ابتكار ثوري يساعد في الحفاظ على مستقبل الحيوانات المهددة بالانقراض

ابتكار ثوري يساعد في الحفاظ على مستقبل الحيوانات المهددة بالانقراض
طائر كاكابو داخل جحره. يمكن أن تعيش طيور الكاكابو لمدة تصل إلى 90 عاماً، وبسبب عدم قدرتها على الطيران؛ تمشي هذه الطيور على الأرض بحثاً عن الطعام. جيك أوزبورن
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

بدأت طيور الكاكابو النيوزيلندية الغريبة والمهددة بالانقراض بالعودة إلى الجزيرة الرئيسة لأول مرة منذ نحو 40 عاماً. طيور الكاكابو هي أثقل الببغاوات في العالم؛ إذ يصل وزن بعضها إلى 3 كيلوغرامات تقريباً، وتعيش لفترة تصل إلى 90 عاماً. وعلى غرار البطريق والنعام، لا تستطيع طيور الكاكابو الطيران، لذلك؛ تتسلق الأشجار وتبحث في الأرض عن البذور لتتغذى عليها.

طيور الكاكابو مهددة بالانقراض

كانت هذه الطيور الليلية الكبيرة والخضراء منتشرة على نطاق واسع في أنحاء نيوزيلندا جميعها؛ لكن بسبب تعرُّضها للصيد على نحو مكثف، بالإضافة إلى تهديد الحيوانات غير المحلية مثل القطط والكلاب؛ أصبحت معرضة لخطر الانقراض. في مقال نُشر في شهر أبريل/ نيسان عام 1895، وصفت مجلة بوبيولار ساينس هذه الطيور الخضراء الغريبة بأنها على وشك الانقراض.

تعمل إدارة المحافظة على البيئة والتنوع البيولوجي في نيوزيلندا (DOC) بالتعاون مع قبيلة ناي تاهو (Ngāi Tahu)، التي تسكن في الجزيرة الجنوبية، على حماية نحو 250 طائراً متبقياً في 5 جزر خالية من الحيوانات المفترسة.

الآن، أصبحت منصة الأبحاث جينوميكس آوتيروا (Genomics Aotearoa) تموّل عمليات التسلسل الوراثي العالي الجودة لطيور الكاكابو جميعها تقريباً، وذلك بفضل التطور التكنولوجي في مجال علوم الوراثة في القرن الـ 21. نُشرت نتائج دراسة أولية في 28 أغسطس/ آب في مجلة نيتشر إيكولوجي آند إيفوليوشن (Nature Ecology & Evolution) حول كيفية استخدام هذه التسلسلات الوراثية الكاملة في الحفاظ على حياة هذه الطيور المميزة.

اقرأ أيضاً: كيف يساعد التطفل بعض الأنواع على الانتشار؟

التسلسلات الوراثية لإنقاذ هذه الطيور

لا تقتصر أهمية إنشاء أساليب التسلسل الوراثي على الحفاظ على حياة طيور الكاكابو فحسب؛ بل يمكن أن يسهم ذلك أيضاً في حماية الأنواع الأخرى المهددة بالانقراض في نيوزيلندا وبقية أنحاء العالم.

إن علم الجينوم المتعلق بالحفاظ على التنوع البيولوجي هو جزء من اتجاه متزايد الأهمية في هذا المجال. في عام 2019، استخدم فريق من جامعة سان دييغو وجامعة هاواي (University of Hawaii) تقنية متقدمة لتسلسل الحمض النووي لإنشاء مجموعة جينوم كاملة تقريباً للسلالة الوحيدة المتبقية في جزر هاواي من عائلة الغراب، التي تسمى “آلالا” (alala) أو كورفوس هاوايينسيس (Corvus hawaiiensis). أعطت عملية التسلسل الوراثي دلائل مهمة لعلماء الحفاظ على البيئة والتنوع البيولوجي حول مدى احتمالية الإصابة بالمرض والتنوع الوراثي على مستوى الأفراد والحمل الجيني لسلالة آلالا، وذلك من أجل توجيه سياساتهم بصورة أفضل.

صورة مقرَّبة لإحدى أكبر إناث طائر الكاكابو في نيوزيلندا، تسمَّى "سولستيس" (Solstice)، وتزن غالباً نحو كيلوغرامين. هذا الوزن هو نتيجة تناول الطعام المتوفر في البيئة الطبيعية التي تعيش فيها، دون توفير طعام إضافي لها. حقوق الصورة: إدارة المحافظة على البيئة والتنوع البيولوجي في نيوزيلندا
سولستيس (Solstice) هي إحدى أكبر إناث طائر الكاكابو في نيوزيلندا، وتزن غالباً نحو كيلوغرامين. هذا الوزن هو نتيجة تناول الطعام المتوفر في البيئة الطبيعية التي تعيش فيها، دون توفير طعام إضافي لها. حقوق الصورة: إدارة المحافظة على البيئة والتنوع البيولوجي في نيوزيلندا.

يمكن أن تساعد المعلومات نفسها في الحفاظ على طيور الكاكابو وحمايتها وزيادة أعدادها. أسفر هذا العمل خلال العام الماضي عن نتيجتين مهمتين للغاية. أولاً، قدم لفريق البحث فهماً شاملاً للجوانب البيولوجية لطيور الكاكابو. بالإضافة إلى ذلك، أدى هذا العمل إلى إنشاء سلسلة من العمليات والأدوات والبرامج التي يمكن استخدامها مراراً وتكراراً في أبحاث مختلفة؛ ما يسمح للباحثين الآخرين باستخدام هذه الأساليب بسرعة في أبحاثهم وتعزيز القدرات الجينومية في نيوزيلندا.

اقرأ أيضاً: دراسة جديدة: أعداد الحيوانات تزداد عند عيشها بالقرب من البشر

الاستراتيجيات الوراثية لفهم المشكلات التي تواحه طيور الكاكابو

يقول المستشار العلمي لإدارة المحافظة على البيئة والتنوع البيولوجي للحفاظ على طيور الكاكابو، أندرو ديغبي (Andrew Digby)، في بيان صحفي: “تواجه طيور الكاكابو تحديات مثل المرض وضعف معدل التكاثر. ولذلك؛ من خلال فهم الأسباب الوراثية لهذه المشكلات، يمكن للباحثين العمل على تطوير استراتيجيات وبرامج للمساعدة على حل هذه المشكلات وتخفيف آثارها. يمنحنا ذلك أيضاً القدرة على التنبؤ بعدة أمور؛ مثل نمو صغار الكاكابو، ومدى احتمالية الإصابة بالأمراض؛ ما يغير ممارساتنا الميدانية التي نستخدمها في رعاية هذه الطيور ويساعد على تحسين معدلات بقاء هذه الأنواع”.

يقول ديغبي إن مشروع كاكابو 125″ (Kakapo125+) هو مثال آخر لكيفية استخدام البيانات الوراثية للمساعدة على زيادة أعداد هذه الطيور. ويشير الرقم 125 إلى عدد طيور الكاكابو التي كانت على قيد الحياة عندما بدأ المشروع في عام 2015. يقول ديغبي: “يمكن تطبيق أدوات التعلم الجديدة في مجال الوراثة وتقنيات التعلم الآلي، التي طُوّرت في سياق مشروع الكاكابو، لتحسين إنتاجية الكائنات الحية الأخرى الخاضعة لإدارة الحفاظ على البيئة والتنوع البيولوجي وضمان بقائها”.

اقرأ أيضاً: المفترسة حية ترزق: الحيوانات العاشبة الأكثر عرضة لخطر الانقراض

طوّر عالم الأحياء الدقيقة بجامعة أوتاغو (University of Otago)، جوزيف غولين (Joseph Guhlin) بالتعاون مع فريق دولي من الباحثين، تقنية التسلسل الوراثي التي يمكن أن تكون لها استخدامات أخرى خارج نيوزيلندا.

يقول غولين: “استخدمنا تقنية من جوجل لإنشاء مجموعة بيانات عالية الجودة حول الاختلافات الوراثية لأي من الأنواع المهددة بالانقراض في العالم، ستكون هذه المجموعة من البيانات متاحة للباحثين الذين يرغبون بدراسة طيور الكاكابو في المستقبل، وذلك من خلال إدارة الحفاظ على البيئة والتنوع البيولوجي وقبيلة ناي تاهو”.