأبحاث إلى أن البالغين الذين تتراوح أعمارهم من 18 إلى 65 عاماً يحتاجون إلى ما بين 7 إلى 9 ساعات من النوم، على حد قول صديقي. (هذا إذا لم تكن من القلائل المحظوظين الذين ينامون مدة لا تتجاوز 6 ساعات).
وينصح كل من صديقي وماتسومورا بتجنب الشاشات الإلكترونية قبيل النوم والحفاظ على غرفتك هادئة ومريحة لتوفير ظروف تساعدك في الحصول على نوم أفضل ليلاً. قلل أيضاً مسببات اضطراب النوم مثل الكافيين في المساء وتجنب الكحول.
تقول وو إنه من الطبيعي أن تشعر بالدوار مدة 20 إلى 30 دقيقة بعد الاستيقاظ من النوم، حتى مع النوم الصحي. وتقول ماتسومورا إن أشعة الشمس الطبيعية في الصباح يمكن أن تساعدك على التخلص من الترنح. فهي تعيد ضبط ساعتك الداخلية وتعزز اليقظة عن طريق إرسال إشارات إلى دماغك لتقليل الميلاتونين (هرمون النوم) وزيادة الكورتيزول (لليقظة).
إذا استمر الإعياء خلال النهار، توصي وو بإجراء فحص لاضطرابات النوم مثل انقطاع التنفس، ومراجعة الأدوية مع طبيبك، لأن هذه الأدوية يمكن أن تؤثر بشدة في النوم واليقظة خلال النهار.
خلاصة القول
قد تبدو حيلة دورة النوم مدة 90 دقيقة علمية، لكنها لا تصمد أمام التحليل الدقيق. ويتفق الخبراء على أن الحفاظ على عادات النوم الصحية أفضل بكثير من السعي وراء مواعيد النوم المعتمدة على الآلة الحاسبة.